المريض المصري من أبرز ضحايا ارتفاع سعر الدولار، فقد أكد خبراء الأدوية في مصر أن 95% من المواد الخام ومستلزمات تصنيع الأدوية يتم استيرادها من الخارج بالعملة الصعبة.
وتفادياً لحدوث تفاقمات غير محمودة لنقص الأدوية في الأسواق، قامت الحكومة المصرية اعتباراً من الأحد الماضي برفع أولوية شراء المواد الفعالة للأدوية التي يتم تصنيعها في مصر من المرتبة الثالثة إلى المرتبة الأولى في البنوك المصرية وبالسعر الرسمي، متخطيةً بذلك المرتبة الأولى المخصصة للغذاء والثانية المخصصة لمشتقات البترول.
وفي تصريحات لـ"عربي بوست" قال الدكتور علي عوف، رئيس شعبة الأدوية بالاتحاد العام للغرف التجارية، إن عدد الأدوية التي تعاني من نقص كبير في السوق المصري يصل إلى 300 دواء، وليس 189 دواءً كما أعلنت قبل أيام وزارة الصحة في بيان لها.
ناقوس خطر
واعتبر عوف أن ارتفاع سعر الدولار في السوق المصري سينعكس بشكل مباشر، ليس فقط على تكلفة تصنيع الأدوية، بل حتى على أسعار الصناعات المصاحبة لها مثل الكرتون والبلاستيك، وهو الأمر الذي قد يدفع العديد من المصانع إلى التوقف أو تقليل الإنتاج وإلا ستتعرض لخسائر كبيرة، خاصة أن وزارة الصحة لم تسمح بتحريك أسعار الأدوية منذ عام 1995 إلا في حدود ضيقة جداً ولأنواع محددة من الأدوية.
عوف – الذي يدق ناقوس الخطر من تأجيل التعامل مع ملف صناعة الدواء في مصر – توقع أن يزيد عدد العقارات الحيوية الناقصة في الأسواق خلال الفترة المقبلة عـن 300 عقار، خاصة أن الشركات الموردة للمواد الخام الداخلة في صناعة الدواء في مصر أصبحت لا تقبل إلا الدفع الفوري للطلبات المصرية؛ نظراً للأوضاع الاقتصادية السيئة، والتي أدت إلى تخفيض التصنيف الائتماني لمصر، مطالباً بأن تستجيب وزارة الصحة لمطالب شركات الأدوية وأصحاب المصانع.
وأوضح أن مصر تقوم بتصنيع 85% من احتياجاتها من الدواء، إذ يصل سوق الدواء في مصر إلى حوالي 40 مليار جنيه، محذراً من أن الأدوية التي يتم استيرادها من الخارج والتي تمثل 15% من احتياجات المصريين مهددة بالتوقف في ظل أزمة الدولار وفي ظل رفض الحكومة تحريك أسعار الأدوية.
أدوية في خطر
وأشار إلى أن من أبرز الأدوية التي يتم استيرادها عقار "بيستينون PYSTINON" الذي يستخدم لتحسين قوة العضلات في المرضى الذين يعانون من ضمور العضلات أو ما يسمى (الوهن العضلي الوبيل أو MYTHENIS GRAVIS )، بالإضافة إلى أدوية السرطان التي يتم استيراد معظمها من الخارج.
كما حذر عوف من الاحتمالات الكبيرة لنقص ألبان الأطفال المدعمة وغير المدعمة، موضحاً أن سعر علبة لبن الأطفال غير المدعمة يبلغ 55 جنيهاً، فيما لا يزيد سعر العلبة المدعمة على 17 جنيهاً، ويهبط لـ3 جنيهات في بعض مركز الأمومة والطفولة حسب الاحتياج، مشيداً بالتزام الدولة بتحمل هذه التكلفة، إلا أن أزمة ارتفاع الدولار سوف تؤثر في أسعار الألبان غير المدعمة وبالتالي أسعار الألبان المدعمة.
ومن الأدوية الأجنبية التي ستعاني من النقص نتيجة ارتفاع الدولار، حقن "تافجيل Tavegyl" المخصصة لمعالجة الحساسية للمرضى الذي يعالجون بأدوية السرطان، مع الإشارة إلى أن هذا الدواء كان يباع في السوق بسعر 1.6 جنيه للأمبولة، والعلبة تحتوي 5 أمبولات بما يجعل قيمتها 8 جنيهات.
كما يعاني السوق أيضاً من نقص حقن "ديفارول Devarol" التي تعالج لين العظام لدى الأطفال، وعقار "أيزوبتين Isoptin" لعلاج تسارع ضربات القلب، بالإضافة إلى عقار "كوردارون Cordarone" لعلاج ارتفاع معدل ضربات القلب، كما يستخدم للسيطرة على دقات القلب غير الطبيعية.
وبالإضافة إلى أدوية القلب والسرطان، فإن هناك أيضاً استيراد لأدوية الربو والحساسية والسكـر والأوعيـة الدمويـة ومضادات النزيف.
وأشهـر هذه الأدويـــة هي الإنسيولينات بأنواعهـا وكذلك أدويـــة الإنترفيون طويل المفعــول لعلاج الالتهاب الكبدي الوبائي (سي) مع الإشارة إلى أن نقص الدولار الذي أدى إلى نقص الكمية المتاحة من الأدوية المستوردة خلق سوقاً سوداء تباع فيها الأدوية الناقصة بأسعار مضاعفة عن سعرها الأساسي، كما يوضح دكتور عوف.
يذكر أن عدد المصابين بضغط الدم في مصر يبلغ حوالي 30 مليون مصري، ويوجد عدد كبير من الشباب المصابين بهذا المرض الذي يسمى القاتل الصامت.
القطاع الخاص
من جانبه قال الدكتور محمد فاروق عصمت، رئيس قطاع التصدير بشركة أديكو، لـ"عربي بوست" إن القطاع الخاص يستحوذ على 80% من حجم الدواء المصنّع في مصر، موضحاً أن ارتفاع الدولار ليس المعضلة الوحيدة التي تواجه هذا القطاع، فهناك أيضاً مشكلة ارتفاع أسعار الطاقة والمرتبات وعمليات تجديد وإحلال المصانع بالإضافة إلى البحث العلمي، مشدداً على أنه إذا لم تقم الحكومة بالسماح بتحريك أسعار الدواء فإن هذه الصناعة ربما تتعرض للاندثار.
وكان الدكتور أسامة رستم، نائب رئيس غرفة صناعة الدواء، قال في تصريحات صحفية إن عدد الأدوية الناقصة التي ليس لها مثيل أو بديل يصل إلى 180 صنفاً وهي أصناف حيوية. وأضاف أن بيانات عدة صيدليات تقول إن هناك 1600 دواء بالاسم التجاري يصر عليها الطبيب ويفتقر السوق وجودها.
وكانت وزارة الصحة والسكان أعلنت النشرة الدورية لنواقص الأدوية عن شهر ديسمبر/كانون الأول 2015، التي أظهرت أن الأدوية الناقصة التي لها بديل أو مثيل تبلغ 189 صنفاً، محذرة المرضى من أنه يجب استشارة الطبيب قبل استخدام البدائل المتوافرة. أما الأدوية الناقصة التي ليس لها أي بديل فتبلغ 43 صنفاً دوائياً.