لا يزال "سيلفي" الجنود التونسيين مع جثثٍ لعدد من عناصر تنظيم الدولة الإسلامية "داعش" خلال مواجهات مدينة بن قردان يثير جدلاً بين مَنْ يرى فيه تصرفاً تلقائياً لبعض الجنود المدفوعين بحماسة الانتصار، ومعارض يرى في الفعل مخالفةً لأخلاقيات جيش نظامي اشتُهر بمواقفه المشرفة إبان الثورة التونسية.
المعاهدات الدولية لا تنسحب على التنظيمات الإرهابية
في هذا الصدد يقول الجنرال المتقاعد محمد المؤدب لـ"عربي بوست"، إن سلوك العسكريين خلال العمليّات الحربيّة مؤطر ضمن معاهدات دولية منها "اتفاقيات جنيف" الأربع لسنة 1949، وبروتوكولات 1977 تحت بند "قانون الحروب".
وأضاف: "قانونياً هذه المعاهدات الدولية لا تنسحب على الإرهاب الدولي، ولا على هذه التنظيمات المتطرفة التي تبقى تحت طائل قانون خاصّ، وهو قانون الإرهاب".
ورغم ذلك ومن الناحيّة الأخلاقيّة والإنسانيّة لا يجوز التمثيل أو التنكيل بجثث الإرهابيين أو الإساءة لها، وهو ما لم يحدث في هذه الحالة، حيث لم يتعدّ الأمر تعبير العسكريين عن فرحتهم بانتصارهم والقضاء على عناصر داعش، مضيفاً: "هذا تصرّف صادر عن جنود من الرتب الصغرى، تنقصهم الخبرة وحسن تقدير حساسيّة هذه الأمور".
واعتبر الجنرال المؤدب أنه كان من المحبذ عدم أخذ الصورة تفادياً لهذا الجدل الحاصل، مشدّداً في ذات الوقت على ضرورة عدم استغلال هذه الحادثة لمزايدات، البلاد في غنى عنها، والحملات التي شنها بعض الحقوقيين مبالغ فيها وليست في وقتها؛ نظراً لخطورة الأوضاع التي تمرّ بها البلاد.
بدوره عبّر رئيس الرابطة التونسية لحقوق الإنسان، عبدالستار بن موسى، عن تفهمه لتصرف الجنود، مؤكداً أن ذلك لا يدخل بأي شكل من الأشكال تحت سلوك التنكيل بالجثث، داعياً إلى عدم تهويل الأمور، بحسب ما نقلته وكالة الأنباء التونسية.
وزير التربية يحدث الجدل
وزير التربية التونسي ناجي جلول كان من بين كبار المسؤولين في الدولة الذين أثنوا على "سيلفي الجنود"، وأشاد بشجاعتهم في الانتصار على هذه الجماعات المسلحة، كما أعلن في أحد البرامج التلفزيونية أنه سيقوم بشراء قميص طُبعت عليها صورة الجنود المثيرة للجدل من باب الترويج لها، وهو ما خلّف بدوره ردود فعل منددةً من بعض الحقوقيين ونشطاء تونسيين.
تشجيع ثقافة "الاحتفاء بالموت"
وفي هذا الخصوص اعتبر الناشط السياسي والمدوّن التونسي عزيز عمامي في حديثه لـ"عربي بوست"، تصريحات الوزير لا تليق بمسؤول دولة وبوزير مهمته أساساً التربية والتعليم.
وأضاف أن الوزير يمثل قدوة لجيل كامل، ومن غير اللائق أن يخرج بمظهر المحتفي بعملية القتل أياً كانت أطرافها.
وحذر عمامي من انسياق بعض التونسيين بدافع الحماسة وحب الوطن إلى التشبه بسلوك وممارسات التنظيمات الإرهابية متسائلاً: "إذن ما الفرق بيننا وبينهم في هذه الحالة".
كما هاجم بشدة تصريحات الوزير التونسي، وكتب معلقاً في مدوّنته الخاصة مقالاً نقدياً تحت عنوان "سنقاومهم بالتجهيل المقدس. طوراً باسم الإله وطوراً باسم الوطن".
جدل على شبكات التواصل
بعض النشطاء عبر شبكات التواصل الاجتماعية ورغم احتفائهم بشجاعة الجيش التونسي في مقاومة المجموعات المسلحة، فإنهم انتقدوا بدورهم ما أقدم عليه الجنود.
التحكم في نشوة الانتصار صعب والشعور بالنخوة مربك…لذلك تفهمنا حركة جنودنا الشبان وهم يصورون جثث الجرذان وراءهم…كلنا س…
Posted by Samir Elwafi on Sunday, March 13, 2016
انا من رأي عزيز عمامي…التنكيل بجثث الإرهابيين لا علاقة له البتة بالحرب على الأرهاب و هو سلوك منحرف و منفلت لا يليق بص…
Posted by Khalil Klai on Thursday, March 10, 2016
و للمرة الألف، راهو كي نحتجو على تصاور الجنود مع جثث الإرهابيين هذاكة نابع من غيرة على صورة الجيش الوطني و أخلاقه (شنوة …
Posted by Haythem El Mekki on Monday, March 7, 2016