تحولت ليبيا إلى جبهة تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش) الأمامية الجديدة منذ بدأ يواجه خسائر على الأرض في معاقله بالعراق وسوريا، بيد أن عوائق كبرى تحول دون تأسيس عاصمة احتياطية للتنظيم هناك، حسب ما أكده تقرير جديد.
التقرير أعده مركز مكافحة الإرهاب التابع للأكاديمية العسكرية الأميركية في ويست بوينت بنيويورك ونشره في 17 مارس/آذار، حيث جاء في التقرير أن التنظيم الإرهابي عانى من انتكاسات في ليبيا ويصارع للتوسع هناك، بحسب تقرير نشرته صحيفة الإندبندنت البريطانية.
التقرير أشار إلى أن "داعش" سيظل يشكل "تهديداً عنيفاً" في ليبيا بينما يتم استهدافه في العراق وسوريا.
لكن التقرير لفت إلى أن قاعدة "داعش" في ليبيا ستكون "مؤسسة أضعف، محرومة من العدد والعتاد والدخل المالي، ومن الاستعارات المجازية المتطرفة التي تنسج منها قواعد حكمها وطائفيتها والتي لطالما استعملتها لكي تبقى وتتوسع".
كم عدد مقاتلي "داعش" في ليبيا
توجس المسؤولون الأميركيون من تزايد حجم "داعش" في ليبيا في العام الماضي، وفيما كان التحالف الأميركي يدكّ مواقع التنظيم في العراق وسوريا من جهة، كان التنظيم من جهة أخرى يحضّ مقاتليه الأجانب على السفر إلى ليبيا عوضاً عن معقله في الرقة السورية.
إلى حد ما نجح "داعش" في تحقيق ذلك، فالآن يقدر عدد مقاتليه في ليبيا بـ5000 أو 6000 مقاتل، كما سيطر على مناطق وأسس لها نقاطاً إعلامية لبث ونشر دعايته، فضلاً عن تأسيسه لمحاكم "شرعية" لتطبيق نسخته المتشددة من الشريعة الإسلامية.
مع ذلك لا مقارنة بين ذاك العدد وبين 18 ألف مقاتل لداعش في العراق وسوريا، خاصة أن مساحة ليبيا تزيد على العراق وسوريا مجتمعين نحو 3 مرات، ناهيك عن أن معظم تلك المساحة ما هي إلا رمال الصحارى الليبية الشاسعة.
لماذا أخفق "داعش" في وراثة حكم القذافي؟
قسم "داعش" البلاد إلى 3 "ولايات" تابعة له، إلا أن بعض هذه الولايات بالاسم فقط وغير خاضع إدارياً لسيطرة التنظيم المتطرف.
فالتقرير لاحظ أن السيطرة الفعلية الحقيقية لداعش لا تتعدى منطقة سرت الساحلية (مسقط رأس القذافي)، التي لم تشكل صعوبة على داعش في السيطرة عليها؛ نظراً لأن الميليشيات الأخرى لم تتنافس عليها ضمن تسابقها للسيطرة على أجزاء البلاد الذي تلا سقوط معمر القذافي ومقتله عام 2011.
وذكر التقرير أن الجغرافية الليبية لم تترك موطئ قدم لداعش لأن الصحراء الشاسعة المفتوحة تترك ظهر المقاتلين مكشوفاً دون حماية، فلما أرادوا التحصن والتوسع إلى مدن مجاورة لسرت شرقاً وغرباً، جوبهت أسرابهم بقوات الميليشيات الأخرى المتحصنة داخل تلك المدن التي ردعت تقدم داعش، مثل ميليشيا أبوقرين غرباً وأجدابيا شرقاً. وهو أمرٌ أقر به قائد داعش الجديد في ليبيا والمسمى عبدالقادر النجدي، إذ أكد أن تعدد الميليشيات المقاتلة في ليبيا هو ما عوّق تقدم داعش هناك وحصرها في سرت.
وذكر التقرير أن المعوقات الاقتصادية تقف كذلك حجر عثرة أمام داعش في ليبيا، فرغم ثروة ليبيا النفطية إلا أن داعش يعوزه الترتيب والتنظيم مثلما حدث العام الماضي كي يرتب أمور دخله وتمويل فرعه هناك.
هل يتدخل أوروبا عسكريا؟
مع ذلك يُخشى من أن تقطُّع أوصال البلاد التي أنهكتها الحروب والصراعات قد يوفر بؤرة خصبة ومرتعاً لتطرف داعش، وتخشى أوروبا ذلك أكثر ما تخشاه من سوريا والعراق نظراً لقرب ليبيا وسرت من القارة الأوروبية (المسافة أقل من 650 كلم بين ليبيا وبين صقلية أو اليونان)، ما قد يسهل على داعش شن هجمات على أهداف غربية من قاعدتها الليبية.
بالتالي قد تجد الدول الغربية نفسها على خطٍّ يتجه بها نحو مقاتلة داعش في ليبيا، وهو ما وافقه آرون زيلين زميل معهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى؛ بيد أنه لا يعتقد أن الدول الغربية ستشن "حملة عسكرية كبرى" تجتاح ليبيا، بل يرى أن القوات المحلية هي التي يعول عليها لدحر الإرهابيين.
في سوريا يبدو أن الميليشيات والمجموعات المسلحة على استعداد لمقاتلة داعش، ويبدو أن الحبل يضيق ويضيق أكثر على عنق داعش الذي يواجه في سوريا صعوبات بالغة في كسب وحشد التأييد الشعبي خاصة في ظل ما ذكرته صحيفة "وول ستريت جورنال" العام الماضي من أن شظف العيش وتضاعف احتياجات السكان من غاز ووقود ومستشفيات أمورٌ باتت كلها تثقل كاهل "داعش".
– هذه المادة مترجمة بتصرف عن صحيفة The Independent البريطانية. للاطلاع على المادة الأصلية يرجى الضغط هنا.