تشير الأرقام والإحصائيات بشكل واضح إلى شغف السعوديين بالسفر إلى الخارج، وحجم الإنفاق الكبير على السياحة الخارجية، ولكن هذه الأرقام مهددة بالتراجع هذا العام في ظل الأزمة الاقتصادية التي تشهدها منطقة الخليج جراء تراجع أسعار النفط، علاوة على الهجمات التي ضربت أكثر من وجهة من الوجهات السياحية المفضلة للسعوديين، فضلاً عن المتغيرات السياسية التي تشهدها المنطقة.
وبلغت نسبة الزيادة في نمو الإنفاق السعودي على السياحة الخارجية حوالي 11%، بما يساوي 5.8 ملايين رحلة سياحية خلال عام 2015، بزيادة قدرت بنسبة 2.4% عن عام 2014.
المقاصد السياحية المفضلة
من جانبه أكد حسام الناغي مدير تسويق شركة ركسون للسياحة لـ"عربي بوست" على انخفاض الطلب على كلٍ من مصر ولبنان؛ نظراً للحالة الأمنية غير المستقرة التي تعيشها مصر، وحظر السفر إلى لبنان والتي كانت إحدى الوجهات المفضلة للخليجيين بصفة عامة، والسعوديين بصفة خاصة "انخفضت معدلات رحلات السفر بصورة واضحة إلى مصر ولبنان؛ بسبب الحالة الأمنية والسياسية، وإن كانت بدأت مصر تستعيد حالتها قليلاً خصوصاً الطلب على شرم الشيخ كسياحة شاطئية رخيصة التكلفة"، بحسب قوله.
وقال "هناك إقبال كبير على تركيا ودبي كأكثر وجهتين مطلوبتين، ثم يليهما دول شرق آسيا مثل ماليزيا وأندونيسيا وسريلانكا، ثم دول أوروبا كالنمسا وإيطاليا وفرنسا وسويسرا وألمانيا، ثم أخيراً كندا والولايات المتحدة".
وتابع حديثه "بدأت تظهر وجهات جديدة عليها طلب متزايد تتركز فى دول شرق أوروبا مثل البوسنة و الهرسك وجورجيا، أيضاً زاد الطلب على أندونيسيا وسريلانكا عن الأعوام الماضية، كذلك جنوب أفريقيا و الهند بدأ يزيد عليهما الطلب، ليس بمعدل الدول الأخرى، ولكنهما تظهران فى الاختيارات مؤخراً".
ما هي الدوافع؟
الطلب المتزايد للسعوديين على هذه الوجهات تحديداً يعود لعدة أسباب من وجهة نظر "الناغي"، منها: "سهولة إجراءات السفر، مثل قرب المسافة، أو عدم وجود تأشيرة، أو سهولة استخراجها كذلك عامل اللغة، والثقافة المشتركة، علاوة على كثرة الأنشطة، والفعاليات السياحية، وكل ذلك يتوفر في دبي تقريباً، والتي تعد الوجهة الأمثل للإجازات القصيرة، ونهاية الأسبوع".
كما أن من ضمن الأسباب قوة التسويق والاستثمار السياحي، يضيف الناغي، حيث تقوم دول مثل تركيا و الإمارات بكثير من المجهودات والاستثمارات لتنمية وتطوير القطاع السياحي، والارتقاء بالخدمات السياحية.
وذكر أن "انخفاض أسعار السفر والمعيشة تشجع العديد من الفئات المتوسطة، والعائلات ذات الأعداد الكبيرة للسفر، حيث تكون ميزانية رب العائلة محدودة، ويضطر للبحث عن الوجهات الرخصية مثل شرق آسيا، وشرق أوروبا، خصوصاً مع رفع الحظر عن البوسنة، والتي تتميز بجمال الطبيعة، ورخص التكلفة، وهو ما يعد من أكثر العوامل التى تجتذب الأسرة السعودية".
فيما أكد مُمثل شركة إيلاف للسياحة والسفر لـ "عربي بوست" على ارتفاع معدلات الطلب على دبي في إجازة الربيع، لكونها إجازة قصيرة، مع احتفاظ بقية الوجهات السياحية بمعدلات مرتفعة في بقية أجزاء السنة مضيفاً "الإقبال على أميركا وأوروبا وشرق آسيا يعود لظروف المنطقة العربية، وانخفاض العملات الأوروبية، والتنافس بين شركات الطيران".
الأرخص تكلفة أكثر طلباً
وبالعودة إلى مدير تسويق شركة ركسون للسياحة فإن الوجهات الأرخص تكلفة ستكون محط أنظار محبي السفر في إجازة الصيف مؤكداً "أتوقع زيادة الطلب على دول شرق آسيا، وشرق أوروبا؛ بسبب الحالة الاقتصادية، فهناك تراجع وشبه حالة ركود بالسوق عموماً، وفي ظني أن الوجهات الأقل سعراً وتكلفة ستكون فى المراتب الأولى هذا العام مع الوضع الاقتصادى، وقوة وزيادة المنافسة ستقوم شريحة كبيرة من السائحين بالبحث عن الوجهات الأقل سعراً".
ولم يسبتعد الناغي حدوث تغيير جذري في خارطة الوجهات السياحية المفضلة للسعوديين، وتراجع الإقبال على تركيا والتي تعد الوجهة السياحية الأولى بالنسبة للسعوديين بأكثر من 450 ألف زائر سنوياً؛ لما تشهده من حوادث إرهابية عنيفة في الفترة الأخيرة مشيراً إلى أن "حدوث نزاعات او حروب بالمنطقة، أو حوادث إرهاب كما في تركيا من شأنه تغيير الخارطة السياحية تماماً، ولكن صعب التنبوء بما يمكن أن يحدث؛ لأنه عادة يترتب على ذلك إلغاء رحلات الطيران، ويتم حظر السفر، فتدهور الحالة الأمنية، وخطورة تأثيرها على السياحة أعلى بكثير من الحالة الاقتصادية، ولنا في مصر أكبر مثال بتراجع الطلب عليها بعد حادثة الطائرة الروسية".
الابتعاث أحدث انفتاحاً
تقول نصرة البلوي، مديرة مدرسة على المعاش، لـ"عربي بوست" أنها لا تتوقع أن تؤثر الحالة الاقتصادية غير المستقرة التي تمر بها البلاد على المسار السياحي لأصحاب الرواتب المرتفعة، والوظائف الحكومية الثابتة ".
وتضيف "الأكثر تأثيراً على السفر، وخطط الأسر السعودية ليس الاقتصاد، بل مخاطر الحوادث الإرهابية، وعدم الاستقرار الذي تعيش به المنطقة، والعالم أجمع".
وتشير البلوي في ختام حديثها إلى أن "فتح باب الابتعاث أدى إلى حدوث انفتاح على السياحة في دول الغرب أكثر من الدول المجاورة".
وبحسب المواطنة السعودية أشواق البلوي، 28 عاماً وهي موظفة بالقطاع الخاص، فإن تأثير الحالة الاقتصادية سيتوقف على مدة السفر، وليس على فكرة السفر في حد ذاتها مضيفة "لن يؤثر حظر لبنان على الخطط السياحية حيث توجد أماكن أخرى بديلة شبيهة بلبنان" على حد قولها.
وبحسب صحيفة الوطن فقد تراجعت معدلات سفر السعوديين إلى الخارج مع بداية هذا العام بنسبة 35% عن السابق مرجعة ذلك إلى الأزمة الاقتصادية العالمية.