ألمانية نجت من الحرب العالمية تخاطب فتاة سورية.. كنتُ يوماً مثلك فلا تخافي المستقبل

عربي بوست
تم النشر: 2016/03/13 الساعة 15:44 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2016/03/13 الساعة 15:44 بتوقيت غرينتش

60 عاماً من التقدم والازدهار جعلت كثيراً من الألمان ينسون أنهم كانوا يوماً ضحايا الحرب العالمية الثانية المدمرة وأنهم عاشوا لاجئين في بلادهم أو مطرودين منها مثلما يعيش السوريون الآن، ولكن رسائل الألمانية "هيلغا كيسل" لزوجها الأميركي ليو، تجعلها تشعر أكثر من غيرها بمعاناة اللاجئين السوريين الذين عاشت ظروفهم يوماً.

الرسائل لها معنى خاص لدى هيلغا كيسل، فقد أمضت زمناً في كتابة الرسائل بينها وبين زوجها ليو، الذي كان جندياً أميركياً وقعت في حبه في أعقاب الحرب العالمية الثانية، عندما كانت تعمل لدى محل تصوير في قرية بافارية، بينما كان هو يبحث عن مكانٍ لطباعة صور القصور المهيبة في المنطقة عقب انتهاء الحرب العالمية الثانية.

حملة كتابة الرسائل للاجئين

هيلغا اللاجئة السابقة والناجية من الحرب العالمية الثانية، بعثت برسالة لفتاة سورية اضطرت لمغادرة أرضها في نفس العمر الذي غادرت فيه هيلغا موطنها، وذلك عبر حملة دعت لها منظمة "كير" للإغاثة لكتابة الرسائل للاجئين.

ووفقاً لتقرير صحيفة " PBS News Hour " الأميركية نشرته يوم الأحد ١٣ مارس/ آذار ٢٠١٦ فإن هيلغا ووالدتها كانتا قد فرّتا من القصف في برلين، بعد وفاة والدها في الغارات الجوية. واستقبلهم أحد الأقرباء بمنزله في بافاريا بجنوب ألمانيا وساعد هيلغا على العمل في المتجر للتعامل مع الجنود الأميركيين، إذ كانت تعرف القليل من الكلمات باللغة الإنجليزية.

"لقد تحايلت على طريقي حينها" تذكرت ذلك هيلغا وقالته بلكنة ألمانية خفيفة.

أما ليو فيقول من منزله الكائن في كولورادو سبرينغز، بولاية كولورادو الأميركية "سمعتها تقول: كم عدد الطبعات التي تريدها من فضلك؟. ومن هُناك بدأ الأمر".

كثيرٌ من الحب قليلٌ من الطعام

كان الحبيبان قد التقيا لأول مرة في أكتوبر/ تشرين الأول عام 1945، وسرعان ما عاد ليو إلى الولايات المتحدة للالتحاق بالكلية؛ ولكنه ظل يرسل الخطابات لهيلغا، وحقائب الدقيق والسكر والشوكولاتة والحليب المجفف والبيض لأسرتها.

"فتح تلك الحقائب كان كهبةٍ من السماء" هكذا تقول هيلغا؛ فبعد الحرب كان الطعام نادراً. وكانت عائلة هيلغا تجمع الحشائش من الحقول المجاورة لإعداد الحساء. وكانوا يحافظون على تلك السلع في حقائبهم قدر استطاعتهم.

ولحقت هيلغا بليو للزواج في الولايات المتحدة في الأربعاء 7 أغسطس/ آب من عام 1948،
وعندما تبين لمنظمة "كير"، وهي منظمة غير ربحية تأسست عام 1945 وتوفر الإغاثة من الكوارث في جميع أنحاء العالم، أن ليو أرسل منذ عقود معونات عبر مؤسستهم، وأن لديه زوجة من ألمانيا، سألوها ما إذا كانت ترغب في كتابة خطاب للاجئين السوريين.

وعلى الفور قالت هيلغا التي تبلغ من العمر حاليا 87 عاماً "نعم". "كوني أنا نفسي لاجئة لسنوات طويلة مضت، جعلني أتعاطف على الفور مع ما يكون عليه الأمر عندما تغادر وطنك وتصير في هذا الموقف".

أسوأ أزمة إنسانية منذ الحرب العالمية

الحرب الأهلية في سوريا، والتي تبلغ عامها الخامس في 15 مارس/ آذار 2016 قد سببت أسوأ أزمة إنسانية منذ الحرب العالمية الثانية. فحتى الآن، فرّ نحو 4.8 مليون سوري إلى البلدان المجاورة وأوروبا.

إنه موقف صعبٌ للغاية، والتواصل الإنساني يساعد الناس على البقاء على قيد الحياة. وقامت منظمة كير بربط خمسة من لاجئي الحرب العالمية الثانية مع أطفال اللاجئين الذين يعيشون في الأردن؛ كجزء من برنامج كتابة الرسائل للاجئين.

كانت هيلغا في سن ال 16 فقط عندما اضطرت إلى مغادرة برلين بصحبة والدتها، على متن قطار مزدحم، لتدخل مكاناً غير مألوف. قالت هيلغا "عندما تكون صغيراً، ترغب في عيش حياة عادية، وأن تؤخذ بعيداً بين عشيّة وضحاها عن التجربة المخيفة حقاً".

بإمكاني أن أعرف ما تمرّين به

وصلت رسالة هيلغا إلى ساجدة، والتي تبلغ من العمر 16 عاماً أيضاً، وتعيش في شقة بالأردن بصحبة والدتها وشقيقتيها، وشقيقها الأصغر.

قالت هيلغا "كتبت أنه بإمكاني أن أعرف ما تمرّ به، أخبرتها ألا تيئس وأن تكون شجاعة، وألّا تخاف من المستقبل، وأن تتطلع إلى كلّ يوم جديد. حتى في الظروف المُروّعة، فلتفكر في شيء يجعلها تتطلع إلى كل يوم. ليس من السهل أن تضطري لمغادرة أرضك، تذكّري دائماً الأوقات الجيّدة وتطلعي إلى ما يأتي به المستقبل. دائماً من الصعب التأقلم على العيش في بلد مختلف.. أنا أعلم".

كانت تلك هي رسالة هيلغا إلى ساجدة. وعندما استقبلتها ساجدة وتمّت ترجمتها لها غمرتها المشاعر وبدأت في البكاء، بحسب المنظمة.

وهو ما قالت هيلغا عنه "إذا تلقيت خطاباً مثلها، لكان ذلك هو ردّ فعلي. ففي مكانٍ ما في هذا العالم الكبير للغاية، هناك شخصٌ يفكّر بي في تلك اللحظة".

هذه المادة مترجمة بتصرف عن صحيفة PBS الأمريكية. للاطلاع على المادة الأصلية، يرجى الضغط هنا.

تحميل المزيد