دائماً ما ساهمت شهية الغربيين المفتوحة على القطع الأثرية في تحفيز الكثيرين لنهب تلك التحف والقطع الأثرية من الشرق الأوسط، مع العلم أن من يتفاخرون بحماية وتقدير التراث الثقافي هم أنفسهم الذين ساهموا فى نهب المواقع الأثرية وهم المحفز الأساسي لرواج تجارتها غير الشرعية.
هنا يأتي دور بعض التنظيمات مثل تنظيم الدولة الإسلامية (داعش) الذي يلبي نداء هذه الشهية المفتوحة على القطع الأثرية، وهناك بعض الأدلة التي تؤكد تورط تنظيم الدولة في عمليات نهب الآثار في سوريا والعراق، حيث يقوم المشترون الغربيون بالحصول على تلك القطع من المهربين أو اللصوص أو الوسطاء بأثمان بخسه وهو ما يخلق الدافع لمزيد من النهب والسرقة لهذه القطع الأثرية، رغبة في الثراء، حسب تقرير نشرته صحيفة الغارديان الجمعة 26 فبراير/شباط 2016.
تراث سوريا والعراق
وطبقاً للتقرير الصادر عن مصلحة الجمارك الأميركية، فقد زادت الواردات من مقتنيات التراث السوري إلى ما نسبته 145% ومن نظيره العراقي إلى ما نسبته 61% وذلك بين الأعوام 2011 و2013، وهو ما دفع بعض المسؤولين الحكوميين للقول بأن تجارة الآثار أصبحت واحدة من مصادر الدخل الأساسية لتنظيم داعش.
فالمشترون -ممن يشاركون في مثل هذه التجارة– إما ليسوا على الدراية الكافية بالأضرار الناجمة عن هذه التجارة غير المشروعة والتي دائماً ما تخلق سوقاً سوداء جديدة، أو أنهم فى الواقع غير مهتمين بالضرر الناجم عن شرائهم لتلك الآثار.
أو أن مبررهم الحقيقي للمشاركة فى هذا الأمر هو اعتقادهم بأن شراءهم لتلك القطع الأثرية من مناطق النزاع هو السبيل الوحيد للمحافظة عليها وهو أمر طريف للغاية إذا ما كان صحيحاً، وذلك لأن اجتثاث الآثار من سياقها التاريخي وتحوليها لمقتنيات فنية خاصة بدون الأبحاث الأثرية اللازمة لن يمثل شيئاً سواء على مستوى السجلات التاريخية أو على المستوى العام.
الغارديان نصحت جامعي وتجار المقتنيات الفنية بإبداء المزيد من العناية والتدقيق في الأشياء التي يشترونها، وقالت يجب عليهم شراء هذه المقتنيات الأثرية من مصادر معلومة، والتحقق من التسلسل والقصة التاريخية لهذه القطع والحصول على جميع الوثائق التي تثبت شراءهم لهذه المقتنيات، بما فى ذلك التراخيص الضرورية والنماذج الجمركية، ويجب على هؤلاء المشترين الامتناع عن إتمام عملية البيع إذا لم تتوافر هذه الوثائق.
مكاسب داعش
وبكل بساطة، يجني تنظيم داعش الكثير من الأموال جراء هذه الممارسات التي تتعلق بالنهب والاتجار في الآثار في السوق السوداء. فخلال إحدى الغارات التي تمت ضد أحد قادة التنظيم، وجدت القوات الكثير من السجلات المدون بها الكثير من البضائع المنهوبة.
ومن خلال ما وجوده فى تلك السجلات، فقد تبين أن هذه المقتنيات ستُهرب إلى الغرب وهو ما دفع مكتب التحقيقات الفيدرالي إلى نشر بعض التحذيرات -المدعومة ببعض السجلات والحسابات المالية حول ما تم بيعه وشراؤه من مقتنيات سورية- حول وجود مثل هذه المقتنيات المنهوبة في السوق.
دور الإنترنت
الفقراء والعاطلون عن العمل في تلك المناطق يشاركون في عمليات النهب لإطعام أسرهم، ودفع الضرائب التي تُفرض عليهم من تنظيم داعش كي يسمحوا لهم بالتجارة في المقتنيات الفنية والأثرية، التي تدخل إلى الأسواق بشكل سري، وتُباع في معظم الأحيان عن طريق الإنترنت من خلال صور لها أو من خلال إجراء بعض محادثات الفيديو، وحتى أن بعض هذه المقتنيات يُباع على موقع eBay.
بعض التحقيقات التي أُجريت بشكل سري أكدت أن هذه السلع المنهوبة قد وصلت إلى المشترين فى أوروبا وأميركا.
مواجهة الأزمة
المشرّعون الأميركيون والأوروبيون يُجابهون هذه المعضلة عن طريق اقتراح بعض مشاريع قوانين للحد من تدفق الآثار المنهوبة.
في الوقت الحالي، هناك العديد من المنظمات التي تراقب الأسواق بحثاً عن تلك السلع المنهوبة، وذلك بجانب وجود بعض المؤرخين الفنيين للفض في النزاعات التي تتعلق بالمقتنيات الفنية، فضلاً عن علماء الآثار وبحثهم المتواصل عن الآثار المنهوبة، هذا بجانب الاستعدادات والتحضيرات التي يبذلها المحامون بالتعاون مع الحكومة لمقاضاة أولئك الذين يتورطون في اقتناء قطع فنية بطرق غير شرعية.
الشبكات الاجتماعية ووسائل الإعلام تلعبان دوراً مهماً في نشر المعلومات وترويجها، وكما يستخدم تنظيم داعش هذه المواقع في نشر وعرض الدمار، يجب علينا أيضاً استخدام وسائل الإعلام فى نشر الوعي وتحذير العامة بشأن عمليات البيع التي تتعلق بتلك المقتنيات المنهوبة.
– هذه المادة مترجمة من صحيفة الجارديان، للاطلاع على النسخة الأصلية يرجى الضغط هنا.