منظمة الصحة العالمية تستعين بزوجة فيصل مقداد لتقييم “الصحة العقلية” للاجئين السوريين

عربي بوست
تم النشر: 2016/02/25 الساعة 07:47 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2016/02/25 الساعة 07:47 بتوقيت غرينتش

حينما أرادت منظمة الصحة العالمية التعرف على مدى تأثير الحرب في سوريا على الصحة العقلية لهؤلاء الفارين من أوطانهم، استعانت بامرأة لا تحظى بالخبرة بقدر ما تحظى بعلاقات واسعة النطاق مع النظام السوري، وهو ما أثار ردود فعل متشككة في اختيار المنظمة.

فالمستشارة شكرية مقداد هي زوجة فيصل مقداد، نائب وزير خارجية سوريا، والتي تدافع بقوة عن دور حكومة الرئيس بشار الأسد في الحرب الدائرة منذ 5 سنوات وحصدت آلاف الأرواح، وهجرت ما يقرب من 11 مليون سوري في داخل البلاد وخارجها.

تقرير نشرته صحيفة نيويورك تايمز الأميركية، الأربعاء 24 فبراير/شباط 2016، أكد أن تعيينها أدى إلى تشكك المنتقدين في حيادية منظمة المساعدات الدولية.

ردود فعل

جنيفر ليننغ، الأستاذة بمدرسة الصحة العامة بجامعة هارفارد، تشككت فيما سمّته "رؤية" الاستعانة بزوجة مسؤول حكومي سوري كبير للعمل كمستشارة حول أحد الأمور الحساسة مثل الصحة العقلية للمهاجرين الفارين من الموت.

وذكرت ليننغ أن ذلك سيشكك في أي بيانات تجمعها شكرية مقداد حول الصحة العقلية للسوريين النازحين جراء الحرب التي يشارك زوجها في شنها.

في المقابل، دافعت مديرة مكتب منظمة الصحة العالمية في دمشق، إليزابيث هوف، عن ذلك الاختيار، وقالت إن فريقها يتضمن أعضاء من كافة الأطراف السياسية.

وقالت هوف: "لم أستعن بهم استناداً إلى أسمائهم أو علاقاتهم. ولديّ في مكتبي أيضاً أشخاص يؤيدون المعارضة بشدة".

وتابعت بقولها إن مقداد لا تعلب دوراً "بارزاً" بالمكتب، وقد تمت الاستعانة بها لتكون مستشارة لمشروع تقييم الصحة العقلية بعدما عملت بمكتب الممثل الإقليمي للأمم المتحدة في سوريا.

سبب اختيار شكرية

ولم يذكر مكتب منظمة الصحة العالمية في دمشق سبب اختيار شكرية مقداد لإجراء تقييم الصحة العقلية، ولا توجد أي وثائق متاحة للعامة توضح مؤهلاتها أو أي أبحاث علمية قدمتها حول هذا الشأن.

يُذكر أن فيصل مقداد، زوج شكرية، يعمل دبلوماسياً منذ عهد طويل، وكان أحد كبار مندوبي سوريا بالأمم المتحدة في الفترة من 2003 إلى 2006.

ويؤيد مقداد نظام الأسد بقوة، وهو من بين كبار مسؤولي الحكومة الذين التقوا بدبلوماسيي الأمم المتحدة المطالبين بتقديم المساعدات الإنسانية.

ولا تكشف صفحة شكرية مقداد على فيسبوك سوى القليل حول مؤهلاتها المهنية، ولكنها تتضمن بعض اهتماماتها الشخصية، فهي تحب إيديث وارتون والرئيس الأسد وحزبه السياسي.

عقبات أمام عمل المنظمة

هيئات المساعدة التابعة للأمم المتحدة لا تستطيع العمل في أي دولة إلا بعد الحصول على موافقة الحكومات. وغالباً ما يتم اتهامها بالوفاء بمطالب تلك الحكومات حتى تتمكن من ممارسة أنشطتها.

وفي سوريا، ورغم مشاركة مقداد، واجهت المنظمة أوقاتاً عسيرة، حيث ذكرت هوف أن قوات الأمن السورية استولت مراراً على الإمدادات الطبية التي تنقلها قوافل المساعدات إلى المناطق الخاضعة لسيطرة قوات المعارضة، بما في ذلك الأدوية، التي يتم استخدامها لعلاج الأطفال المصابين بالإسهال.

وأخيراً، أخبر منسّق الإغاثة الطارئة للأمم المتحدة في سوريا، ستيفن أوبريان، مجلس الأمن بأن وزارة الصحة السورية منعت قوافل المساعدات من الوصول إلى نحو 300 ألف شخص خلال الأسابيع الأخيرة.

أوبريان قال إن قوافل الأمم المتحدة لهذا العام وصلت إلى أقل من 25% من السوريين المحرومين من الأغذية والأدوية والبالغ عددهم 487 ألف شخص.

خيبة أمل

تأتي تلك التصريحات قبل 3 أيام من وقف إطلاق النار الذي تم التفاوض عليه بين روسيا وأميركا. ومن المزمع تطبيقه في معظم أنحاء سوريا، بدءاً من منتصف ليلة السبت المقبل، ويأمل المسؤولون في أن يسمح ذلك باستمرارية تقديم المساعدات.

وتنجم خيبة الأمل في منظومة الأمم المتحدة بصفة جزئية عن حقيقة رفض وكالاتها خلال السنوات الـ3 الأولى من النزاع إرسال قوافل المساعدات الإنسانية إلى المناطق الخاضعة لسيطرة المعارضة نتيجة عدم سماح الحكومة بذلك.

بينما ذكر مسؤولو الأمم المتحدة سراً أنه في حالة القيام بتقديم المساعدات إلى المناطق الخاضعة لسيطرة المعارضة دون موافقة صريحة من مجلس الأمن، فسوف يفقدون إمكانية الوصول إلى المتضررين الذين يعيشون بالمناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة أيضاً.

ولم تبدأ المساعدات في التدفق إلى الأجزاء الخاضعة لسيطرة المعارضة سوى بعد موافقة مجلس الأمن عام 2014. وفي ديسمبر/كانون الأول 2015 قامت قوافل الأمم المتحدة بتقديم المساعدات الغذائية إلى 2.5 مليون شخص.

وحتى بعد انقضاء 18 شهراً من تاريخ موافقة مجلس الأمن، لا تزال الأمم المتحدة تواجه المتاعب في الوصول إلى أكثر من 4.5 مليون شخص يعيشون فيما تسميه مناطق محاصرة يصعب الوصول إليها. وقد ناشد مسؤولو الأمم المتحدة الحكومة السورية مراراً لتخفيف تلك العقبات.

386 هجوماً على المستشفيات

الأطباء السوريون انتقدوا منظمة الصحة العالمية أيضاً، مشيرين إلى أن المنظمة كانت صامتة حتى وقت قريب بشأن الاعتداءات على المستشفيات والمراكز الصحية في المناطق الخاضعة لسيطرة المعارضة.

وقد وثقت جماعة أطباء من أجل حقوق الإنسان أكثر من 386 اعتداءً على المستشفيات والمراكز الصحية منذ بدء الحرب، ووقع العديد منها خلال الشهور الأخيرة مع تصاعد أعمال العنف.

توفيق شامة من اتحاد المنظمات الطبية السورية الذي يتولى إدارة المستوصفات الطبية في مناطق المعارضة قال: "من المؤكد أن منظمة الصحة العالمية كانت تستطيع تقديم المزيد. لقد تحسن أداؤها، ولكننا نريد من كافة وكالات الأمم المتحدة أن تساعدنا وأن تحظى بممرات آمنة لمرور المساعدات الإنسانية، وأن تمنع قصف المستشفيات".

من جانبه، أصر أوبريان على أن الأمم المتحدة تناضل من أجل تقديم المساعدات "بأسلوب حيادي"، وأن اتهامات التواطؤ مع الحكومة لا أساس لها من الصحة.

– هذا الموضوع مترجم بتصرف عن صحيفة New York Times الأميركية، للاطلاع على المادة الأصلية، اضغط هنا.

تحميل المزيد