حذر خبراء وباحثون من دول مختلفة حول العالم من آثار اقتصادية كارثية إذا لم يتم احتواء تنظيم الدولة الإسلامية "داعش" الذي يوصف من قبل البعض بأغنى تنظيم إرهابي أو ميلشياتي في العالم، كاشفين عن أن التنظيم يدرس أسواق العالم جيداً لاسيما سوق الآثار الدولية التي يبيع فيها التراث المستولى عليه من مناطق سيطرته.
وواصل مجموعة خبراء وباحثين من حول العالم، الأحد 10 أبريل/ نيسان 2016، جلساتهم في مؤتمر "إعادة التفكير في العنف والتطرف في الشرق الأوسط" بمدينة إسطنبول التركية، الذي ينظمه منتدى الشرق ومركز الدراسات الأفريقية الشرق أوسطية.
هجرة من القديم إلى الجديد
وضاح خنفر، مدير "منتدى الشرق" دعا في افتتاح جلسات اليوم الثاني والأخير من أعمال المؤتمر، إلى هجرة تامّة من القديم إلى الجديد، وإحياء الروح التي ألهمت العلماء بعصر الازدهار الإسلامي للتنوير والتحديث. مضيفاً "فقدنا الكثير من ثقافتنا بعد تمدّد الأفكار المتطرفة، وإثارة النعرات الطائفية بين السنة والشيعة".
وأشار خنفر إلى أن "الحكومات العربية وضعت شعوبها أمام خيارين، البقاء معها أو خسارة كلّ شيء، ما سبّب للشعوب الخوف وفقدان الأمل".
آثار كارثية على الاقتصاد العالمي
الباحث "محمد العقدة" تحدّث عن اقتصاد تنظيم الدولة الإسلامية ومصادر تمويله، محذّراً من آثار كارثية على الاقتصاد العالمي مالم يتم احتواء هذا التنظيم، فهناك تقديرات تقول إن "منطقة الشنغن الأوروبية ستتأثر بمعدل واحد بليون يورو".
ورأى عقدة أن المستقبل الاقتصادي للتنظيم في المناطق الخاضعة لسيطرته "محدود" كون مصادر دخله فيها محدودة، مؤكداً أن داعش تحاول الاستفادة قدر الإمكان من المناطق التي احتلتها وتهتم بالإنتاجية كالنفط والتجارة بالآثار، إضافةً إلى جباية الضرائب.
ورغم سيطرة التنظيم على مصادر نفطية في سوريا والعراق، إلا أن هذا ليس نمطاً اقتصادياً مستداماً بسبب الضربات الجوية، بحسب العقدة، مؤكداً ان التنظيم يموّل نفسه من الأموال التي أخذها من البنوك العراقية (أكثر من نصف بليون دولار) وكميات الأسلحة الكبيرة التي غنمها، وعن طريق تحرير رهائن مقابل الأموال.
الدولة الإسلامية تدرس الأسواق العالمية!
وكشف الباحث الاقتصادي "محمد كمال عقدة" أن اللافت في دراسة اقتصاد التنظيم هو عندما تم البحث عن سعر الآثار في الأسواق العالمية للآثار، وجدنا أن التنظيم قد درس السوق جيداً، ووضع أسعاراً جيدة ومدروسة.
وأكد عقدة أنه تمكن من الوصول إلى شبكات بيع الآثار عند داعش وعُرض عليه مومياءات وعملات قديمة وتماثيل، كما أن "بعض الآثار التي عرضت علينا انتهى بها المطاف إلى لندن، مما يدل على وصول التنظيم إلى السوق الأوربية وسوق الآثار في نيويورك" على حد قوله.
وحذّر الباحث في ختام حديثه من أن استمرار التنظيم سيفوّت الفرص لتطوير الاقتصاد والتعليم، مشيراً إلى أنه زار مخيمات اللاجئين ورأى كثيراً من الشباب دون تعليم وبالتالي يسهل تجنيدهم في التنظيم.
الإخوان المسلمون
عزام تميمي مدير قناة الحوار، أكد خلال كلمة له في ختام الجلسات أن تنظيم الدولة الإسلامية ليسَ لهُ علاقة بالإسلام السياسي، لافتاً إلى أنه لم يوجد بسبب الأيدولوجيا ولكنه نتيجة لأزمة متداخلة اجتماعية وسياسية.
واعتبر تميمي أن ظهور داعش نتيجة حتمية للمجتمعات البائسة التي تحكمها أنظمة قمعية، وقال: "لو نظرنا إلى الوضع في مصر وماذا حل بالإخوان المسلمين، الشباب يعيشون الآن في الشتات والسجون والقهر، كيف يمكننا أن نحمي الشرائح الأكثر استضعافاً في مجتمعاتنا من الانتماء لداعش".
ورأى تميمي أن "المسلمين دفعوا ضريبة كما لم يحدث من قبل، والمشكلة في عالمنا اليوم ليست داعش، لكن هؤلاء الذين دفعوا هذه الظاهرة كي تنمو، عبر مساندة الأنظمة الديكاتورية والثورات المضادة".