المَدْرَسَةُ السَّامِرِيَّة

فِي بِلادِي يَرْجِعُ الإِيمَانُ بالأَصْنَامِ للكُهَّانِ والحَبْرِ فمِنْهُم تَأْخُذُ الدُّنْيا صَمِيمَ عَقِيدَةِ الجَبْرِ فأَصْلُ الدِّينِ عِنْدَهمُ يُبِيحُ عِبَادَةَ الحَجَرِ بزَعْمِ ضَرُورَةٍ قُصْوَى وحَاجَاتٍ لَنَا كُبْرَى وَأَهْوالٍ تُهدّد صَاحِبَ القَصْرِ

عربي بوست
تم النشر: 2016/03/22 الساعة 03:40 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2016/03/22 الساعة 03:40 بتوقيت غرينتش

(1)
فِي بلادِي أَلْفُ أَلْفِ كَاهنٍ..
وحَبْرٌ واحدٌ مُؤسِّسٌ للمَدْرَسَة
هُوَ وَاضِعُ المِنْهَاجِ والأسْتاذُ دُونَ مُنَافَسَة
سَامِرِيٌّ
يَحْفَظُ الألْوَاحَ والأسْفَارَ
والأخْبَارَ والأسْبَابَ
والأحْدَاثَ والأشْخَاصَ
والزُّوارَ والحُجَّابَ
والقُرَّاءَ والكُتَّابَ
والأسْرَارَ والأنْسَابَ.. يَحْفَظُها مُوثَّقةً مُفَصَّلَة
ملأَ الدُّنَى بحدِيثِهِ
بلغَ السَّمَا ببيَانِه
وهناك صَاحِبَةُ الجَلالَةِ ساقَهَا مَعْصُوبَةً
للمُسْتَبِدِّ رَخِيصَةً مُسْتأنَسَة
وبِهَا تَأَسَّسَ للكَهَانَةِ مَعْبَدٌ
وبفَضْلِهِ أضحَتْ لَدَى قَوْمِي العُجُولُ مُقَدّسَة

(2)

لِمَدْرَسَةِ الكَهَانَةِ فِي بِـلادي فَـلْسَـفَة
مَوْرُوثَةٌ مَدْرُوسةٌ مَرْسُومَةٌ مُصَنَّـفَة
ولها قَواعِدُها التي تَأتِي بِهَا مُزَخْرَفَة
أوّلاً:
المَجْدُ للأَصْنَامِ دَوْمًا فَاحْفَظُوا ألْقَابَهَا
واسْترُوهَا واسْتُرُوا عَـوْرَاتِها
طَهِّرُوهَا واغْسِـلوا أدْرانَهَا
وإِذَا مَا فَاحَ يَوْمًا رِيحُهَا..
عَطَّرُوهَا بَعْد رَمْيِ المِنْشَفَة
ثَانِيًا:
المَجْدُ للأَصْنَامِ أَيْضًا ..
فاصْنَعُوا مِنْهَا رُمُوز الوَطَنِيَّة
فِي الْمَعَابِدِ سَوْفَ تَبْقَى سَرْمَدِيَّة
فِدوُها كُلُّ الّذي تحتَ السَّمَا
والخِيَانَةُ والْعَمَالَةُ .. والشَّقَاوَةُ والدَّنِيَّة
لِمُعارِضٍ مُكَابِرٍ.. آرَاؤُهُ مُزَيَّفَة
ثَالِـثًـا:
المَجْدُ لِلأَصْنَامِ وَحْدَهمُ..
فَهُمْ أَدْرَى بِمَا يَجْرِي
وهُمْ أَدْرَى بِكُلِّ مَصَالِحِ الأوْطَانِ والخَطَرِ
لا تَنْطِقُونَ عَنِ الهَوىَ أَنْتُم.. ولا عَن مَعْرَفَة
فَاسْتَمْسِكُوا فَقَطْ بِمَا يَأْتِيكُمُ..
لِرِوَايَةِ الأَحْدَاثِ مِنْ عِنْدِ الجِهَاتِ المُشْرِفَة
رَابِعًـا:
المَجْدُ لِلشَّعْبِ الّذِي وُجُودُه ..
شَرْطٌ ضَرُورِيٌ لِدَوْرِ الآلِهَة
شَرْطٌ ضَرُورِيٌ كَذَلِكَ للكَهَانَةِ
لمكَانَةِ الإِخْلاصِ أَوْ لِلتَّضْحِيَة
للجِدِّ أوْ للتَّسْلِيَة
فغِيابُه لا شَكَّ مِنْ بَيْنِ الأُمُورِ المُؤسِفَة

( 3 )

وعَادَةُ الأصْنَامِ فِي بِلادِي أنَّهَا
رُغْمَ كوْنِهَا تُعَدّ بيْنَ الآلِهَة
فِإنَّ جُلَّ أُمُورِها
مَرْهُونِةٌ – بَعْدَ العَصَا – بالحَبْرِ والكُهّانْ
هكَذَا حُكْمُ المَصَالِحِ بينَهَا
تُقَرّبُه .. فَيَحْرُسُهَا
فَتمْنَحُـه.. يُطَهِّرُهَا
تُبَارِكُهُ .. يُقَدِّسُهَا
وتَسْمعُه.. فيُقْنِعُهَا بأَنَّ النَّاسَ تَعْبُدُهَا
وأنَّ الكَوْنَ يَتْبَعُهَا
وأنَّ الشّمْسَ تَحْسُدُها عَلَى مَا فِيهَا مِنْ طِينِ
ويُقْنعُهَا بأنَّ الخَوْفَ بيْنَ النَّاسِ يَنْفَعُهَا
ويَدْفَعُهُم لتقْدِيمِ القَرَابِينِ
فيَغْدُو العَدْلُ أُضْحِيةً
ويَغْدُو العَيْشُ أُمْنِيَةً
وحُرّيَاتُهُم تَغْدُوا طَرِيدةَ أَمْنِ دَوْلتِنا
بسَاحَاتِ المَيَادِينِ
وَيَنْصَحُهَا بِأنَّ النَّاسَ مَهْمَا طَالَهُم ضَعْفٌ..
فهُم قُوَّةٌ
فَفَتّتْ صُلْبَ وَحْدَتِهِم
وفَرِّقْ بَيْنَهم دَوْمًا بِتَصْنِيفٍ وتَخْوِينِ

( 4 )

وَظَلَّ يُرَوِّجُ الكُهَّانُ
أَنَّ عصَابَةَ الأشْرَارِ تَحْمِلُ فِي أَجِنْدَتِهَا
مُؤامَرَةً وأَحْلامًا بِتَغْيِيرِ المَوَازِينِ
وأنَّ الفَجْرَ لَيْسَ سِوىَ مُؤَامَرَةٍ عَلَى لَيَلِ المَسَاكِينِ
وأنَّ قَدَاسَةَ الأَصْنَامِ – رُغْمَ غِشَاوَةِ الإِبْصَارِ –
مُعْجِزَةُ السَّلاطِينِ
وتَكْفِي وَحْدَهَا أَمَلا
لِتُصْبِحَ عِندَنَا دَوْلَة
تُعِيدُ الأَمْنَ والهَيْبَة
وتُصْلِحُ فَاسِدَ الدِّينِ
وتَشْفِي جُرْحَ مَرْضَانَا
وتُحْيِيِ بَعْضَ مَوْتَانَا
وتَحْفَظُ نِيلَنَا يَجْرِي
وتَمْلأُ أَرْضَنَا خَيْرًا وجَنّاتِ البَسَاتِينِ
وَأَنَّ كَلامَهَا الفُسَيْفِسَائِيَّ وحيٌ للمَلايِينِ
وحَتَّى مَا تَضَخَّمَ مِن مَسَاوئِهَا
فشَيْءٍ فَوْقَ حِكْمَتِنَا
لأنَّ العَجْزَ فِي الأصْنَام يَخْرُجُ مِنْ إِرَادَتِهَا
وَيَدْخُلُ ضِمْنَ خُطَّتِهَا لتَضْلِيلِ الشَّيَاطِينِ.

( 5 )

فِي بِلادِي
يَرْجِعُ الإِيمَانُ بالأَصْنَامِ للكُهَّانِ والحَبْرِ
فمِنْهُم تَأْخُذُ الدُّنْيا صَمِيمَ عَقِيدَةِ الجَبْرِ
فأَصْلُ الدِّينِ عِنْدَهمُ يُبِيحُ عِبَادَةَ الحَجَرِ
بزَعْمِ ضَرُورَةٍ قُصْوَى
وحَاجَاتٍ لَنَا كُبْرَى
وَأَهْوالٍ تُهدّد صَاحِبَ القَصْرِ
ومِنْهُم يَعْرفُ الإِنْسَانُ أَنَّا سِرُّ مِحْنَتِنا
وسِرُّ الجُوعِ والفَقْرِ
ونَحْنُ – ولَيْسَ كَتَائِب الأَصْنَامِ –
سِرُّ النَّكْسَةِ الكُبْرَى
وسِرُّ ضَيَاعِ أُمَّتِنَا
وسِرُّ تَأخُّرِ النَّصْرِ
وإِمّا تُجْدِبُ الودْيَانُ
فَنَحْنُ – كَمَا يَقُولُ الحَبْرُ – سِرُّ تَوَقُّفِ المَطَرِ
وكُلُّ بَلِيةٍ تَأْتِي
وكُلُّ مُصِيبَةٍ تَجْرِي
بأَيْدينَا.. وتِلْك طَبِيعَةُ البَشَرِ
وَأَمَّا السَّادَةُ الأَرْبَـاب أَهْـلُ الوَحْيِ والأَمْرِ
فَسُبْحَانَ الّذِي لَيْسَتْ
لَهُ الأَخْطَاء فِي القَدَرِ


يمكن الاستماع إلى القصيدة بالضغط هنا

ملحوظة:

التدوينات المنشورة في مدونات هافينغتون بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

تحميل المزيد