يواجه الأوروبيون الذين يعقدون، الإثنين 7 مارس/آذار 2016، قمة مع تركيا في العاصمة البلجيكية بروكسل، انقساماً داخلياً حول "إغلاق" طريق البلقان أمام المهاجرين القادمين من اليونان، في الوقت الذي يتعين عليهم إبداء موقف موحّد للضغط على تركيا من أجل وقف التدفق الكبير للاجئين.
ويسعى الاتحاد الأوروبي من خلال زيادة الضغوط على تركيا واليونان ومنحهما مساعدات في المقابل، إلى تشديد موقفه على أمل إيجاد حل لأسوأ أزمة لاجئين يواجهها منذ الحرب العالمية الثانية.
وهاتان الدولتان (تركيا واليونان) هما نقطة الدخول الرئيسية إلى أوروبا، إذ تشكل اليونان الحلقة إلى طريق البلقان، التي كان يسلكها مئات الآلاف من المهاجرين إلى أن قررت الدول التي يمر بها الطريق إغلاق حدودها، في موقف بات يحظى الآن بدعم الاتحاد الأوروبي.
وبات عشرات الآلاف من المهاجرين الذين يريدون بلوغ ألمانيا والدول الاسكندنافية الثرية بأي ثمن عالقين في اليونان الغارقة في الديون.
إلا أن المتحدثة باسم المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل قالت، الاثنين: "هناك تكهنات بإغلاق طريق البلقان، لكن هذه المعلومات لا تزال في هذه المرحلة مجرد تكهنات، فالمفاوضات والمشاورات لا تزال جارية ولابد من الانتظار".
من جهته، أعلن الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند في بروكسل، الاثنين، أن أوروبا يجب أن تقيم "علاقة مباشرة صريحة وفعالة" مع تركيا لإدارة أزمة اللاجئين.
وتابع هولاند عند وصوله لحضور القمة أن تركيا ومقابل حصولها على مساعدات أوروبية يجب أن "تلتزم بمكافحة المهربين" وتقبل بعودة "عدد معين من المهاجرين الذين انطلقوا من أراضيها".
وأعلن رئيس الوزراء التركي أحمد داود أوغلو أن بلاده مستعدة للعمل "جنباً إلى جنب" مع أوروبا لتطبيق الاتفاق حول الهجرة الذي وقعه الجانبان في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، لكنها ستثير في الوقت نفسه طلب عضويتها في الاتحاد الأوروبي والمعلق منذ زمن.
وقال داود أوغلو لدى وصوله إلى بروكسل إن "تركيا مستعدة للعمل مع الاتحاد الأوروبي، وتركيا مستعدة أيضاً لتصبح عضواً في الاتحاد الأوروبي".
وكان أوغلو صرّح أمس الأحد بأنه سيتباحث مع نظرائه الأوروبيين في الجهود لبدء بناء مدارس ومستشفيات في غضون أسابيع للاجئين بكلفة 3 مليارات يورو (3.3 مليار دولار) كان تعهّد الاتحاد الأوروبي التكفل بها بموجب اتفاق نوفمبر/تشرين الثاني من العام الماضي.
وقف التدفق
وأعلنت هولندا أن الاتحاد الأوروبي سيطلب في النهاية من تركيا وقف تدفق اللاجئين السوريين أنفسهم وليس فقط غير السوريين.
وأعلن رئيس الوزراء الهولندي مارك روتي: "من المهم جداً أن تكون تركيا مستعدة أولاً لاستعادة كل اللاجئين غير السوريين".
وأضاف رئيس الوزراء الذي تتولى بلاده الرئاسة الدورية للاتحاد: "لكن هذا لا يكفي، في نهاية الأمر نريد أن نرى آفاقاً لوقف نهائي لتدفق اللاجئين السوريين (انطلاقاً من السواحل التركية) وسنرى أي الإجراءات يمكن اتخاذها".
وتابع "هدفنا هو وقف تدفق اللاجئين السوريين نهائياً".
وأفادت مسوّدة بيان ختامي حصل على موافقة وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي، أمس الأحد، أن "التدفق غير المنتظم لمهاجرين غير شرعيين على طريق البلقان في الغرب وصل إلى نهايته. هذه الطريق باتت مغلقة الآن".
وشهدت طريق البلقان تدفقاً غير مسبوق العام الماضي عندما فتحت ميركل الأبواب أمام اللاجئين السوريين الصيف الماضي، إلا أنها عادت وأغلقت حدود بلادها التي استقبلت مليون مهاجر بسبب تراجع شعبيتها.
وكشفت بروكسل، الجمعة الماضي، خطة لإعادة العمل بحلول نهاية العام بفضاء شنغن بشكل تام بعد فرض رقابة على بعض الحدود وإغلاق أخرى.
تركيا هي الحل
ويتزامن ذلك مع دعوات إلى تعاون أكبر من قبل تركيا التي تقول إنها تستضيف حالياً 2,7 مليون لاجئ سوري، وأيضاً إلى تشكيل قوة خفر سواحل أوروبية بحلول الصيف ومساعدة اليونان على تشديد الحراسة على حدودها الخارجية.
ويفترض أن يفرج الاتحاد الأوروبي بسرعة عن مساعدة غير مسبوقة تبلغ 700 مليون يورو على مدى 3 أعوام لمساعدة أثينا التي تواجه أزمة اقتصادية خطيرة، فضلاً عن تزويدها بإمكانات فرض مراقبة أفضل على حدودها الخارجية عبر وكالة فرونتكس الأوروبية.
وجدد رئيس الوزراء اليوناني ألكسيس تسيبراس الذي تعهّد بألا تصبح بلاده مكاناً يتكدس فيه المهاجرون، الدعوة لنظرائه الأوروبيين إلى الوفاء بالتزاماتهم من حيث إعادة توطين آلاف اللاجئين.
وقال تسيبراس إن "الاتفاقات التي لا نطبقها لا يمكن اعتبارها اتفاقات. أمامنا الآن وضع صعب علينا مواجهته".
وكان الاتحاد الأوروبي تبنى في أيلول/سبتمبر الماضي خطة لإعادة توطين 160 ألف طالب لجوء من اليونان وإيطاليا إلا أن أقل من 700 شخص فقط تم نقلهم.
ترحيل على نطاق واسع
وأعلن رئيس المجلس الأوروبي دونالد توسك في رسالة الدعوة أن النجاح يتوقف إلى حد كبير على ضمان موافقة تركيا على ترحيل "على نطاق واسع" لمهاجرين لأسباب اقتصادية من اليونان لا يستوفون الشروط للحصول على اللجوء.
ويعتبر السوريون الذين يتصدرون عدد الوافدين إلى أوروبا الذي بلغ 1,13 مليون نسمة في الأشهر الـ14 الماضية، لاجئون فعليون يفرض القانون الدولي استقبالهم.
ورغم التقدم الذي تم تحقيقه على صعيد تطبيق اتفاق تشرين الثاني/نوفمبر مع تركيا، إلا أن الاتحاد الأوروبي يقول إن أعداداً كبيرة من الناس لا يزالون يتوجهون من تركيا إلى اليونان يوميا، بلغ متوسط عددهم قرابة الألفين يومياً في شباط/فبراير.
وأعلن الأمين العام للحلف الأطلسي ينس ستولتنبرغ أن الحلف يوسع نطلق مهمته الجديدة في بحر إيجه لاعتراض المهربين، ويعمل في الوقت نفسه بشكل وثيق مع وكالة فرونتكس الأوروبية لمراقبة الحدود.
وأعلن رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون، الأحد، أن البحرية البريطانية سترسل سفناً تنضم إلى أخرى من كندا واليونان وألمانيا وتركيا.
وقضى 25 مهاجراً على الأقل بينهم 10 أطفال الأحد بغرق مركبهم قبالة تركيا.
وأعلنت منظمة الهجرة العالمية قبل غرق المركب، الأحد، أن ما مجمله 418 شخصاً توفوا أو فقد أثرهم عام 2016 غالبيتهم خلال محاولتهم الوصول إلى اليونان انطلاقاً من تركيا على متن قوارب متهالكة.