بدعم من القوات الروسية.. النظام السوري يسيطر على مدينة تدمر الأثرية بعد انسحاب تنظم الدولة

عربي بوست
تم النشر: 2016/03/27 الساعة 02:13 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2016/03/27 الساعة 02:13 بتوقيت غرينتش

استعاد النظام السوري، الأحد 27 مارس/آذار 2016، السيطرة الكاملة على تدمر بعد أن طرد عناصر تنظيم "الدولة الإسلامية" الذين كانوا يستولون على المدينة الأثرية بوسط سوريا منذ حوالي السنة، كما أكد مصدر عسكري لوكالة فرانس برس من تدمر.

وقال هذا المصدر "أن الجيش السوري والقوات الرديفة تسيطر على كامل مدينة تدمر، بما في ذلك المدينة الأثرية والسكنية" مضيفاً أن الجهاديين انسحبوا من المدينة.

مقاتلو تنظيم "الدولة الاسلامية" انسحبوا باتجاه السخنة والبعض باتجاه الرقة ودير الزور معاقلهم في شمال وشرق سوريا، وفقاً لنفس المصدر.

وأفاد المصدر أن وحدات الهندسة في قوات النظام تعمل على تفكيك عشرات الألغام والعبوات الناسفة داخل المدينة الأثرية التي تحتوي على كنوز دمر هذا التنظيم جزءاً منها.

وتشن القوات السورية منذ 7 مارس/ آذار، مدعومة بقوات روسية هجوماً لاستعادة تدمر من تنظيم الدولة الاسلامية الذي سيطر منذ مايو/أيار 2015 على المدينة المعروفة بآثارها ومعالمها القديمة آلت أدرجتها منظمة الأمم المتحدة للتربية والثقافة والعلوم (يونيسكو) على لائحتها للتراث العالمي.

وانشغلت وسائل الإعلام السورية الرسمية خلال الأيام الماضية بتوجيه الأنظار نحو تقدّم قوات النظام بدعم روسي باتجاه مدينة تدمر الواقعة وسط سوريا والتي يسيطر عليها مقاتلو تنظيم "الدولة الإسلامية"(داعش) .

دعم روسي

هذا التقدم العسكري الذي حققته قوات النظام السوري، جاء بغطاء جوي ودعم بري من القوات الروسية، وعناصر من حزب الله اللبناني.

وكان مصدر عسكري سوري قد أكد في وقت سابق أن "الروس يشاركون بشكل واسع" في معركة تدمر "سواء بالقتال المباشر براً أو من خلال الطيران أو من خلال الاتصالات وأجهزة التشويش"، مشيراً إلى مركز عمليات مشترك للجيشين الروسي والسوري.

من جهتها، أعلنت وزارة الدفاع الروسية أن الطائرات الروسية قامت بأكثر من 40 طلعة خلال الأيام الماضية الماضية في الأجواء السورية، مستهدفة أكثر من 150 موقعا "إرهابيا".

وكان أحد عناصر القوات الخاصة الروسية قد قتل الخميس الماضي قرب مدينة تدمر الأثرية، كما نقلت وكالات الأنباء عن مصدر عسكري روسي.

ممثل للجيش الروسي في قاعدة حميميم في شمال غرب سوريا قال لوكالة إنترفاكس الروسية "قتل ضابط من القوات الخاصة الروسية في منطقة تدمر بينما كان يحدّد الأهداف الإرهابية للطائرات الروسية".

وأضاف "تم نشر هذا الضابط في الأيام الأخيرة، لتحديد أهم الأهداف التابعة لتنظيم الدولة الإسلامية وإرسال الإحداثيات الدقيقة لضربات الطائرات الروسية".

وتابع المصدر إن الضابط قتل خلال إبلاغ الطائرات الروسية بموقعه الشخصي لتوجيه ضربة عندما أدرك أنه بات محاصراً من قبل مقاتلي الدولة الإسلامية مفضلاً الموت بدلاً من اعتقاله.

نكسة ثانية لداعش

وبخسارة تنظيم الدولة الإسلامية لمدينة تدمر يكون بذلك قد تلقى النكسة الثانية خلال أسبوع، وذلك بعد إعلان واشنطن مقتل الرجل الثاني في التنظيم عبد الرحمن القادولي.

واعتبر وزير الدفاع الاميركي أشتون كارتر أن من شأن مقتل القادولي "إضعاف قدراتهم (الجهاديين) على القيام بعمليات داخل سوريا والعراق وخارجهما".

وكانت وزارة العدل الاميركية عرضت مبلغ سبعة ملايين دولار لمن يدلي بمعلومات تقود إلى القادولي ما يجعله المسؤول الأرفع في التنظيم بعد أبو بكر البغدادي الذي "يساوي" 10 ملايين دولار.

وتبقى هيكلية قيادة التنظيم المتطرف سرية ولا تضم القائمة الأميركية سوى بعض المسؤولين الآخرين.

وهذا القيادي الجهادي هو ثاني مسؤول كبير في هذه القائمة يقتل في أقل من شهر، إذ أن الولايات المتحدة أعلنت في الرابع من الشهر الحالي مقتل القيادي العسكري في التنظيم عمر الشيشاني.

لؤلؤة الصحراء

وشهدت مدينة تدمر صراعاً بين قوات النظام السوري وتنظيم الدولة الإسلامية، حيث تعرف المدينة باسم "لؤلؤة الصحراء"، وتعد واحدة من 6 مواقع سورية أدرجتها منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة (يونيسكو) على لائحة التراث العالمي للإنسانية.

وتتوسط آثار تدمر التي تبعد مسافة 210 كلم شمال شرق دمشق، بادية الشام. وقد ظهر اسمها للمرة الأولى على مخطوطة يعود تاريخها إلى القرن التاسع عشر قبل الميلاد عندما كانت نقطة عبور للقوافل بين الخليج والبحر المتوسط وإحدى محطات طريق الحرير.

لكن تدمر عرفت أوج ازدهارها إبان الغزو الروماني اعتباراً من القرن الأول قبل الميلاد وخلال أربعة قرون متلاحقة. وباتت تعرف في اللغات الإغريقية واللاتينية باسم "بالميرا" المشتق من معنى النخيل باللغات الأجنبية.

وقد ذاع صيت تدمر بوصفها واحة خصبة وفاخرة في وسط الصحراء، بفضل ازدهار تجارة التوابل والعطورات والحرير والعاج من الشرق، والتماثيل والزجاجيات من فينيقيا.

العصر الذهبي

في العام 129، منح الإمبراطور الروماني أدريان تدمر وضع "المدينة الحرة" وعرفت آنذاك باسمه "أدريانا بالميرا". وفي هذه المرحلة بالتحديد، تم بناء أبرز معابد تدمر كمعبد بعل (بل) وساحة آغورا حيث تعقد اللقاءات العامة.

وكان سكان المدينة قبل وصول المسيحية في القرن الثاني بعد الميلاد، يعبدون الثالوث المؤلف من الإله بعل ويرحبول (الشمس) وعجلبول (القمر).

وقالت مارييل بيك، رئيس قسم الآثار الشرقية في متحف اللوفر الفرنسي، في أيار/مايو 2015 إن تدمر "بنيت وفق نظام غربي، حيث ساحة آغورا والشوارع الواسعة والمسارح والمعابد، حتى أنه يمكننا مقارنتها بروما".

زنوبيا

واستغلت تدمر الصعوبات التي واجهتها الإمبراطورية الرومانية في القرن الثالث لإعلان قيام مملكة تمكّنت من هزم الفرس وباتت زنوبيا ملكتها.

وسيطرت زنوبيا العام 270 على بلاد الشام كلها وجزء من مصر ووصلت إلى آسيا الصغرى، لكن الإمبراطور الروماني أورليان تمكن من استعادة تدمر واقتيدت الملكة زنوبيا إلى روما فيما انحسر نفوذ المدينة.

سجن تدمر

وفي فترة الثمانينيات من القرن الماضي، وفي ظل حكم الرئيس الراحل حافظ الأسد، قتل مئات المعتقلين في سجن تدمر، الذي شكل أحد رموز قمع النظام السوري.

وقبل سقوط تدمر في يد تنظيم الدولة الإسلامية، نقل النظام المعتقلين داخل السجن إلى سجون أخرى في سوريا. وفور سيطرته على المدينة، عمد التنظيم المتطرف إلى تفجير السجن.

النزاع والمعابد

وقبل اندلاع النزاع السوري في منتصف آذار/مارس 2011، شكلت تدمر وجهة سياحية بارزة ففيها أكثر من ألف عامود وتماثيل ومعابد ومقابر برجية مزخرفة.

وأدت الاشتباكات التي اندلعت بين قوات النظام والفصائل المقاتلة في تدمر في الفترة الممتدة بين شباط/فبراير وأيلول/سبتمبر 2013 إلى انهيار بعض الأعمدة ذات التيجان الكورنثية.

وفي أيار/مايو العام 2015 سقطت تدمر في أيدي جهاديي تنظيم الدولة الإسلامية ما أثار قلقاً في العالم على المدينة التي يعود تاريخها إلى ألفي عام، لا سيما أن للتنظيم سوابق في تدمير وجرف الآثار في مواقع أخرى سيطر عليها لا سيما في العراق.

وفي 18 آب/أغسطس قام جهاديو التنظيم بقطع رأس مدير الآثار السابق في المدينة خالد الأسعد البالغ من العمر 82 عاماً. وفي الشهر ذاته، دمروا معبدي بعل شمين وبل.

وبعل شمين هو إله السماء لدى الفينيقيين. وقد بدأ بناء المعبد العام 17 م، ثم جرى توسيعه في عهد الإمبراطور الروماني أدريان العام 130.

ومعبد بل من أبرز معالم المدينة. وقد استغرق بناء هذا المعبد، الذي كان يزوره قبل بدء النزاع في البلاد نحو 150 ألف سائح سنوياً، نحو قرن من الزمن.

ويعيش حالياً في المدينة 15 ألف نسمة من أصل حوالى 50 ألفاً سابقاً بعد فرار الجزء الأكبر من السكان بسبب المعارك، وفق فابريس بالانش الخبير في الجغرافيا السورية.

تحميل المزيد