الأسرى الفلسطينيون الأطفال … لابد للقيد أن ينكسر

وحتى لا يكون الأطفال الفلسطينيون مجرد أرقام في سجلات الصليب الأحمر الدولي، أو تقارير مكدسة لدى منظمات حقوق الإنسان، أو مجرد كتابات لا تتجاوز صفحات الجرائد واليوميات، فإنه لا بد من تفعيل قضية الأسرى الفلسطينيين في سجون الاحتلال بوجه عام دوليًّا كقضية مركزية لا مساومة فيها ومن ضمنها مسألة الأسرى الأطفال

عربي بوست
تم النشر: 2016/03/07 الساعة 06:50 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2016/03/07 الساعة 06:50 بتوقيت غرينتش

للعالم أكتب..
وللصغار أكتب، للعرب الصغار حيث يوجدون، لهم على اختلاف اللون والأعمار والعيون، للذين سوف يولدون، لأعين يركض في أحداقها النهار..

لهم أنا أكتب باختصار قصة الطفولة هناك في فلسطين، حيث تنفجر شرايين المعاناة..
معاناة النفس والوطن.. لتروي واقعاً مأساويًّا أبطاله أطفال فلسطينيون دون الـ18 عاماً، أطفال هم في القوانين الإسرائيلية كبار، حاضرهم كمستقبلهم، أطفال ذنبهم الوحيد أنهم أبناء أرض السلام الذي حُرموه عقوداً ولا يزالون، وتهمتهم الوحيدة في ذلك أنهم فلسطينيون.

من سجن إلى سجن يتنقلون لتتعدّد صور الظلم وتتعدّد معها الممارسات اللاإنسانية دون اعتبار للحقوق التي كفلتها لهم العهود والمواثيق الدولية في كل مكان وزمان.

يشكل الأطفال الفلسطينيون ما دون الـ18 نصف المجتمع الفلسطيني.

يتحملون مسؤوليات بمجرد أن تطأ أقدامهم سجون الاحتلال الصهيوني، ما يجعلهم يكبرون قبل أوانهم ليُنتزع منهم حق الطفولة، تتزايد أعدادهم يوماً بعد يوم وعاماً بعد عام، دون حراك عربي أو دولي، وبلغة الأرقام فإن ما يربو عن 300 طفل فلسطيني معتقل في السجون في ظل ظروف قاسية تنعدم فيها أبسط وسائل العيش بكرامة، تُستخدم ضدّهم كل أشكال التعذيب النفسي والجسدي.

يتعرضون خلال فترة التحقيق إلى التهديد بإبعاد عائلاتهم أو اعتقال أفرادها وتدمير منازلهم، ومنع التواصل معهم، تقييد أيديهم وتعصيب أعينهم، تجريدهم من الملابس وضربهم بمناطق حساسة من الجسد لتطول قائمة أشكال التنكيل بهم، والتي تعتبر إسرائيل رائدة فيها، كيف لا وهي الدولة الوحيدة التي تجيز اعتقالهم، بل وتعذيبهم بكل أصناف العذاب بهدف إذلالهم والنيل من كرامتهم وتحريضهم على وطنهم الذي اغتصبت أرضه ونهبت خيراته.

لا تختلف فترة التحقيق عن مدة الاعتقال، حيث تشتد المعاناة لتبلغ ذروتها بعزلهم كليًّا عن أهاليهم وتعريضهم للضرب والشبح، وحرمانهم من النوم والطعام الصحي لإجبار هؤلاء الأطفال الأبرياء على الاعتراف بتهم لا علاقة لهم بها، ناهيك عن حرمانهم من مواكبة تعليمهم ما يجعل الكثير منهم يجهل مصيره بعد خروجه من عتمة الاستبداد والظلم..

وكأن كل ذلك غير كاف بحق الطفل الفلسطيني الذي كُتب له أن يعيش حياة غير تلك التي يعيشها ملايين الأطفال في العالم، ليتم توقيفه إداريًّا، والأطفال الذين يصدر بحقهم الاعتقال الإداري لا يحاكمون محاكمة عادية، حيث يتم اعتقالهم دون تهمة أو حتى محاكمة، والاعتقال الإداري تستخدمه إسرائيل فقط، فهو يعتمد على ملف سري وأدلة سرية لا يُسمح للمعتقل أو محاميه الاطّلاع عليها، ويتم استصدار أمر إداري لفترة أقصاها 6 أشهر في كل أمر اعتقال قابلة للتجديد بالاستئناف.

ولا تقف الوحشية الإسرائيلية عند هذا الحد بل تتعدى ذلك إلى كل ما يمثل السياسة الصهيونية الفاسدة والتي لا تعرف للإنسانية معنى، لتلجأ إلى الإسقاط الأمني، وذلك بتجنيد أطفال أسرى "عملاء" يعملون لصالحها، في خطوة منها لتفتيت النسيج الاجتماعي الفلسطيني وتحريض بعضهم على بعض. ونماذج الأطفال الذين اعتقلوا منذ أول انتفاضة وحُرموا أبسط الحقوق والمقومات الحياتية كثيرة، بل وكثيرة جدًّا، والحديث عنها يطول؛ لأن لكل طفل فلسطيني أسير حكاية خلف قضبان الاحتلال.

نعم، تلك هي حياة الطفل الفلسطيني.. عين ترى ما لا تراه عيون العالم، ونفس تكابد آلاماً ومعاناة مصحوبة بمصير مجهول، ليبقى الطفل الفلسطيني رغم كل ذلك صامداً متحدياً يبعث برسالة إلى كل العالم صغاراً وكباراً أن كل جرح يصيبنا يشجعنا على البقاء والتمسك أكثر بفلسطين الأرض والوطن.

وحتى لا يكون الأطفال الفلسطينيون مجرد أرقام في سجلات الصليب الأحمر الدولي، أو تقارير مكدسة لدى منظمات حقوق الإنسان، أو مجرد كتابات لا تتجاوز صفحات الجرائد واليوميات، فإنه لا بد من تفعيل قضية الأسرى الفلسطينيين في سجون الاحتلال بوجه عام دوليًّا كقضية مركزية لا مساومة فيها ومن ضمنها مسألة الأسرى الأطفال، وطرحها بشكل جدي وسريع على هيئة الأمم، فإنه لا حجة للمجتمع الدولي بعدم المعرفة؛ لأن كل الانتهاكات الصهيونية موثقة ومن طرف جمعيات ومنظمات غير فلسطينية.

كما أنه على الحكام العرب كسر إهمالهم وتجاهلهم المتواصل لحقوق الطفل الفلسطيني، والوقوف جنباً إلى جنب مع الشعب الفلسطيني لضمان حرية الطفل الفلسطيني وعدم التعرض له بأي حال من الأحوال؛ لتبقى القضية قضية تحرير من غياهب الاستعباد والاحتلال وحب للأرض التي أنجبت شعباً بطلاً بكل أطيافه، وقدمت أرواحاً من أجل استرداد ما اغتُصب، ولتبقى المعركة معركة تراب كان ولا يزال للطفل الفلسطيني دور فيها ومعاناة تساوي معاناة الكبار في أرض مقدسة اسمها فلسطين.

فليذكر الصغار..
من ولدوا منهم.. ومن سيولدون..
ما قيمة التراب..
لأن في انتظارهم معركة التراب..

ملحوظة:

التدوينات المنشورة في مدونات هافينغتون بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.