أنا لستُ من المدافعات عن حُقوق المرأة بالخصوص، أنا مع حقّ المرأة والطّفل والرّجل.. مع حقّ الإنسان..
ولكنّني أيضاً لستُ ضدّ هذا اليوم، هذه ليست العَولمة التي نخشاها فنرفض الاستماع لها.. ليس كلّ ما جاء من الغرب.. بِدعة!
في هذا اليوم تَجري الأمم المتّحدة بحوثها السّنويّة حول المرأة، وتنشر الإحصائيّات الأخيرة من حول العالم حول فعاليات محو الأميّة، حقّها في التعلّم، حقّها في نيل العلاج.. إلخ، وخاصّة في المناطق الفقيرة. بينما تنعم بعض النّساء بالقدرة على المطالبة بحقوقهنّ في كلّ يومٍ وليلة ولا يرين أهميّة بتخصيص يومٍ لهنّ، يأتي يوم في العالم يُجبر الجميع على الإنصات لكلّ صوتٍ مستضعف.
قد احتفل أنا بيوم ميلادي، وقد يكون هذا اليوم هو ميلاد امرأة ما في مكان ما.. مضطهدة. لا أرى أنّ هذا اليوم ينفي أنّ الأديان سبقته إلى المطالبة بحقوق المرأة.. ولكن هل يدين الجميع.. بديانة؟
هذا يوم يهمّنا، يتم تسليط الضّوء على (أين وصل العالم بهؤلاء الأمّهات؟ النّساء العامِلات؟) نحن وإن أنكرنا هذا اليوم، لا ننكر أنّهنّ في دول العالم الثّالث مضطهدات أكثر من الرّجال، وكفى بذكر عمليّات الاغتصاب، والخِتان، وجرائم الشّرف، وتزويج القاصِرات والحرمان من التّعليم والعُنف المنزليّ وتطليقهنّ دون دعمٍ ماديّ و و و.. حتّى منعهنّ من القيادة دون قانونٍ دُستوريّ..هو انتهاك لحقهن! والأسيرات في سجون الاحتلال، واللاجئات في الخيام.
حول العالم ما زالت نسبة توظيف الرّجال أكثر بـ30% من النّساء.. ومازالت النّساء يحصلن على راتب أقل بنسبة 40% من الرّجال. مُعظم من يُقتلن في الحروب الدّائرة في إفريقيا هُنّ من النّساء، وهُنّ أيضاً المصابات بمرض الإيدز النّاتج عن الاغتصاب. زواج القاصرات الذي انتشر في المخيّمات السّوريّة لعدم قدرة المُعيل على تحمّل النّفقات، وتفضيل ذهاب الذّكور على الإناث إلى مراكز التّعليم المتاحة هناك.. والمجّانية.
برأيي أرى أنّ تعليم "حقوق الإنسان" يبدأ في المنزل، عندما يعدل (وليس يساوي) الأب بين الابن والابنة، ويُحسن الزّوج لزوجته وتُرفق الزّوجة بشريك حياتِها.. عِندما يكون هناك كينونة لكلّ شخصٍ في البيت، ورأي وإرادة ورغبة.. عندها نُدرك أهميّة الإنسان كفرد دون النّظر إلى جنسه، واختلاف الجنس يجب أن يزيد الرّفق، وليس أن يقلّله.. ويعنّفه.
فما أجمله من بيت أفراده مثقّفة، واعية، مُدركة، مُتعلّمة مُتفاهمة.. متوازنة.
يقول الدكتور عدنان إبراهيم "المرأة يُنفخ فيها روح من الله كلّما حبلت، يحصل ذلك في صلب المرأة وليس في صلب الرّجل.. أتدركون قُدسيّة المرأة؟ فلن يَخْبُرَ هذه التّجربة الإلهيّة رجل طبيعيّ صاحب فطرة سليمة، اختارها الله هي، ولم يختر الرّجل".
وفي الترقّي عن العلاقات الجسديّة بين الجنسين، وإلى آخر أيّام رسول الله عليه السّلام، كانت وما زالت السّيدة خديجة رضي الله عنه أحب إلى قلبه من أيّ امرأة أُخرى، كان يفرّق الأضحيات على صويحباتها من بعدها. هذا ليس "وفاء"، فهي قد توفّاها الله.. بل هذا "حُب"، ولن يزيل حبّها من قلبه شيء.. هذا هو الحُب ببساطته وجماله. ولو أحبّ الرّجل زوجته أو أخته أو والدته هذا الحُب، لما ظلم.
الموضوع يطول.. إن أردت اختصاره بجملة أقول:
"لو أدرك كلّ إنسان عِظَمَ مكانة الآخر في هذه الحياة، لما رماه ولا حتّى بنظرة تُحزنه"..