قبل أكثر من أسبوعين تداول الشارع الموريتاني أنباء واردة من منطقة (إينشيري) المنجمية شمال العاصمة نواكشوط تفيد بظهور عينات من الذهب الخالص فوق سطح الأرض، وتمكن العديد من المواطنين من استخراج بعضها، وهو ما تسبب في موجة زحف نحو الشمال سعيا للحصول على بعض الذهب.
أول قرار للسلطات الإدارية والأمنية بموريتانيا كان إيقاف حركة الهجرة إلى "الذهب" وصد مئات الشباب الفقراء العاطلين عن العمل، بعقوبات رادعة لمن يخالف الأوامر للبحث عن الذهب من دون ترخيص، لكنها بالمقابل أعطت تطمينات بسن قوانين تسمح بالتنقيب مما أعطى أملا للشباب المتعطشين لكسب أموال من المهنة الطارئة.
إجراءات الترخيص للمواطنين
أعلنت الحكومة الموريتانية أنها بصدد وضع إطار تنظيمي في القريب العاجل يوفر إمكانية الترخيص للأشخاص الموريتانيين للبحث عن الذهب في المناطق المنجمية بمنطقة (إينشيري) بالتزامن مع الهبة الشعبية التي صاحبتها مطالب بالترخيص، كما ظهرت خلالها أصوات تنتقد بشدة ما تسميه استنزاف الشركات الأجنبية لخيرات الوطن دون أن يستفيد منه الفقراء العاطلون عن العمل.
وقال المدير العام للمعادن في موريتانيا أحمد ولد الطالب محمد إن وزارة البترول والطاقة والمعادن بصدد الترخيص للمواطنين عن الذهب نتيجة للفوائد المرجوة منه، مشيرا إلى أن بعض الأشخاص قام خلال الأسابيع الماضية بالبحث وبدون ترخيص في أماكن تدخل ضمن الحيز الجغرافي لرخص تنقيب ممنوحة في مجلس الوزراء لشركات منجمية.
وأكدت مصادر بإدارة المعادن لـ"عربي بوست" أن قطاع المعادن سيعمل على مراجعة النصوص القانونية واستشارة القائمين على القطاع بغية إنارة المتعاملين فيما يتعلق بالإطار القانوني والتشريعي المنظم لجميع عمليات التنقيب والاستغلال المنجمي وبالتريث والانضباط".
وأضافت المصادر أن الحكومة الموريتانية بصدد وضع إجراءات رادعة للمخالفين لقرار التنقيب عن الذهب سيتم تطبيقها عند الضرورة.
مطالب بالاستفادة من الذهب
يرى الشاب "محمد 32 ربيعا" أن الجهات الرسمية مطالبة بالترخيص للمواطنين للحصول على فرص عمل للبحث عن الذهب واستخراجه، معتبرا أن الشركات الأجنبية نهبت خيرات الموريتانيين واستنزفت ثرواتهم دون أن يستفيدوا من فرص عمل أو أن تنعكس الاتفاقيات معها بشكل ايجابي حياة المواطنين.
وقال محمد لـ"عربي بوست" وهو ينتظم داخل طابور أمام الشركة الموريتانية للمحروقات والأملاك المعدنية من أجل التسجيل على لوائح الانتظار للحصول على ترخيص ـ إن الجهات الرسمية وعدتهم بأن يحصلوا على تراخيص خلال الأيام القليلة القادمة.
ويرى الشاب العاطل عن العمل الشيخ ولد الزين أنه ومئات من رفاقه فضلوا التجمهر يوميا أمام مقر شركة المحروقات التي قررت تسجيل الشباب في انتظار صدور قوانين ناظمة للترخيص للبحث عن الذهب، مؤكدا أن كافة الشباب العاطلين عن العمل يأملون في وفاء الحكومة بوعودها وإخراج التراخيص للمسجلين على اللوائح.
وقال ولد الزين إن اللوائح الحالية التي يتجمهر العاطلون للحصول عليها تنقسم إلى قسمين الأول يعنى بسجيل الراغبين في الحصول على تراخيص، والثاني يعنى بتسجيل من توجد لديهم كميات من الذهب المستخرج، وذلك من أجل معرفة قيمتها النقدية ومنحهم استمارات لأخذ القيمة من البنك المركزي الموريتاني.
انتقادات لتبديد ثروة البلد
لقيت قضية ظهور نوعيات من الذهب السطحي في المناطق المنجمية بموريتانيا ردود فعل مختلفة من الموريتانيين، بين مطالب بالترخيص للمواطنين، ومنتقد لتبديد ثورة البلاد من خلال منح عقود تنقيب لكبريات الشركات الأجنبية دون أن ينعكس ذلك على حياة المواطنين، أو أن يغير من الواقع المزري الذي تعيشه موريتانيا على الجانب الاقتصادي.
ويرى الشاب محمد ولد سيد أحمد أن الجهات الرسمية تساهم في استنزاف خيرات البلد قائلا "إن موريتانيا تمتلك ثاني أكبر منجم للذهب في العالم نسبة الدولة منه 3% و نسبة العصابة 10 % و نسبة الشعب الموريتاني منه:80% جوع 90% فقر 80% بطالة 75% مرض".
وختم ولد سيد محمد الحديث خلال تدوينة بحسابه على فيسبوك "تبا لكم" في إشارة لامتعاضه من استنزاف خيرات البلد دون الاستفادة منها".
أما المدون الشهير محمد سالم أعمر فقد قال "عشرات الآلاف من الموريتانيين مشردون في العالم يبحثون عن فرص عمل عن لقمة عيش بعد أن ضاقت بهم موريتانيا بما رحبت به من فساد وظلم وتمييز، وعشرات الآلاف من الشباب يتأبطون شهاداتهم كل يوم بحثا عن عمل…حيث لا عمل ولا فرصة للكرامة".
وأضاف في تدونة بحاسبه على فيس بوك "آلاف الأسر تبييت دون طعام وآلاف الأطفال يجوبون الأرض في ملابس رثة..لا صلة لهم بالتعليم …فقر مدقع … ومع ذلك يقولون إن موريتانيا تملك ثاني أكبر منجم للذهب في العالم".
بدوره قال المدون أحمد شوقي ولد أحمد عبدي "الذهب يطفوا علي السطح وشركة "كنروس تازيازت" كانت تكذب علينا وتستنزف ثروتنا وبدون مقابل ومرتشينا يتآمرون معها رغم أنه يتسع للجميع".
وأضاف على حسابه قائلا "من هنا كمواطن أرجوا من السلطات إن تراجع اتفاقية تازيات و"أم سى أم" وتسمح للمواطن بالاستفادة من خيرات بلده".