لا ننكر أن ميكرفون كبيرنا الذي استخدمه كبيرنا ومن بعده السكري حتى في وجود عيسوي، كان له تأثير سحري وكبير علينا.. فاستطاع أن يشحننا ويحفزنا ضد أحدهم وأيضاً يكرِّهنا في شخصيات ويحببنا
ويربط مصيرنا بشخصيات أخرى..
مع كبيرنا.. أوهمنا وأنكر مشاكلنا وغضبنا.
للسكري.. أقنعنا وجعلنا نؤمن أنه الخلاص من معانتنا.
ضد عيسوي.. بالغ في أننا باسم الدين خدعنا.
في ظل عيسوي قد تكون الأزمات المتتالية بسبب سوء إدارة وجهل بكيفية قيادة شارعنا وقد تكون مفتعلة، ولكنها أولاً وأخيراً بسبب رفض لكثير من أبناء شارعنا للتعاون مع عيسوي وقبيلته لإحساسهم أنه غير مناسب وغير وفيّ وغير أمين على مصالح شارعنا بل حريص على مصالح قبيلته.
فليس كل رجل يصلح ليكون الكبير ولو خلفه ملايين المؤيدين الذين قد يكونون محبين أو مأجورين أو مدفوعين.
في ظل سقطاتنا وأزماتنا أصبحت الشوارع المجاورة لنا لا تكترث لنا وقد تهيننا وتلوح بأننا من خطوطنا الحمراء فرغنا..
ويجب أن نذكر أن هناك شوارع مجاورة لنا تعرضت للاعتداء والخراب، حينما حاولوا أن يغيروا كبيرهم فقط لأن أقوياء شارعهم -لكل شارع أقوياؤه- الذين يحمونه كانوا ضعفاء أو كسرت صورتهم بيد أبناء شارعهم فضاعت هيبتهم.. لكن أقوياء شارعنا وصفهم التاريخ أنهم خير أقوياء المنطقة.. وقد صدق..
فللآن لم يخذلونا وقائمون على حمايتنا بالرغم من عنفهم في بعض الأحيان معنا.
منقذنا.. الذي يُدعى "مفتاح" من رجال السكري، استخدم ميكروفون كبيرنا بذكاء، كأنه به سحرنا لدرجة أننا لم نعد نتسائل إلى أين يأخذ هو مصرينا!
ولا ننكر أننا حين انزعجنا من تصرفات مفتاح فيما بعد، أصبح الميكروفون يغضبنا ولم نعد نصدقه؛ لأنه مراراً يخدعنا وينقل لنا واقعاً مفبركاً وينكر حالنا الحقيقي ويستهين بمواجعنا وأولادنا ويسخر من آرائنا وميولنا، كأنه ميكروفون أعدائنا!
طلب منا مفتاح أن نسمح له أن يقوم بدلاً من عيسوي في إدارة شارعنا، وعدنا بالتغيير والحماية والأمان وحل الأزمات والنهوض من العثرات ومحو السقطات وجعلنا من أفضل شوارع المنطقة في أقرب وقت ممكن.
ولكن لكل شيء ثمنه.. فطلب منا تقديم الغالي والنفيس وما نحتفظ به تحصنا من الزمان، وتساءلنا: متى يأتي الوقت الذي نأخذ فيه من خيرات شارعنا، ونحن على مر عقود، وبالرغم من تغير كبارنا وما زلنا ندفع ونعطي ولا نأخذ سوى الفقر والعوز!
كما طلب أيضا الكثير من الصبر، وكثير الكثير من الثقة الذي تمنى أن تكون عمياء!
كما أنه طالبنا بتكذيب الجميع وتصديقه هو فقط!
بداية طلب منا أن نعطيه ما نملكه من مال ليحفر لنا "ممرًّا صغيراً" ليصل بين نافورتينا البيضاء
والحمراء!
تعجبنا وتساءلنا: ولمَ نهدر أموالنا ولدينا شارع ممتد عبر قرن ونصف من الزمان يفي بحاجاتنا لعبور ما نحتاجه في حياتنا ومصالحنا نحن والشوارع المجاورة لنا!
لكنه كعادته صمم ولحبنا له دفعنا.. لكننا ندمنا على أموالنا التي تضيع منا لتحقيق أحلام مفتاح.. لا أحلامنا.
نعم ندفع دائماً..
حبا في شارعنا وأملاً في تحسن أحوالنا وثقة في مفتاح الذي اعتبره البعض منا أنه مفتاح الفرج لشارعنا..
ولكنه أخذ جزء من أموالنا واشترى بها معدات وأدوات مختلفة متعللاً أنها لإرهاب كل من يحاول دخول شارعنا رغما عنا و لحمايتنا من غدر الجيران الذين يكرهون لنا الخير والأمان، بالرغم أننا أصبحنا أقل من جيراننا لكنهم طامعون في أرضنا لأننا لم نعد نملك سوى الأرض.
قرر مفتاح أيضاً أن يبني منزلاً جديداً غالي الثمن من أموالنا، لا نحتاجه ولن يحل ما نواجهه من مشاكل، في وقت ينهار فيه شارعنا من الفقر المتوحش الذي أخذ ينهش معظمنا، وما سيقوم به من بناء سيحتاج الكثير من الوقت والمال الذي نحن في أمس الحاجة لهما في وضعنا الحرج لينصلح حالنا، لكنه دائما يقول إنه يعرف أكثر منا عن مصلحتنا، وأننا سنتباهى بالمنزل أمام جيراننا ويصلح الكثير من مشاكلنا!
ولأن مشاكل شارعنا لا تنتهي عرفنا أن الساقية ذات الماء العذب التي تروينا وتسقي نباتاتنا سيقل ماؤها رغماً عنا! وأن مفتاح لا يملك ما يقدمه لنا في مصيبتنا! لأنه مهتم بأولويات غير أولويتنا.. ولأن رجاله لا يقومون بواجبهم اتجاه شارعنا بحرص واهتمام بل بتراخٍ وإهمال.
لكن رجلاً مقرباً من مفتاح صبَّرنا وادعى أنه سيحفر بئر مياه قد نجد فيه ماءً يكفينا مئة عام وإن لم نجد قد نموت عطشاً فهذا قدرنا وماذا يفعل في القدر والقضاء إذا الحظ العثر ملازمنا!
في كل مرة يصر أن ينفذ ما يريد "و إن لم يكمله" ويدعو الكثيرين من أبناء الشوارع المجاورة لنا
ويهدر مبالغ باهظة عليهم دوننا!
ويظل مفتاح يعدنا والصبر يطلب منا والتحمل يفرض علينا.
ونظل نقول إلى متى والوضع لم يتغير والأمن في شارعنا هجرنا، ولم نخرج من الفقر كما وعدنا ولم يتبدل الوضع السيئ الذي فيه غرسنا والغلاء في ازدياد والحال هو الحال من قبل كبيرنا إلى وقت مفتاح حبيبنا!
نحاول ونحاول أن نجد إجابة لتساؤلنا "لماذا غيرنا كبيرنا؟" فلم يتغير حالنا ولم نحُذ على الحرية التي بها حلمنا ومن أجلها بأبنائنا ضحينا، ولم ينصلح واقعنا ولو بنسبة بسيطة منذ قمنا بفعلتنا وعلى كبيرنا ثرنا.
لا ننكر أن الوضع محتقن وأن الصبر نفد ومحبو كبيرنا وعيسوي ومفتاح يتصارعون كلٌّ بأسلوبه
وطريقته، ويظل شارعنا يجسد الاستقطاب بأبشع أشكاله، والتحفز بادٍ على أبنائه والعداء لا يمكن إخفاؤه، فشارعنا يملأه الحزن على من فقدنا من أولادنا بلا مقابل ملموس يستحق تلك الدماء البريئة الطاهرة.
وكأن الزمان يعاقبنا أننا ثرنا على من ظلمونا ولغد أفضل حلمنا وفي مستقبل آدمي لأولادنا طمعنا!
تم
ملحوظة:
التدوينات المنشورة في مدونات هافينغتون بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.