مياه ساخنة وطبق من اللازانيا ونزهة على الأقدام يتبعها نوم هانئ، ثم إفطار مع القهوة والحليب والخبز والمربى.
هكذا استيقظ 12 لاجئاً سورياً في حي تراستيفري الصاخب بقلب روما، الحي الذي أصبح موطنهم المؤقت الجديد بعدما عاد بهم البابا فرانسيس من زيارته القصيرة لليسبوس خلال نهاية الأسبوع، وهم 3 عائلات مسلمة نصفهم من الأطفال، حسبما ذكر تقرير نشرته صحيفة الغارديان البريطانية، الثلاثاء 18 أبريل/نيسان 2016.
يقطن اللاجئون مؤقتاً سانت إيديغو، وهي أحد المجمعات الخيرية التي يديرها الفاتيكان، إلى أن ينتهي إعداد إجراءات إقامتهم الممتدة في الفاتيكان.
حلم كبير
واقفاً أمام مركز اللغة الإيطالية الموجود داخل المجمع، روى حسن (31 عاماً) للصحفيين رحلته المروّعة من دمشق إلى ليسبوس، والاندهاش الذي شعر به حين أُخبر بقدومه للمدينة الخالدة.
وأضاف قائلاً "إنه حلم كبير، أعتقد أن جميع اللاجئين في اليونان وربما في مقدونيا أيضاً من حقهم القدوم والإقامة هنا، لا أقصد هنا بالتحديد، بل أقصد دولة آمنة مثل إيطاليا".
واضطر حسن للرحيل من سوريا مع زوجته وولده ذي العامين لأسباب عدة، لكن القشة التي قصمت ظهر البعير واضطرته للرحيل كانت استدعاؤه للخدمة العسكرية.
واستطرد "لم أرد قتل أي شخص، أنا مهندس ولست جندياً، وأنا أحب عملي، لذا اضطررت للهروب من سوريا في ذلك الوقت. أتمنى أن أجد هنا مستقبلاً جديداً، مناسباً لعائلتنا ولوضعنا".
أما رحلة هروبه من سوريا فقد تضمنت احتجازهم في حلب لمدة 7 أيام من قبل تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش)، قبل أن يتمكن من الاتفاق مع أحد المهربين لإيصالهم لتركيا، وبمجرد وصولهم دفعوا لمهرب آخر ليوصلهم لليونان.
حين سُئل حسن عن انطباعاته الأولى عن روما، ابتسم قائلاً: "هذه هي المقابلة السابعة اليوم".
الدين ليس عائقاً
وعبرت سانت إيديغو عن رغبتها في مساعدة عائلات اللاجئين الهاربين من الحرب في سوريا، كما أضافت أن العائلات تم اختيارها لجاهزية أوراقهم.
أما دانييلا بومباي، مديرة خدمات اللجوء في سانت إيديغو، فقد أجابت سؤال أحد الصحفيين عن سبب اختيار رأس الكنيسة الكاثوليكية لعائلات مسلمة، بأن الدين ليس عائقاً في وجه الكوارث الإنسانية.
الآن تبدأ هذه العائلات رحلة جديدة، طلب لجوء لإيطاليا ودروس في اللغة واندماج في الثقافة الجديدة.
بينما يرى أحد طالبي اللجوء، الذي لم يشأ ذكر اسمه، أن هذا الانتقال صعب على معظم اللاجئين في دولة لا تحتوي على خدمات للاجئين الجدد مثل إيطاليا، حيث عبّر العديد من اللاجئين ووكالات المعونة عن إحباطهم نتيجة طول فترات الانتظار التي قد تصل لعامين في إيطاليا، بالإضافة لحظر البحث عن عمل.
في الوقت الراهن ستهتم الجمعية الخيرية التابعة للفاتيكان بحسن وأسرته. وأضاف أحد مسؤولي سانت إيديغو أن تعليم الوافدين الجدد الإيطالية هو أول خطوات الاندماج.
كما أضافت بومباي "تعلم اللغة ضرورة رئيسية للتواصل ولبناء العلاقات وللحياة، فمعرفة اللغة هي مفتاح دخول هذا العالم".
وجاء قرار جلب 3 عائلات من ليسبوس للفاتيكان بعد 8 أشهر من النداء الذي وجّهه فرانسيس لكل الطوائف الدينية عبر أوروبا لاستقبال اللاجئين في أماكن عبادتهم، وقال وقتها للإبراشيات الكاثوليكية إن هذا الأمر سيعتبر عملاً ملموساً للإعداد لعام الرحمة الذي بدأ في ديسمبر/كانون الأول الماضي.
ردود فعل متباينة
كما قال جيانكارلو بيريغو، مدير الجمعية الخيرية المهتمة باللاجئين التابعة للكنيسة، إن 23 ألف لاجي من إجمالي 105 آلاف لاجئ في إيطاليا يجري إيواؤهم في منشآت كنسية تابعة لحوالي 200 من الإبراشيات الكاثوليكية.
أما قدوم السوريين إلى روما فقد قوبل بردود فعل مختلفة، فبينما لم يحمل الإيطاليون أي عداء تجاه العائلات القادمة، إلا أنهم ألمحوا للمشكلات الأوسع نطاقاً التي يجب مناقشتها.
فقالت إحدى العاملات، مشيرة إلى آلاف اللاجئين الذين يخاطرون بحياتهم للوصول للشواطئ الأوروبية: "هؤلاء 12 محظوظاً، قد لا يكون الأمر عادلاً للآخرين، لكنني أرحب بهم، أود مساعدة المحتاجين".
بينما وصف أحد العمال الآخرين المزاج الإيطالي في روما بشأن اللاجئين بأنه "غاضب بعض الشيء"، وقال إن الناس في ترافستيري لا يعادون الأشخاص الذين اختارهم البابا، لكن هناك العديد من المشكلات الأخرى التي لا تتم معالجتها "المشكلة ليست في استضافتهم، بل في إيطاليا ذاتها".
– هذه المادة مترجمة بتصرف عن صحيفة The Guardian البريطانية. للاطلاع على النص الأصلي اضغط هنا.