هاجمته واتهمته بالانحياز للبوليساريو.. ما الذي تتخوّف منه الرباط في تصريحات بان كي مون حول الصحراء؟

عربي بوست
تم النشر: 2016/03/13 الساعة 15:33 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2016/03/13 الساعة 15:33 بتوقيت غرينتش

تظاهر مئات الآلاف من المغاربة الأحد 13 مارس/آذار 2016 في الرباط احتجاجاً على تصريحات الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون الذي وصف الصحراء الغربية بـ"المحتلّة" خلال زيارته السبت 5 مارس/آذار مخيماً للاجئين الصحراويين قرب تندوف في الجزائر.

وأصدرت حينها الحكومة المغربية بياناً شديد اللهجة يتهم الأمين العام للأمم المتحدة بان كي كون بالانحياز في نزاع الصحراء الغربية، بعد إطلاقه وصف "الاحتلال" على الصحراء كما نقلت وسائل إعلام محلية

لكن ما الذي تتخوف منه المغرب في تصريح بان كي مون، وما أثر ذلك على سير المفاوضات بين الرباط والبوليساريو التي تطالب بالانفصال؟

الرباط تتخوف من تقرير بان المقبل

ووصف المحلل السياسي المغربي عبد الفتاح الفاتحي تصريح الأمين العام للأمم المتحدة الأخير بـ"رد الفعل الحماسي العاطفي، بعد زيارة منقوصة إلى المنطقة لم يستمع فيها إلى الطرف المغربي"

وقال الفاتحي في حديث لـ"عربي بوست" إن الرباط "تتخوّف من أن ينعكس الموقف الذي عبّر عنه الأمين العام للأمم المتحدة في تقريره الذي سيقدمه إلى مجلس الأمن في أبريل/ نيسان 2016، وأن يكون تقريراً منحازاً".

وأضاف الخبير في شؤون الساحل والصحراء أن سنة 2016 "ستكون سنة حاسمة في نزاع الصحراء كما سبق أن صرح المبعوث الخاص للأمم المتحدة في الصحراء كريستوفر روس" مشيراً إلى أن تقارير الأخير "دائماً ما تكون مؤيدة لموقف جبهة البوليساريو الداعي إلى تقرير المصير، وهو ما يعني استقلال الصحراء الغربية عن الرباط".

واعتبر عبد الفتاح الفاتحي أن وصف الأمين العام للأمم المتحدة للرباط بـ"دولة الاحتلال" إذا ما ضُمّن في تقرير بان كي مون المقبل، فإنه "سيشكل ثورة حقيقية على كل التقارير لم يسبق أن وصفت المغرب بالدولة المحتلة للصحراء الغربية".

تحول في "عقيدة" الأمم المتحدة

ويقول الخبير في شؤون الصحراء صبري لحو إن الرباط "ترغب من خلال بيان الاحتجاج إلى استفزاز الأمين العام للأمم المتحدة، لمعرفة نوايا وحقيقة مواقف الأمم المتحدة، وهل ترغب في التدخل بطرح حلٍّ جديد لقضية الصحراء الغربية، فبان كي مون لا يملك صلاحيات التصريح بالاحتلال ما لم يصادق على ذلك مجلس الأمن".

وأضاف لحو في تصريح لـ"عربي بوست" أن "المغرب يتخوّف من بداية تحوّل في عقيدة الأمم المتحدة، التي كانت تقترح حلاً سياسياً متوافقاً عليه لهذا النزاع، وإذا وصف التقرير المقبل لمجلس الأمن التواجد المغربي بالاستعمار، فإن ذلك يعني ضرورة جلائه، وأن الخيار سيصبح هو أن يدلي السكان برأيهم لتقرير المصير" وهو موقف جبهة البوليساريو الداعية إلى الانفصال.

تصريح يعمّق الخلاف

من جانبه يقول أستاذ العلاقات الدولية إدريس الكريني إن "ميثاق الأمم المتحدة يعتبر الأمين العام مجرّد موظف داخل الهيئة، يتيح له تنبيه مجلس الأمن فيما يهدّد السلم والأمن الدوليين فقط، ويمنعه صراحة من القيام بأي عمل يسيء إلى مركزه باعتباره موظفاً دولياً".

وأضاف الكريني في حديثه لـ"عربي بوست" أن "تصريح بان كي مون ينطوي على خطورة، لأن فيه تجاوزاً لقرارات مجلس الأمن ذات الصلة، التي لم يسبق أن وصفت المغرب بالاحتلال، وبالتالي فإن المغرب تتخوف من تأثيراته المحتملة سلبياً على مسار نزاع قضية الصحراء، التي تحتل مكانة محورية في سياسات الرباط، خصوصاً وقد صدر عن شخصية وازنة، ومن شأنه تعميق الخلاف وتحريض طرف ضدّ آخر".

خلفيات التوتّر بين الرباط والأمم المتحدة

وسبق للمغرب أن سحبت ثقتها من المبعوث العام للأمم المتحدة كريستوفر روس في مايو/ أيار 2012، بعدما اتهمته بـ"الانحياز وعدم الموضوعية" قبل أن يستأنف عمله عقب اتصال بين الملك محمد السادس والأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون، أكد فيه أن روس "سيعمل وفق مبادئ الجمعية العامة للأمم المتحدة وقرارات مجلس الأمن".

ويقول المحلل السياسي عبد الفتاح الفاتحي إن كريستوفر روس "همّش مقترح الحكم الذاتي الذي يطرحه المغرب لتسوية النزاع، وجاء في قرارات مجلس الأمن أنه واقعي وذو مصداقية".

تهديد بتقويض المفاوضات

وكانت حكومة الرباط قد اتهمت في بيان الثلاثاء 8 مارس/آذار بان كي مون بـ"التخلّي عن الحياد والموضوعية" بوصفه الصحراء الغربية بأنها "محتلة".

وقالت في بيان إنها "تسجل بذهول" استخدام بان كلمة "احتلال لوصف استرجاع المغرب لوحدته الترابية".

بيان الحكومة المغربية أكد أن ما وصفه ب"الانزلاق اللفظي" للأمين العام للأمم المتحدة "يمس بشكل خطير" بمصداقية الأمانة العامة للأمم المتحدة، ويهدد بتقويض المفاوضات السياسية، على بعد أشهر من نهاية ولاية بان كي مون.

وترعى الأمم المتحدة مفاوضات بين الرباط التي تقترح حكماً ذاتياً موسعاً في الصحراء الغربية تحت السيادة المغربية، وجبهة "البوليساريو" التي تطالب بتنظيم استفتاء حول تقرير المصير.

تحميل المزيد