قليل من الحب.. كثير من الفرح

إن كنت تحيط نفسك بفاشلين وأغبياء يعمِّمون أن لا سعادة بهذا العالم، فلا سعادة بهذا العالم! من أين ستأتي لهذا الرهط؟!السعادة متربطة بأنظمتك الدماغية لتلقّي المكافآت، تجد الناس فرحين يوم تلقّي الراتب! أو في الطريق نحو موعدٍ غرامي.. آخرون قليلٌ من الحشيش! أو قليل من الحب..

عربي بوست
تم النشر: 2016/04/16 الساعة 05:51 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2016/04/16 الساعة 05:51 بتوقيت غرينتش

"كل شخص هو عبد هذا القدر البائس"، كتب رامبو الشاعر الفرنسي لأمّه من عدن بالعاشر من سبتمبر 1884. غير أن قدر رامبو هو ما كان بائساً، فَرغم إشراقاته الشعرية، عجز عن جعلها تنير أيامه.

من أبديرة، 400 سنة قبل الميلاد باليونان، أدرك ديموقريطس أن "شخصية الإنسان هي قدره". فلا حاجة بنا لشعراء حزانى يعممون حالتهم النفسية على الكون! وقد يرجع السبب لخسارة بالقمار، وليس حتى اندفاع مفهومي عن تصوير برودة الجو والجوع.

ريلكه، شاعر ألماني، وبالرغم من النسق الشعري الذي يخيط به الشعراء أردية حزينة وشاحبة للوجود، فقد عبّر عن أن نقص الجمال بحياتك يعود لندائك السيئ، هذا إن اعتبرناه نداءً وليس مجرد صمت أو همسٍ خافت لا يستدعي حتى قطة (ما بالك بحياة من الإثارة!).

استدعِ الجمال والسعادة حتى تأتيك، وإن أردتها بقوة، فاستدعها بقوة! هذه صيغة ريكله.. أما كيف تستدعها؟ إن كنتَ تنظر إجابة على السؤال، فـ"أنت نحس"، "وجه بؤس"، لما لا يحزم أربطة حذائك هذا الذي سيجيبك!

لقد عرّف أرسطو الزمان على أساس الحركة، كيف تنتظر حدوث شيء دون حركة؟ إن كنت تنتظر زرادشت، فلا يخصك هذا الكلام!
قال بيكاسو: "أنا لا أبحث، أنا أجِد". ففي البحث انتظارٌ لتجد أو قد تجد ما لا تنتظره!

فيكتور فرانكل، طبيب نفسي، وجد نفسه بأوشفيتز: السجن الذي إن حدث ووجدت نفسك فيه، فغداً قد يعني أنك ستكون ضمن بعثة نحو المحرقة التي أقامها هتلر! بهذا المكان الكئيب، حيث معدّلات السعادة معدومة، حيث لا تهم الحرية، بل فقط نظرة حانية أو قطعة جبن تضعها بالخبز.. حتى الحب يصبح أغلى من جواهر الألماس.. فمن سيهتم بسجين جائع شبه عارٍ ونتِن. فإن أحبك بهكذا حالة أحدهم، تعرف أنه أحبك بحق، لأنك أنت، لا لشيءٍ آخر!

في مكان قذر هكذا، حين تتعرى طبائع البشر، وإبداؤك ولو قليلاً من الفرح يُعتبر إشارة من إشارات إصابتك بالجنون. أدرك فيكتور أن الناس تنتظر من الحياة، لكن الحقيقة -في نظره- هي أن الحياة تنتظر منك؟ ماذا قدّمت أنت للحياة؟ ماذا فعلته لهذه الحياة التي تنتظر منها أن تقدّم لك؟ أفلا تكون هي تنتظر منك أن تقدّم لها؟

خرج فيكتور فرانكل من السجن، بعد سقوط النازية، فأخرج معه رؤاه واستنتاجاته لعرضِها، أراد أن يقدّمها للحياة!

ظِل شجرة، صديقة فاتنة، وكأس ويسكي محلّي.. تلك هي السعادة لدى الشاعر الفارسي عمر الخيام. "وبالنهاية، يقول فيتزجيرالد، جميعنا بشر.. نسكر بفكرة أن الحب، وحده الحب، قادر على جمع حطامنا". فبالنسبة له "كل الحياة ما هي إلا تقدم نحو -ثم تراجع عن- كلمة واحدة: أحبك".. وحيث هناك حب وإلهام، باعتقاده، أنت لا تكون على خطإ.

إن كنت تحيط نفسك بفاشلين وأغبياء يعمِّمون أن لا سعادة بهذا العالم، فلا سعادة بهذا العالم! من أين ستأتي لهذا الرهط؟!السعادة متربطة بأنظمتك الدماغية لتلقّي المكافآت، تجد الناس فرحين يوم تلقّي الراتب! أو في الطريق نحو موعدٍ غرامي.. آخرون قليلٌ من الحشيش! أو قليل من الحب..

قليل من الحب.. كثير من الفرح…

ملحوظة:

التدوينات المنشورة في مدونات هافينغتون بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

تحميل المزيد