قالت تقارير لوسائل إعلام ألمانية، إن أسماء 3 من مُنفذي هجوم باريس قد ظهرت في الملفات التي تم تسريبها أخيراً من تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش)، والذين يُعتقد في مسؤوليتهم عن تنفيذ الهجمات التي وقعت في مسرح باتاكلان وأسفرت عن مقتل 90 شخصاً في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي.
وتكشف وثائق داعش التي حصلت عليها وسائل إعلام ألمانية وبريطانية وسورية مُعارضة، عن هويات آلاف المجندين الجهاديين في 40 دولة على الأقل، ويُرجّج مسؤولون ألمان افتراض صحتها، وتحدد الملفات هويات ما يقرب من 20 ألف مقاتل، ولكل منهم ملفٌ يتضمن اسمه وعنوانه ومعلومات أخرى.
بحسب ما نقل موقع هيئة الإذاعة البريطانية بي بي سي، السبت 12 مارس/ آذار 2016؛ فقد كان بين تلك الأسماء "سامي أميمور، فؤاد محمد عجاد، عمر إسماعيل مصطفى" وهم الثلاثة المنفذون للهجمات التي وقعت بمسرح باتاكلان خلال حفلة موسيقية، وأسفر ذلك عن مقتل 90 شخصاً.
وقد حصلت هيئة الإذاعة الألمانية العامة WDR، وكذلك صحيفة NDR، وصحيفة سود دويتشه تسايتونج على هذه الملفات.
تقول هيئة الإذاعة الألمانية، إن هذه الملفات تشير إلى أن الرجال الثلاثة قد انضموا لداعش خلال عامي 2013، و2014.
محاكمة المُقاتلين
وزير الداخلية الألماني توماس دي مايتسيره، من جانبه قال في تصريح سابق، إن المعلومات الواردة في الملفات بإمكانها أن تساعد على محاكمة المُقاتلين لدى التنظيم، وكذلك على منع الالتحاق بالتنظيم في المُستقبل.
وقد نُشِرت الملفات لأول مرة على الإنترنت (باللغة العربية) بواسطة زمان الوصل، وهو موقع إخباري سوري يتّخد من قطر مقراً له، وأشار الموقع أن عدد الملفات بلغ 1700 ملفاً، وأن الجهاديين المُلتحقين بالتنظيم من 40 دولة، بينهم إيران وروسيا، كما أن 72% منهم يحملون جنسيات عربية، وعلى رأسها المملكة العربية السعودية، وتونس، والمغرب ومصر، كما أن 25% من المُتقدمين للالتحاق بداعش من السعوديين؛ بحسب ما نشرت الصحيفة.
بينهم 16 بريطاني
وأظهرت الملفات أيضاً أسماء 16 شخصاً بريطاني الجنسية، بما فيهم جنيد حسين، ورفاد خان، اللذان لقيا مصرعهما في سبتمبر/أيلول الماضي على الأراضي السورية، إثر غارة جوية لطائرة بدون طيار تابعة لسلاح الجو الملكي البريطاني.
كما شملت الأسماء اثنين آخرين، وهما كريم مارك.ب، وعبد الكريم.ب، وهما يخضعان الآن لمحاكمة منفصلة في ألمانيا، فضلاً عن اثنين من الألمان وهما فريد سال، وياسين أوسيفي، واللذين قد ظهرا في مقاطع مصورة بثّها التنظيم.
وتعرّفت أيضاً وسائل إعلام هولندية على أبو جهاد الهولندي، وعلى المراهق أشرف برعمران، الذي قُتِل خلال غارة جوية شنتها الولايات المتحدة على مدينة الرقة التي تسيطر عليها داعش في يناير/كانون الثاني لعام 2015، وقد ذُكر في الملف الذي يشمل معلوماته الشخصية أنه "وُلِد عام 1997، من أصل مغربي، ويرغب في أن يصير مقاتلاً".
ألمانيا تحقق في الوثائق المُسرّبة
وفي الوقت الذي تحقق فيه شرطة مكافحة الإرهاب بألمانيا في الوثائق المُسرّبة، قال وزير الداخلية الألماني إن "المكتب الفيدرالي الألماني يعمل بناءً على افتراض صحة الوثائق".
فيما قالت وزيرة الداخلية في المملكة المُتحدة، تريزا ماي إنه ليس بإمكانها التعليق على ما وصفته بكونه "قضايا محددة للأمن الوطني"، وأضافت قائلة "إن داعش تمثل تهديداً خطيراً، ومن المهم أن نعمل سوياً لمواجهة هذا التهديد".
وقال وزير الداخلية الفرنسي برنارد كازينوف: "نحن مهتمون للغاية بالمعلومات التي من شأنها أن تسمح لنا بتحييد الإرهابيين، ولكن يجب أولاً التأكد من صحة هذه المعلومات".
مصدر الوثائق
وقالت شبكة سكاي نيوز، إن الوثائق قد أتت من رجلٍ يدعى أبو حامد، وهو مقاتل لدى داعش، والذي قال إنه انشق عن قيادة التنظيم، وسرق شريحة ذاكرة من قائد قوة الأمن الداخلي لداعش قبل أن يتجه بها إلى تركيا.
وقال ستيفان كورنيليوس، محرر الشؤون الخارجية في صحيفة سود دويتشه تسايتونج الألمانية، في حديثه إلى هيئة الإذاعة البريطانية، إن الصحيفة حصلت على تلك الوثائق من "مصدر موثوق".
وأضاف: "هذه الوثائق تمنح بعض الأدلة بشأن وضع داعش في الوقت الراهن، لأن العديد من أعضاء التنظيم، والمُقربين من المجموعة الإرهابية يحاولون كسب المال، وبصراحة تامة، فإن السبب بوضوح هو أن داعش في حالة مالية يائسة".
هل هي حقيقية.. شكوك حول مصداقيتها؟
ويتطرّق تقرير هيئة الإذاعة البريطانية إلى التساؤل المطروح بشأن مصداقية الوثائق، حيث أثار محللون عدداً من التساؤلات بشأن صحتها، مُشيرين إلى التناقضات في اللغة والمضمون بتلك الملفات، والتي شملت أن الاسم القديم للتنظيم وهو الدولة الإسلامية في العراق والشام مكتوب بطريقة مُغايرة في الملفات، وكذلك استخدام شعارٍ غير معتاد في أسفل الوثائق يقول "الدولة الإسلامية هُنا لتبقى"، وأيضاً استخدام لفظ "مقتول" بدلاً من اللفظ المُفظل للجهاديين بداعش وهو "شهيد" في الاستبيانات المُسربة.
ومع ذلك لا تُعد هذه الشكوك قاطعة؛ حيث إنه من الواضح أن تلك الوثائق لم يكن يُقصد بها الاستخدام من قِبل العامة، لذا فمن المحتمل أن من وضع تلك الاستبيانات لم يهتم بالتفاصيل على النحو الذي يجري بالملفات الصادرة للعامة.
كما أنه لا ينبغي مقارنة الوثائق مع ما يصدر عن التنظيم في الوقت الراهن، بل يجب مقارنته بما كان يصدر قبل نحو عامين، عندما أخذ التنظيم في النشوء قبل الاستيلاء السريع على الأراضي في شمالي العراق وسوريا، وعندما كانت بيروقراطية التنظيم وقدراته الإدارية أقل تطوّراً مما هي عليه الآن.
هذه المادة مترجمة عن موقع هيئة الإذاعة البريطانية BBC. للاطلاع على المادة الأصلية، يرجى الضغط هنا.