في الإمارات تنمو معارضة جديدة ضد "السيسي" قوامها شخصيات اتفقت معه مرحليًّا، ولكنها صارت في وقت لاحق مصدر إزعاج له.. والسؤال الذي يطرح نفسه ليس فقط عن تزايد عددها، بل عن التسامح المتزايد مع منحها مساحات للتعبير، فهل تسعى الإمارات لمساعدة الرئيس المصري، أم أنها تنزع يدها منه رويدا رويدا؟
رايح يقبض مكافأة نهاية الخدمة…
عاجل| مصادر تكشف أسباب مغادرة "الزند" إلى الإمارات https://t.co/nGHDRD7Fws— Dr.Khalil al-ِِAnani (@Khalilalanani) ١٦ مارس، ٢٠١٦
فلنبدأ القصة من آخرها..
فعلى غرار الطريقة التي غادر بها الفريق أحمد شفيق مصر في أعقاب خسارته انتخابات الرئاسة عام 2012، فوجئ المصريون اليوم بخبر عاجل عن سفر وزير العدل المعزول أحمد الزند بصحبة أسرته إلى أبو ظبي بعد أيام قليلة من إقالته من منصبه، ووسط أنباء عن قضايا عديدة تُرفع لمحاكمته.. التعليق الأول على الخبر كان "عمرة مباركة".
والعمرة إلى أبو ظبي صارت -كما هو معلوم- مثاراً لسخرية المصريين منذ اتخذها الفريق أحمد شفيق ذريعة عندما غادر البلاد، ولكنه لم يعد أبداً، واليوم تتردد الشائعات أن الزند وأسرته ذهبوا لحضور حفل زفاف، وربما يطول الحفل كثيراً أو إلى الأبد كما يقولون.
سفر مفاجئ
خرج الزند من المطار من صالة كبار الزوار، واستقل طائرة خطوط "الاتحاد" التي تملك صالة خاصة في مطار القاهرة، ورغم أن هذا لا يستدعي ريبة، إلا أنه كان في حد ذاته محل تساؤلات من القراء الذين استغربوا أن يقوم وزير لم يترك السلطة إلا قبل بضعة أيام باختيار شركة الطيران غير الوطنية للسفر.
صحف مصرية عديدة اعتبرت أن خروج الزند من صالة كبار الزوار يعني أنه ليس مغضوباً عليه، وأن رحلته إلى الإمارات قد تكون قصيرة، وبعضها مثل صحيفة "الوطن" أشارت إلى سابقة عمل الزند في مدينة رأس الخيمة لتنقل عن مصادر لم تسمها أنه مسافر لحضور حفل زفاف نجل صديق سابق في سلك القضاء.
ولكن الأصوات الأخرى ترى أن الخروج من صالة كبار الزوار لا يعني شيئا، فكثيرون يعلمون أن هذه الصالة يمكن أن تفتح أبوابها أحياناً لبعض كبار المطلوبين إذا دفعوا أموالاً، مشيرين مثلاً إلى أن عدداً من قادة الإخوان المسلمين المطلوبين خرجوا من تلك القاعة في الفترة التي تلت فض اعتصام رابعة.
الرأي حسب هؤلاء هو أن الزند سارع للهرب قبل أن تتعقد الأمور، ولا سيما بعد تردد أنباء عن تحريك بلاغات مجمدة ضد الزند في استغلال رئاسته لنادي القضاء، واستحواذه على أراضي الدولة بغير حق، آراء مثل هذه تجدها متناثرة في الهاشتاغات التي انتشرت على تويتر ومنها #هروب_الزند، و #أبوظبي.
بص يا عم احنا هنقيلك ونحط وشنا في الحيطة ونعد ل100، تهرب انت، نخلص عد ونلف مانلاقكش فنتخض احنا بقي، ونقولهم هرب، هنحاسبه ازاي؟ #هروب_الزند
— Morsysko (@AmrMorsii) March 16, 2016
من يلحق بالزند؟
الأمر الذي يستحق الالتفات هنا هو أن دولة الإمارات تتحول شيئا فشيئا إلى مخزن، ليس بالضرورة للمعارضة المصرية المغضوب عليها من قبل الرئيس عبد الفتاح السيسي، ولكن للحلفاء السابقين للجنرال، والذين أيدوا إطاحته بحكم الإخوان في 2013 ثم اختلف الرأي أو اختلفت المصالح.
فهناك الآن الفريق أحمد شفيق الذي لا زال يرى في نفسه الشخص الأحق بالرئاسة وإنْ كان اتفق مع السيسي على الإطاحة بالرئيس المنتمي إلى جماعة الإخوان محمد مرسي.
في فترة حكم الإخوان كان شفيق مركز حركة إعلامية دؤوبة ضد الرئيس مرسي، ومعلقاً دائماً في القنوات الفضائية انطلاقاً من هناك، وقد لاذ بصمت طويل بعد وصول الرئيس السيسي إلى السلطة باستثناء حوار أو حوارين، وتسريب لمحادثة صوتية معه انتقد خلالها أداء الرئيس الحالي ووصفه بقلة الخبرة.
وهناك مقدم البرامج الشهير باسم يوسف الذي اشتهرت أغنيته التي تحتفي بما فعله السيسي في الإخوان في المذبحة التي وقعت عند فض اعتصام رابعة وراح ضحيتها نحو 1000 من المعارضين الإسلاميين، ولكن برنامجه ما لبث أن توقف بعد عدة حلقات عندما وجه نقداً محدوداً للجنرال عبد الفتاح السيسي، الذي لم يكن قد تولى الرئاسة رسميًّا بعد، وخلال الأسابيع التالية يمم يوسف وجهه شطر الإمارات التي يجد فيها سقفاً معقولاً للتغريد والظهور في برامج تلفزيونية أجنبية يعارض فيها عبد الفتاح السيسي مع الحفاظ على انتقاداته السابقة للإخوان والتيارات الإسلامية الأخرى.
الشخصية المصرية الثالثة التي تقيم في الإمارات، هو وزير الاستثمار الأخير في عهد مبارك رشيد محمد رشيد، وهو ليس محسوباً هو الآخر على جبهة المعارضة ضد الرئيس السيسي، والسبب الحقيقي في وجوده بالإمارات هو استمرار ملاحقته في قضايا جنائية بدأت منذ ثورة 2011 وتهدده بالذهاب إلى السجن، ولا يذكر أن له أي حضور إعلامي منذ ذلك الحين.
القائمة مرشحة للزيادة، فالبعض يرشح الإعلامي والنائب البرلماني توفيق عكاشة أن ينضم للركب، وآخرون يضيفون للقائمة البرلماني الآخر ورئيس نادي الزمالك مرتضى منصور.
#اوقفوا_احمد_موسي قبل ما يحصل الزند ويهرب pic.twitter.com/IuWGWsdkYX
— Magdy Kamel (@magdymohamed_) March 16, 2016
وكما هو واضح فالقواسم المشتركة بين من يقيمون في الإمارات هي التالية:
1.أنهم غير إسلاميين
2.أنهم متضررون من السيسي
3.أن مساحات حرية التعبير المتاحة لهم آخذة في التعاظم
تفسيرات ثلاثة لموقف الإمارات
ماذا يعني ما سبق؟
هناك 3 احتمالات:
1- أن الإمارات -وهي حليف مهم ساعد في وصول الرئيس السيسي للسلطة- تسعى لمساعدته عبر توفير بديل يرضي جميع الأطراف، فيتخلص السيسي من الأشخاص المزعجين ليحكم دون منغصات، ولا يتم إيذاء حلفاء الأمس في نفس الوقت.
2- أن الإمارات بدأت في نفض يدها من حليفها المصري، ولا سيما مع الفشل المتكرر في إدارة الملفات الرئيسية، وارتفاع كلفة الحفاظ عليه ماليًّا على الأقل في وقت تتزايد فيه الأعباء على دول الخليج المنهكة في تمويل حروب في اليمن وسوريا وليبيا، وفي دعم أنظمة حليفة فقيرة في المنطقة، ولذلك فهي تسعى إلى بناء نواة معارضة جديدة تتوفر فيها شروط رئيسية أبرزها ألا تكون منتمية إلى التيار الإسلامي أو تملك تنظيماً مثيراً للإزعاج مثل جماعة الإخوان المسلمين.
3- أن يكون الأمر خليطاً من الاحتمالين السابقين، وربما يكون هذا هو الأقرب، فالإمارات تسعى في المدى القصير إلى توفير بيئة مواتية للرئيس السيسي تفادياً لفتح جبهة جديدة من عدم الاستقرار في المنطقة، ولكنها تمد في ذات الوقت يداً إلى المتضررين منه من الشخصيات المؤثرة، الأمر الذي قد يضمن لهم استمرار النفوذ في الملف المصري في حالة خرجت الأمور عن سيطرة السيسي.