خبرٌ به وجه سيئ.. ووجهان جيدان
أما السيئ فهو أن طفلك أتى للغابة..
أما الجيدان، فأولهما أن كل أطفال العالم معه في الغابة بلا استثناء
والثاني، أنه هناك بعض القواعد إن تحصنت بها قد يكون طفلك سيداً للغابة..
وإن التزم بها كثيرون ستقل مخاطر الغابة كثيراً
لا وقت لدينا.. إليك القواعد..
كثيرة هي الظروف السيئة التي تحيط بالأطفال وبعض الأمور الوقائية تساعد أطفالنا على الحفاظ على صحة أنفسهم كما نهتم لصحة أجسادهم، التالي هو بعض هذه الأمور:
١- لا تستنسخ
في الغابة المدارس والملابس والألعاب وكل شيء محل تنافس؛ أي الكبار يلهثون لتحقيق المزيد من التشابه لأطفال الغابة، والصغار تائهون لا يدرون ما الذي يشبعهم، والكبار والصغار معاً في المتاهة!
كثير من اختيارات سكان الغابة في التعليم أو الألعاب أو حتى قطع الملابس هي محض مجاراة كي لا يبدو أبناؤهم مختلفين عن الأقران.. وتلك مزحة سخيفة لأن الآخرين أحياناً يكونون أيضاً محض مقلدين وتضيع هوية وشخصية كل أسره وكل طفل في زحام المجاراة والتقليد.. لا يجب أن يتعلم أو يرتدي أو يلعب طفلك كالآخرين فهو كائن مستقل متفرد له قدرات ورغبات وفرص ليست للآخرين إن أُهملت وتم تجاهلها كانت النتيجة استنساخاً غير حقيقي لطفلك وضاعت فرصه ومزاياه والعكس صحيح..
٢- لا تقارن
فلا يهم من يحفظ أكثر ولا من يتودد أكثر ولا من يطيع أكثر لا تقارن طفلك إلا بنفسه.. قارنه بيوم أن كان أقل سرعة والآن أسرع، ويوم أن كان أعلى همةً واليوم أضعف.. أما إن قارنته بآخرين كأن تعدد بطولاتك في الصغر أو أن تقارنه بأطفال آخرين، فأنت تمحو تفرده واستقلاله وتثير ضغينته على من تفوق أو سبقه وتثير غرائزه الحيوانية -حاشاك- ليصبح كائناً أصيلاً للغابة.
٣- اخبر طفلك بالحقائق
مهما كانت مزعجة ولا تخفِها عنه كحقيقة مثلاً أن هناك بشراً في الغابة بداخلهم حيوانات لا يتورعون عن قتله أو خطفه.. وحقيقة أن الأشرار أقوياء ولديهم أنياب مخيفة.. وأجب عن أسئلته كسؤال أين الله؟ وكيف ولدت؟ وأين ذهب جدي بعد موته؟ ومن قتل أبي؟ أجبه بإجابات حقيقية علمية مبسطة، ولا تتجاهل أي سؤال، فالسؤال في ذهنة بمثابة جرس لن يتوقف عن رنينه حتى تفتح باب الإجابة.
واحذر أن تجب إجابات بلهاء أو مغلوطة، فبذلك تربي طفلاً أبلهَ -حاشاك- يصدق التفاهات ويملأ عقله أي حشو ويكون فريسة سهلة لأي حيوان في الغابة.
٤- عينك أصدق من عيون الآخرين
انظر لطفلك بعينيك كيف تراه ولا تعطي لحكم الآخرين حيزاً من تفكيرك، فالآخرون الذين يرون طفلك مشوهاً أو مختلفاً أو معقداً أو غير مهذب أو عشوائيًّا أو متذمرًا هم يرونه من خلفيتهم وثقافتهم ويكفي طفلك أن تراه أنت لأنك تعلم كل شيء عنه ولو رأيته بكل العيون لظلمته.
دعهم يرونه كما يريدون وتأمل أنت كيف أثرت حياته ونشأته في شخصيته.. تأمل ما الذي تعرض له طفلك وماذا أكسبه هذا.. وما الذي يحتاجه لتكتمل خطاه.
٥- لا غنى عن القيم
مهما تشوهت قيم الآخرين فلا داعي لأن نشوه نفوساً جديدة، نمّي في طفلك القيم الضرورية كالصدق والنظافة والتعاون والجمال والحق والأمانة، مهما كانت الغابة مشوهة، ومهما اضطربت المعايير، وقدم من نفسك نموذجاً واجعله يخالط كل الناس ليختبر القيم ولتدرك مدى قوتها في نفسه.
وإن أهملت تلك القيم لأن الحياة في الغابة لا يلائمها القيم ربيت عربيداً -حاشاك- لا يعطي قيمة لدين أو أب ولا يرحم ولا يحمل من صفات الإنسان إلا ملامحه.
٦- حافظ على مرحك
الضحك والنوادر وأحاديث المساء لا غنى عنها لطفلك حتى لو أجبرتك ظروفك على المكوث في مخيم النازحين في بطن الجبل.
الحياة جدا قاسية وتضن علينا بالقليل فلا داعي لأن نضن نحن أيضاً على أنفسنا وعلى صغارنا بالقليل، ضحكات النهار وركضاته تنعشنا نحن وأطفالنا على حدٍّ سواء، مهما كانت ظروفك لا تبخل، انعش نفوسهم بنثرات المياه من بحيرة التماسيح أو بتسلق الأشجار واصنع بهجتك بهم وبهجتهم معك.
٧- للآخرين دور
أشرك معك الآخرين كي يدعموك ويدعموا طفلك، فقط انتقِ وليس كل الآخرين..
انتق لطفلك رفقة منهم من هو أصغر منه ومنهم من هو أكبر.. اختر له أباً أو أمًّا بديلة يأخذ منهما حزماً واهتمام الأب ورحمة وعناية الأم، وذلك إن غاب أحدكما وفقا لقوانين الغابة..
انتق لطفلك مرشداً ومربياً تستعين به وقت الأزمة ويغرس معك ويقوم..
انتق لطفلك صحبة متنوعة وخالطه بالجميع، وليكن منهم اللئيم الذي يتعلم منه الطفل كيف يدفع مكرهاً ومنه الودود الذي يقوده، واحذر أن تعزل طفلك في كهف تلقنه ثم يخرج بعدها للغابة..
لا بد أن يشهد بعض مشاهد الغابة ويعيشها لتقوى مناعته وليراجع قيمه ولتصلب شخصيته..
تربية طفل بالغابة ليست مهمة سهلة.
ملحوظة:
التدوينات المنشورة في مدونات هافينغتون بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.