تسبب هاتف سيد فاروق مطلق النار هو وزوجته تشفين مالك في هجوم سان برناردينو، بولاية كاليفورنيا، والذي أسفر عن مقتل 14 شخصاً وإصابة آخرين، ديسمبر/كانون الأول 2015،في معركة كبيرة بين المخابرات الأميركية CIA وشركة آبل، حيث تطالب واشنطن الشركة بفك شفرة تليفون فاروق وهو ما ترفضه آبل.
شركة آبل رفضت أمس الأربعاء 17 فبراير/شباط 2016 أمراً فيدرالياً أميركاً يقضي باختراق جهاز الآيفون الخاص بسيد فاروق وقالت الشركة إن هذا الاختراق سيقوِّض حق المستخدمين في الحفاظ على سرية بياناتهم، وسيقوض التشفير ويوفر الفرصة للحكومات لاختراق هواتف أخرى مستقبلاً.
رسالة الرفض شديدة اللهجة التي نشرها الرئيس التنفيذي لشركة آبل، تيم كوك، جاءت على موقع الشركة على الإنترنت ، رداً على أمر المحكمة القاضي بضرورة سماح الشركة بمساعدة إدارة الرئيس أوباما في الدخول إلى الهاتف المشفر، حسب ما نقلت صحيفة ديلي ميل البريطانية.
الحكم هو الأول من نوعه واعتبر انتصاراً كبيراً لوزارة العدل الأميركية في الجدل الدائر حول سياسة التكنولوجيا، والمتعلق بالخصوصية الرقمية مقابل مصالح الأمن القومي.
ستكون له آثار أبعد
الرئيس التنفيذي لـ"آبل" أشار للأمر الصادر الثلاثاء، من القاضي الابتدائي شيري بيمن وقال: "تحتاج هذه اللحظة إلى مناقشة عامة، ونريد لعملائنا وللشعب في جميع أنحاء البلاد فهم ما يحدث". وأضاف كوك أن الأمر القضائي "ستكون له آثار أبعد من القضية المتداولة حالياً".
الأمر الصادر لآبل بمساعدة مكتب التحقيقات الفيدرالي في اختراق تشفير هاتف سيد فاروق، منفذ هجوم سان برناردينو، يُمهد الساحة لمعركة قانونية بين الحكومة ووادي السيليكون حول هذا الحكم الأول من نوعه.
وكانت إدارة أوباما قد شجعت على استخدام تشفير قوي للحفاظ على أمن الأفراد على شبكة الإنترنت، لكنها حاولت جاهدة أن تجد مثالاً بارزاً لإيضاح قضيتها.
وقال كوك إن "الأمر الحكومي من شأنه أن يُضعف التشفير من خلال استخدام برمجيات متخصصة لخلق باب خلفي يمكن أن يُستخدم كمفتاح رئيسي بوسعه فتح مئات الملايين من الأقفال".
إذا وقع في الأيدي الخطأ
وكتب كوك: "إذا وقع البرنامج – الذي لا وجود له اليوم – في الأيدي الخطأ، فستكون لديه القدرة على فتح أي هاتف آيفون في حيازة أي شخص. وعلى الرغم من أن الحكومة قد تدعي أن استخدامه سيكون محدوداً لهذه القضية فقط، فليس هناك وسيلة لضمان ذلك".
مدير مكتب التحقيقات الاتحادي جيمس كومي قال لأعضاء الكونغرس الأسبوع الماضي إن التشفير هو مشكلة رئيسية تواجه التحقيقات.
الادعاءُ كان قد أخبر القاضيَ خلال المحاكمة التي جرت دون السماح لآبل بالحضور، بأن المحققين لا يمكنهم الوصول للمعلومات الموجودة على هاتف آيفون الخاص بسيد فاروق؛ لأن الهاتف يُعتبر من ممتلكات صاحب العمل. وأخبر القاضي آبل بأن تُحدد مقدار تكلفة تنفيذها للبرنامج حسب الأمر الصادر، ما يدل على أنه من المتوقع أن تدفع الحكومة مقابل هذا الأمر.
وحدثت شركة آبل نظام التشغيل الخاص بها عام 2014، حيث يتطلب الهاتف أن يكون محمياً بكلمة مرور لا يعرفها سوى مالكه.
كما أن الحكم الصادر يُطالب آبل بتوفير برنامج متخصص لمكتب التحقيقات الفيدرالي يمكنه تجاوز خاصية التدمير الذاتي، بينما يريد مكتب التحقيقات الفيدرالي أن يكون قادراً على محاولة مجموعات مختلفة في تسلسل سريع حتى يصل لكلمة المرور، لكن آبل لم تتعاون معهم.
ترامب: من يظنون أنفسهم؟
ترامب ومجموعة من الناجين من حادث سان برناردينو يدلون بآرائهم في القضية.
كان ترامب أحد أوائل الأسماء الكبيرة الذين يُعلقون على الموضوع قائلاً إنه يعتقد أن الشركة ينبغي أن تمتثل لقرار المحكمة بفتح آيفون فاروق.
المُرشح الجمهوري المحتمل للرئاسة قال: "هل تعتقد آبل أنها لن تسمح لنا بفتح الهاتف؟ من يظنون أنفسهم؟ لا، يجب أن نفتحه. أتفق بنسبة 100 % مع المحكمة".
وأضاف: "أمنياً، أعتقد أننا يجب أن نستخدم عقولنا ونقبل بفتح الهاتف". وقال ترامب في منشور على فيسبوك عام 2013 إنه يمتلك "الكثير" من أسهم آبل.
واتفق بيل براتون، مفوض شرطة نيويورك، مع ترامب، قائلاً: "لا يوجد جهاز، ولا سيارة ولا شقة ينبغي أن تكون بعيدة عن متناول مذكرة تفتيش بأمر من المحكمة".
مؤيدون لآبل
هذا بينما تبنى إدوارد سنودن الرأي المضاد في هذا النقاش.
على الرغم من أن بعض الخبراء التقنيين أفادوا بأن الأمر قابل للتنفيذ، خاصة أن الهاتف من طراز قديم ولا يحتوي على آخر وسائل الأمان من بصمة وغيرها من الأنظمة.
مؤسسة إليكترونيك فورتنر، وهي منظمة غير ربحية معروفة بدفاعها عن الحقوق الرقمية تبنت نفس موقف آبل وقالت: "نحن ندعم آبل في موقفها؛ لأن ما تطلبه الحكومة ببساطة هو إنشاء مفتاح رئيسي يصلح لفتح جميع الهواتف".
وأضافت أنه بمجرد إنشاء مثل هذا المفتاح ستستخدمه السلطات مراراً وتكراراً على هواتف أُخرى، وستستخدمه ضد أي برنامج أو جهاز مزود بنظام حماية قوي.
المؤسسة أشارت أيضاً إلى أن "حكومة واشنطن تريد منا أن نثق بأنها لن تُسيء استخدام هذا البرنامج، لكن يمكننا جميعاً تخيل الطرق العديدة التي يُمكن أن يُستخدم بها هذا البرنامج. حتى لو وثقنا بالحكومة، فبمجرد إنشاء هذا البرنامج ستطالب به جميع حكومات العالم من أجل تقويض أمن مواطنيها".
هاتف فاروق
لم يتضح بعد لماذا يُريد المحققون فتح هاتف فاروق. ولماذا لا يستطيعون الحصول على هذه المعلومات من طرف آخر، لكن التقارير تُفيد بأن الهاتف ربما يحتوي على معلومات عمن كان يتصل به فاروق.
الزوجان تشفين مالك وسيد فاروق كانا قد استطاعا أن يدمرا هاتفيهما الشخصيين بحيث لم يقدر مكتب التحقيقات الفيدرالي على استرجاع أي معلومة منها. كما أنهما أزالا القرص الصلب من جهاز الكمبيوتر الخاص بهما. ولم يتم العثور عليه حتى الآن.
وقد تم اكتشاف هاتف بعد بحث لاحق. ولم يُعرف ما إذا كان فاروق نسي أمر الهاتف أم لم يهتم بعثور المحققين عليه.
يُذكر أن الهاتف يعمل على نسخة من نظام التشغيل تتطلب رمز المرور ولا يمكن الوصول إليها من قبل شركة آبل، على عكس أنظمة التشغيل السابقة أو طرازات الهواتف القديمة.
المادة مترجمة بتصرف من صحيفة ديلي ميل البريطانية، وللاطلاع على نص المادة الأصلية إضغط هنا.