بادر شباب عراقيون من كلا الجنسين بعملٍ تطوّعي وبمجالاتٍ شتى وفق برنامج أعدوه لدعم النازحين في مراكز الإيواء، من مدنهم الخاضعة لأعمال عنف بعد سيطرة تنظيم الدولة الإسلامية داعش على مناطقهم، فضلاً عن إعادة الحياة إلى المراكز والمنتديات الثقافية المهملة في بغداد.
وأسّس المتطوعون مركزاً تحت عنوان "المركز الوطني للعمل التطوعي"، وقد اختاروا الناشطة المدنية ميسون ممنون لرئاسة المركز، بهدف الارتقاء بالعمل التطوعي.
وقالت ممنون لـ"عربي بوست" إن "المركز شكّل فرقاً تخصصية للعمل، وكان تشكيل الفريق الإعلامي التطوعي الأسرع، حيث باشرنا بإقامة ورشة عمل متخصصة بفن التصوير الفوتوغرافي في بغداد، وكان عدد المشاركين فيها (150) شاباً وشابة، ومن اختصاصات مختلفة".
أكّدت ممنون أن "المركز لديه تنسيقات عدة مع جهات رسمية وغير رسمية، منها جمعية الهلال الأحمر العراقية، ووزارة الداخلية وأمانة بغداد، حول إشراك المركز في جميع مشاريع تلك الدوائر، خاصة في مجال دعم النازحين، وتقديم مواد غذائية وعينية لهم في المخيمات التي يقطنون فيها بأنحاء متفرقة من بغداد، فيما قامت تلك الدوائر بتسهيل مهمة المتطوعين لما لمسته من عملٍ نوعي في مجال إرساء ثقافة العمل التطوعي وروح المبادرة، فضلاً عن دعم وزارة الشباب والرياضة للمركز وفرقه المتعددة".
بادر المتطوّعون ضمن خطةٍ لإعادة الحياة إلى المراكز الثقافية المهملة، وفي مقدمتها مسرح الرشيد وسط بغداد، وهو متروكٌ ومهمل منذ ما يقارب 14عاماً، وكان من أول المبادرين فريق محبي بغداد وفريق القادة الشباب، وكان المسرح في حالٍ يرثى له بسبب الإهمال، غير أن فرق المتطوعين وعدداً من فناني المسرح العراقي، أصروا على إحيائه بقدر الإمكان، وبالفعل تم ذلك حيث واصل المتطوعون العمل ليل نهار، بعد رفع الأنقاض ودهن الجدران، وتأهيل خشبة المسرح، وإصلاح مقاعد الجمهور.
أعطني مسرحاَ.. أعطك أمة
وأوضحت ممنون إن "المتطوعين استنجدوا بكل من يستطيعون الاستنجاد به لتوفير جهد خدمي من آليات وغيرها بعد ما عانوه من مطالبات بعض الجهات المسؤولة بالموافقات الأمنية لعملهم، وغيرها، وبعد استمرار الحملة التي أطلق عليها (أعطني مسرحاً.. أعطك أمة).
يذكر أن أبرز فرق المركز تمثّلت بالفريق الاستشاري والفريق الإعلامي التخصصي، والفريق الثقافي، والفني، والقانوني، والصحي، والتربوي، والتعليمي، والرياضي.
أشارت ممنون إلى أن "الفريق الرياضي يعمل الآن وفي إطار تنفيذ المشاريع التطوعية المقبلة، ومنها العمل على وقف ظاهرة شغب الملاعب، بعد عقد عدة لقاءات مع روابط مشجعي كرة القدم، ومحاولات دمجهم بالعمل الشبابي، وإبعادهم عن حالات العنف في الملاعب، وكيفية تثقيف الجمهور الرياضي".
تبرعات مختلفة
أثار العمل التطوعي الذي يقوم به المركز دهشة عدد من الشخصيات العامة في العراق، حيث سارعوا بالتبرع بالأموال والأثاث والمعدات، وقد تبنت شركة (ببسي كولا)، إعمار مطعم وكافتيريا مسرح الرشيد، وتزويده بكل المستلزمات، فيما قامت شركة الحافظ للتجارة العامة بتزويد المسرح بوسائل التبريد والتكييف والتدفئة، وقد تعهدت شبكة الإعلام العراقي من خلال عضو هيئة الأمناء مجاهد أبو الهيل بمد كابل كهربائي وآخر ضوئي لمبنى مسرح الرشيد.
وطبقاً لما ذكرته الناشطة ميسون ممنون فإن عدداً من الشخصيات السياسية تبرعوا بمبالغ مالية للمركز لإدامة عمله التطوعي واستمراره، منهم رئيس مجلس النواب الدكتور سليم الجبوري، والنائبة سروة عبد الواحد وهي عضو لجنة الثقافة في البرلمان.
وبينت ممنون أن عدد الفرق بلغ (17) فريقاً، وامتدت التجربة لتشمل بقية محافظات العراق، بواقع ثلاثة في بغداد، و 14 في المحافظات الأخرى، مشيرة إلى أن المركز بصدد إعداد قاعدة بيانات، لأن أعداد المتطوعين في تزايد.
يذكر أن المركز باشر أعماله التطوعية مطلع العام الحالي، بعد أن عقد المركز مؤتمره الأول الذي استضاف 150 شباباً وشابة من 18 محافظة عراقية، وخرج بتوصيات ذهبت إلى مجلس الوزراء للمصادقة عليها حيث تم إصدار كتبٍ رسمية إلى جميع الوزارات ومكاتب المحافظين وكل الجهات ذات العلاقة لتسهيل مهام فرق العمل.