على مدى 3 أيام، اجتمع 12 شابا وشابة في مدينة إسطنبول التركية ينتمون إلى 8 دول عربية تعاني من حروب ونزاعات أهلية ليبحثوا فكرة تسير عكس التيار، وهي "كيف يمكنهم المساهمة في حل النزاعات ودعم السلم الأهلي".
الأيام الثلاثة جاءت في صورة دورة مكثفة تحمل خبرات من أنحاء العالم في كيفية حل المنازعات والعمل على الحفاظ (أو استعادة) السلم الأهلي، وذلك في إطار مبادرة حملت اسم "جوار" تؤمن بالحاجة إلى جهود احترافية منظمة في هذا الإطار يتبناها "منتدى الشرق" الذي يرأسه الإعلامي وضاح خنفر.
الشباب المشاركون ينتمون إلى كل من تونس والجزائر والصومال والأردن وسوريا ومصر واليمن وقد خضعوا لعملية انتقاء طويلة تضمن الوصول إلى عناصر فاعلة في مجتمعاتها المحلية الصغيرة، وقادرة على المساهمة في حل مشاكل تلك المجتمعات عبر صقل مواهبها واستعداداتها بالمعارف العملية والخبرات العالمية في هذا المجال.
المبادرة كما أعلن المنظمون في منتدى الشرق تهدف إلى تقديم العناصر المدربة على المصالحة المجتمعية في "إقليم الشرق" الذي تكثر فيه النزاعات وتتنوع فيه الأعراق، وذلك بهدف إعادة القدرة على التعايش المشترك وتعزيز التفاهم بين الأطراف المتنازعة وتشجيع الحلول غير العنيفة للخلافات بحسب ما أكد رئيس المنتدى وضاح خنفر في كلمته الختامية للفعالية.
خنفر أضاف أن أحد التحديات هو أن كثيرا من المصطلحات قد تمت إهانتها بسبب الاستخدام الخاطئ والمُسيس، ومن تلك المصطلحات السلم و المصالحة"، ولكنه مضى مؤكدا أنه لا بد أن يدرك الجميع أن الحروب في هذه الفترة هي مرحلة عابرة لا بد من تجاوزها، ولن يتحقق ذلك إلا بشرطين هما "المصالحة" و"العدالة".
الدكتور محمد عفان مدير التدريب في "منتدى الشرق" قال لعربي بوست إن الشباب الذين شاركوا في المنتدى ربما ليسوا في هذه المرحلة من يتصدون للمشكلات الكبرى التي قسمت المجتمعات العربية، ولكنهم جميعا من الفاعلين في حل المشكلات داخل تلك المجتمعات على مستويات أصغر (كمستوى القبيلة مثلا)، وربما بشكل يومي.. ووجود العديد من الشباب المدرب على تلك المستويات "الميكرو" يتيح التعامل مع كثير من المشاكل الصغيرة في مهدها قبل أن تكبر كما يتيح نشر هذه الروح بين قطاعات أكبر.
ويقول عفان إن هناك هدفين أساسين نسعى لتحقيقهما في تلك البلدان، وهما للوصول إلى صيغ وقف العنف وتقاسم السلطة، وذلك من خلال تدريب ورعاية نخبة من الشباب المتميز الناشط على مفاهيم ومهارات المصالحة المجتمعية، بما يحقق السلم الأهلي والاستقرار في مرحلة ما بعد الصراعات.
عفان يقول إن دورة الأيام الثلاثة التي اختتمت الأحد 27 مارس / آذار سبقتها أشهر من التدريب عبر الإنترنت، كما أن الأمر لن يتوقف عند هذا الحد؛ فهناك مرحلة تالية من التدريب تهدف إلى تعريف الشباب المتدربين بتجارب جنوب أفريقيا والبوسنة وغيرها من الدول من خلال مراجعة على أرض الواقع للحالة وكيفية عقد المصالحة المجتمعة في تلك الدول".
أحد المدربين المهمين في تلك الندوة كان السيد "يلماز أنصار أوغلو" مستشار رئيس الوزراء التركي داود أوغلو، وقد ذكر يلماز في حديثه لنا أنه حاول خلال مشاركته في هذه المبادرة تقديم توصيف كامل للتجربة التركية من خلال قراءة تاريخية مركزة على عملية فض النزاعات المجتمعية في تركيا.