جمعت تظاهرات بحجم تاريخي، أمس الأحد 13 مارس/آذار 2016، أكثر من 3 ملايين متظاهر في مختلف أنحاء البرازيل للمطالبة برحيل الرئيسة اليسارية ديلما روسيف التي تواجه أزمة سياسية حادة.
في مدينة ساوباولو وحدها أكبر مدن البرازيل، تظاهر 1,4 مليون شخص وهم يهتفون "ديلما ارحلي"، بحسب رقم صادر عن إدارة الأمن العام في هذه الولاية التي قدرت إجمالي المتظاهرين بـ1,8 مليون شخص.
وقبل صدور هذه التقديرات، قدر عدد المتظاهرين في باقي أنحاء البرازيل بـ1,4 مليون شخص، بحسب أرقام للشرطة جرى تجميعها مدينة بمدينة من موقع "جي1" الإخباري.
هذا الرقم لا يأخذ في الحسبان تظاهرة كبيرة في ريو دي جانيرو حيث تظاهر مئات الآلاف.
كما نظمت تظاهرات كبيرة في العاصمة برازيليا (100 ألف)، وقرطبة (200 ألف)، وريسيف (120 ألفاً).
ويشكّل هذا الحشد الكبير ضربة لروسيف التي تواجه تهديداً بإجراء برلماني ويشهد تحالفها انقسامات.
وتشلّ البرازيل منذ أكثر من عام أزمة سياسية كبيرة، زادت من حدتها ما يكشف تباعاً من فضائح فساد كبيرة في "بيتروباس" الشركة النفطية العملاقة العامة، كل ذلك على خلفية ركود اقتصادي.
سأم من كل هذا الفساد
وتبدو حكومة حزب العمال الحاكم منذ 2003، مشلولة تماماً، ولم يعد بإمكانها أن تجعل البرلمان المتمرد يصادق على إجراءات التقشف، في الوقت الذي تدخل فيه البرازيل، سابع اقتصاد عالمي، عاماً ثانياً من الركود. وتراجع الناتج الإجمالي بنسبة 3,8% في 2015، على خلفية تضخم فاقت نسبته 10% وارتفاع كبير للعجز العام.
وقال المهندس المعماري سيرجيو سامبايو (61 عاماً) الذي كان بين حشد متظاهري ساوباولو لـ"فرانس برس" بمرارة: "إنها الفوضى في البرازيل وهذا يؤثر علينا جميعاً".
وفي ريو دي جانيرو قال لويس أدولفو (57 عاماً) المعجب بالرئيس الليبرالي الجديد للأرجنتين موريسيو ماكري الذي خلف الرئيسة اليسارية كرستينا كيرشنر: "نحن بحاجة إلى ماكري هنا" في البرازيل.
وكتب على لافتة رفعها: "لم أتصور أني سأغار يوماً من الأرجنتين".
ودعت للتظاهرات حركات مواطنة تميل لليمين، وكانت وراء 3 تحركات مماثلة في 2015، جمع أهمها 1,7 مليون متظاهر في مارس/آذار الماضي.
ولأول مرة انضمت أحزاب المعارضة، أمس الأحد، للتظاهرات.
وشارك زعيم المعارضة "ايسيو نيفيس" الخاسر أمام روسيف في الجولة الثانية من الانتخابات الرئاسية في 2014، في مسيرة ساوباولو.
كما عبّر المتظاهرون عن دعمهم للقاضي سيرجيو مورو، المكلف التحقيق في ملف الفساد في "بتروباس" الذي يمتد إلى عهد الرئيس السابق "لولا دا سيلفا" (2003-2010).
وفي برازيليا صوّر معارضو روسيف، لولا عراب الرئيسة الحالية في شكل دمية كبيرة من البلاستيك مرتدية لباس السجناء المخطط بالأبيض والأسود.
وتستغل المعارضة المتاعب القضائية الأخيرة للرئيس السابق لويس ايناسيو لولا دا سيلفا (2003-2010) المرشد السياسي لروسيف.
وكان دا سيلفا النقابي العمالي السابق الذي شهد ولادة "المعجزة" الاجتماعية-الاقتصادية البرازيلية في العقد الأخير من القرن الماضي، تعرّض للملاحقة جراء فضيحة الفساد في شركة بتروبراس التي تلطخ سمعة الائتلاف الحاكم.
وقالت روزالينا فيتوسا (61 عاماً – متقاعدة) في ساوباولو: "سئمنا من كل هذا الفساد، أنا أحتج ضد الفوضى المعمّمة في البلاد".
وأضافت: "كنت صوّت لحزب العمال لكني لن أفعل ذلك أبداً مستقبلاً. كنت مع لولا لكني لم أعد أريد معرفة أي شيء عن هذا الفاسد الوضيع".
وتأمل المعارضة في حشد أعداد كبيرة من معارضيها، لممارسة ضغوط على النواب الذين يترددون في التصويت على بقاء الرئيسة اليسارية أو استقالتها في الأسابيع المقبلة.
وتعيش الرئيسة منذ ديسمبر/كانون الأول تحت تهديد إجراء برلماني بإقالتها بدأته المعارضة التي تتهمها بتزوير الحسابات العامة في 2014 لدى إعادة انتخابها وفي الفصل الأول من 2015.