على أبواب البنوك… قصة وطن

على أعتاب وأبواب البنوك حول تلك الميادين.. قصة وطن لن تختلف أحداثها أيًّا كان البنك وأيًّا كانت المدينة؛ لأن ولي أمر قصر في حق رعيته..

عربي بوست
تم النشر: 2016/03/16 الساعة 04:44 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2016/03/16 الساعة 04:44 بتوقيت غرينتش

أحب شوارع مركز مدينة طرابلس وأحب المشي فيها.. شارع محمد المقريف وشارع ميزران وشارع الاستقلال "1 سبتمبر سابقاً"، تلك الشوارع البهية صاحبة الرمزية الكبيرة بالنسبة لليبيين، الشوارع المطلة على ميادين الحرية "ميدان الشهداء" و"ميدان الجزائر"؛ تلك الميادين التي شهدت الكثير من تعبير الليبيين عن مشاعرهم، غضباً وحزناً وفرحاً واستهلالاً..

الميادين التي شهدت احتفالات عارمة فرحاً بالثورة الليبية وذكراها كل عام في السنوات الثلاث الأولى اللاحقة لانطلاقة الثورة سنة 2011 ، هي ذات الثورة التي حلم الليبيون بتغير واقعهم بعدها ليصبح أفضل، لكن شاءت الأقدار وسوء أخذ الأسباب، أن ينقلب الفرح قرب تلك الميادين إلى حزن ووجع.. وألم يكبر يوماً بعد يوم، ذلك أنه وبعدما كان الأمل في قيام وطن، أصبح الدعاء أن يبقى ما تبقى من الوطن..

وعلى القرب من تلك الميادين تجد طوابير طويلة، مع كل واقف فيها قصة وحكاية يتمثل في مجموعها، حكاية وطن.

تلك الطوابير التي تنتظر قوت يومها ومصدر رزقها الوحيد.. مرتباتها التي عملت من أجلها لـ 30 يوماً وربما لشهور طويلة، دون أن ترى منها ديناراً واحداً.. يكفيها لشراء خبز ذلك اليوم..

على أعتاب تلك الميادين وبالقرب منها وحولها.. تقع تلك البنوك التي تلجأ إليها الدولة والأفراد ليتخذوا منها وسيطا يأتمنه الموظفون على مرتباتهم الي يأخذونها من الدولة، ويأتمنها العامة ليضعوا فيها أموالهم دون خوف على ضياعها ومتى أرادوا الحصول عليها لن يفصلهم عنها إلا توقيع.

إلا أن الأمين لم يعد الأمين.. والبنك لم يعد يُستخدم لإيداع وسحب الأموال فأصبح الصراف منادياً ينادي في الناس أن لا سيولة لدينا اليوم، وأمّا صاحب المال الذي كان يبتسم تلك الابتسامة الواسعة، بعد أن يحصل على أتعابه من الدولة عن طريق تلك المصارف، أصبح اليوم عبوساً.. لا ملامح له جالساً على الرصيف منتظراً.. أملاً في الحصول على جزء محدود قد يسمح المصرف بسحبه ذاك اليوم إن كان محظوظاً، فإن كان ممن أبى الحظ أن يقترب منهم.. عاد لمنزله متمتماً بما لم يعد يصعب سماعه، داعياً بأن حسبي الله ونعم الوكيل..

على أعتاب وأبواب البنوك حول تلك الميادين.. قصة وطن لن تختلف أحداثها أيًّا كان البنك وأيًّا كانت المدينة؛ لأن ولي أمر قصر في حق رعيته..
ولأن الطوابير الطويلة التي كانت تنظر المضحين بأنفسهم وأموالهم في سبيل الوطن قد كتب في مكانها لافتة تقول..

نعلمكم بأننا نقلنا مكان طابورنا.. إلى كل من تونس وطبرق وقصور الضيافة..

فهناك تحقق الثورة أهدافها.. ويحصل الثوار والمواطنون على أحلامهم..

فالمعتوهون اختصروا وطناً ومواطناً وثورة في مصلحتهم وراحتهم وقصورهم..

وحتى ذلك الوقت الذي يكون لنا فيه عمر بن الخطاب كالذي لا يعلم منه المسؤولون سوى خلق لم يقتدوا به..

يبدو أن مشيي في شوارع مركز مدينة طرابلس.. لن يكون سوى مناسبة حزينة..أشاهد فيها أولئك "البؤساء".

ملحوظة:

التدوينات المنشورة في مدونات هافينغتون بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

تحميل المزيد