صديقي العزيز عمت صباحاً، أتمني أن تكون بخير:
سأدخل في الموضوع مباشرة، واسمح لي أن أتلو عليك ما يجول بخاطري..
أولاً: إن كنت مثلي من الأشخاص الذي يفكرون دائماً بالسيطرة على كل شيء، ولا ينامون الليل من فرط التفكير بالمستقبل البعيد، ولا يغمض لهم جفن إلا بين أجندتهم وخططهم المتناثرة هنا وهناك، الآن أدرك أن ذلك خطأً كبيراً، لا تفكر بالمستقبل ولا تخطط له مطلقاً، ومع الوقت ستكتشف أنك لن تسيطر إلا على القليل جداً، وأن أجمل ما يحدث لك هو ما يأتي بلا ترقب أو انتظار.
ثانياً: إذا فقدت ثقتك بكل شيء لا تفقد ثقتك بالله، عندما يأكل الحزن قلبك ويمضغه على مهل حتى تسمع صرير أسنانه يلتهمك بلا هوادة ضع يدك على قلبك، صلِّ لله أن يمنحك القوة لتواجه ألمك، والطاقة لكي لا تكره، والحكمة لكي لا تضل، والرحمة لكي لا تظلم، والشغف لكي لا تموت قبل أوانك، وعندما تكون سعيداً لا تنسَ الله أبداً.
ثالثاً: لا تفقد دهشتك مطلقاً، لا تقاوم فعلة الأيام في جسدك الهش، أما روحك انسج حولها بيتاً من ورد لا يذبل، كقلب طفل يسعد بهطول المطر كل مرة كأنها الأولى، لا تعتدْ على الأشياء، وجرب أن تنظر إليها من زاوية مختلفة، كن فيلسوفاً، اسأل كثيراً ولا تبحث عن الإجابات، وحدها ستأتيك عندما يصبح الوقت مناسباً جدًّا، المهم لا تتوقف أبداً.
رابعاً: إن كنت تظن بحصولك على شهادة أعلى أو منصب أكبر أو وظيفة جيدة أو مال أكثر، ستكون سعيداً توقف فوراً، ليس لأن السعادة أبسط من ذلك، بل لأن الحقيقة لا يوجد شيء يسمى السعادة -هذا مفهوم نسبي لحظي- أما الرضا هو الذي يقودك إلى راحة البال، والنوم ملء عينيك، والرضا يا عزيزي مرتبط بك أنت لا بما أنجزت أو ستنجز، أنصت لصوتك الداخلي.. وأحب نفسك.
خامساً: ابكِ طويلاً كلما سنحت لك الفرصة، ولا تستمع إلى أولئك الذي سيقولون لك "في رجّال ببكي؟!" أو من يقولون "البكا شو بفيد؟!"، سأخبرك سرًّا: البكاء يطيل عمر القلب.. أتعرف؟ اخترع طريقة خاصة بك للبكاء، مثلاً ارقص عندما تكون حزيناً أو اصرخ في غرفة مغلقة واستمع لصداك، لكن في الصباح اخلع عنك وجهك المكتئب ولا تستقبل أبداً ضوء الفجر إلا بفرح يليق به فهذا يومٌ جديد.
سادساً: إذا استطعت السفر لا تبق في مكانك دقيقة واحدة، فالعالم كتاب مفتوح انهلَّ منه ما استطعت قبل أن تخور قواك، وإنْ لم تستطع فابنِ عالماً متكاملاً في داخلك، المهم ألا تتوقف عن الحلم، هذا الوقت المناسب للأحلام، ويقولون في السفر سبع فوائد فاغتنمها.
سابعاً: ابحث كما شئت عن الأمان لن تجده إلا بين ذراعي عائلتك، بالمناسبة العائلة لا تعني من تنتمي إليهم بصلة الدم فقط، العائلة هي العائلة فحسب، فلا تبخل على أمك بقلبك، ولا على أبيك ببرك، ولا على إخوتك بوقتك، ولا على الصديق بصدقك.
ثامناً: وهذه أهم نقطة، لا تتوقع من الآخرين شيئاً، واحرص على قلبك المحب، فكلما خرجت عليهم لا يرون منك إلا الخير، وإن غبت عنهم حفظت غيبتهم، ولا يهمك ما ينالك في ظهرك من شر، أحسن كثيراً، لكن تيقن بأنك لن تجد إلا القليل هنا، التوقعات الكبيرة ينهار سقفها سريعاً فوق رأسك، لا تكن ساذجاً ليست الحياة مسلسلاً كرتونيًّا وليس الناس فراشات تطير!
تاسعاً. يقولون إن الحب وهم زائل، وعلة تمرض القلب، لا تصدقهم وابحث عنه في كل شيء، في وجه السماء، وانبساط الأرض، واخضرار العشب، وأمنيات المساء وعيد الميلاد، وصفحة الماء، وقلب رجل صادق، عش بشغف، وقدر قيمة الحياة.
عاشراً: احذف الوصايا السابقة.. ولا تستمع إلى أيٍّ منها ولا لغيرها، ستجد الحكمة فيك، عش كما تشاء واختر طريقتك، خلقت حرًّا طليقاً فلتستمع لعقلك وقلبك سيرشدانك بلا شك، انطلق وعش حياتك أنت، وكن أنت أنت.. والسلام.
ملحوظة:
التدوينات المنشورة في مدونات هافينغتون بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.