تحرز التنظيمات الجهادية تقدماً كبيراً في ليبيا، بينما ترفض إدارة الرئيس الأميركي بارك أوباما خطة لوزارة الدفاع (البنتاغون) لتعقب تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش) هناك، وتكتفي بشن ضربات جوية متفرقة وتدريب قوات ليبية على الأرض.
صحيفة دايلي بيست الأميركية كشفت في تقرير نشرته، الخميس 18 فبراير/شباط 2016، عن 3 مسؤولين من البنتاغون قولهم إنه بالرغم من تزايد المخاطر الناجمة عن تنظيم داعش في ليبيا، إلا أن إدارة أوباما رفضت خطة عسكرية أميركية لمهاجمة المعقل الإقليمي للتنظيم هناك.
وخلال الأسابيع الأخيرة، سعى الجيش الأميركي – بقيادة العمليات الخاصة في إفريقيا – وراء زيادة الضربات الجوية ونشر المزيد من القوات الخاصة في مدينة سرت، موطن الزعيم الليبي السابق معمر القذافي، التي تخضع حالياً لسيطرة داعش وتعد مركزاً إقليمياً للتنظيم.
المسؤولون ذكروا أن الضربات الجوية ستستهدف موارد التنظيم، بينما تتولى كتيبة صغيرة من قوات العمليات الخاصة تدريب الليبيين من أجل تشكيل جيش وطني في نهاية المطاف.
تجميد الخطة
ونقلت صحيفة "نيويورك تايمز" الأميركية عن مسؤولين في البنتاغون منذ أسابيع قولهم إنهم يضعون خططاً عسكرية بشأن تلك الضربات، ولكنهم بحاجة للمزيد من الوقت لجمع المعلومات الاستخبارية حتى يتمكنوا من شن حملة جوية مستمرة على التنظيم في سرت.
ومع ذلك، تم تجميد تلك الخطط منذ ذلك الحين. وقال أحد مسؤولي البنتاغون: "لا يكاد توجد أي رغبة في ذلك لدى هذه الإدارة".
مسؤول دفاعي آخر قال لـ"دايلي بيست": "ليس هناك حالياً ما يتعلق بشن عملية عسكرية كبرى. ستظل هناك ضربات متفرقة كما شهدنا خلال نوفمبر/تشرين الثاني ضد أبونبيل الأنباري، زعيم "داعش" في ليبيا في ذلك الحين".
ويؤكد حجم الانقسام حول الإجراء الذي يتعين على أميركا والمجتمع الدولي اتخاذه بشأن ليبيا، مدى التردد في مواجهة تنظيم داعش.
مخاوف أوروبا وأميركا
بقربها من أوروبا، تعتبر ليبيا نقطة انطلاق للمهاجرين الراغبين في عبور البحر المتوسط سعياً وراء حق اللجوء. وقد أشارت تصريحات التنظيم من قبل إلى قرب روما من السواحل الليبية.
وفي ما يتعلق بواشنطن، هناك مخاوف كبرى بشأن السماح بإنشاء مركز آخر لتنظيم داعش بالمنطقة، حيث تخضع مدينة سرت الليبية حالياً لهيمنة التنظيم، ويعتقد البعض بأنه يسعى لتحويل سرت إلى مركز لعملياته، على غرار مدينتي الرقة في سوريا والموصل بالعراق.
وأشار الزعماء في أنحاء أوروبا إلى ضرورة بذل المزيد من الجهد في ليبيا، لكنهم لم يتحدثوا عن التفاصيل الدقيقة.
وخلال لقاء مع صحيفة "دير شبيغل" الألمانية الشهر الماضي، قال المبعوث الألماني إلى ليبيا: "لا يمكننا ببساطة التخلي عن ليبيا".
5000 مقاتل لداعش بليبيا
ووفقاً لشخصيات عسكرية أميركية، يوجد نحو 5000 مقاتل لداعش في ليبيا، بعد أن كان عدد المقاتلين يبلغ 1000 مقاتل منذ بضعة شهور. ويعتقد مسؤولو البنتاغون أن الموالين للتنظيم يزحفون نحو ليبيا، بعد أن أصبح السفر إلى العراق وسوريا بالغ الصعوبة.
وربما نتيجة لذلك، تسقط مدينة سرت والمناطق المجاورة لها ضحية للممارسات الهمجية للتنظيم. ويدعو البعض المجتمع الدولي إلى عدم انتظار سقوط سرت بالكامل في قبضة داعش واحتشاد المقاتلين بها وسط المدنيين.
ووفقاً لهذا التقرير، لا يستطيع أهالي سرت مغادرة المدينة، حيث يتولى مقاتلو التنظيم – من مصر وتشاد والنيجر وتونس – تفتيش السيارات بحثاً عن السكان الذين يحاولون الفرار.
وعلى غرار مدينتي الرقة والموصل، لا يحظى أهالي المدينة بإمكانية استخدام الهواتف المحمولة أو شبكة الإنترنت، ويعيشون في ظل النظام القضائي للتنظيم الذي يصدر أحكام الإعدام ضد هؤلاء الذي لا يمارسون طقوس الإسلام الخاصة بالتنظيم.
وعلاوة على ذلك، يقوم تنظيم داعش بتدمير المنشآت النفطية في المدن المجاورة مثل رأس لانوف، ما يؤدي إلى قطع أحد الموارد الرئيسية المحتملة للإيرادات الخاصة بأي حكومة ليبية جديدة وموحدة.
ويخشى البعض أن يحتمي التنظيم بأماكن مثل سرت استعداداً لمواجهة أي هجوم أميركي محتمل.
كيان موحّد للبلاد
وذكرت الإدارة أنها لن تتدخل لحين قيام ليبيا، التي تخضع حالياً لحكومتين متنافستين في كلا طرفي الدولة، بإنشاء كيان موحد لحكم البلاد.
وأشار الرئيس أوباما، خلال مؤتمر صحفي أخيراً، إلى جهود الأمم المتحدة الرامية إلى إيجاد حكومة في ليبيا، مشيراً إلى إمكانية أن تؤدي أي عمليات عسكرية إلى زيادة حجم الصدع السياسي.
ومع ذلك، بينما ذكر الرئيس الأميركي أن الولايات المتحدة سوف تتعقب داعش أينما كان، إلا أنه لم يذكر أنها ستوسع جهودها في ليبيا من جانب واحد.
وقال أوباما: "سوف نواصل اتخاذ التدابير حينما نجد أهدافاً واضحة ونتعاون مع شركائنا الآخرين في التحالف من أجل خلق الفرص لمنع داعش من التوغل في ليبيا. وفي ذات الوقت، نعمل بكل همة ونشاط مع الأمم المتحدة سعياً وراء تنصيب حكومة في ليبيا. وتلك مشكلة كبيرة".
مبادرة أوروبية
ويعتقد بعض المسؤولين العسكريين أن أوباما يرى ضرورة أن تتصدر فرنسا وإيطاليا أي عمليات عسكرية. فقد كانت الدولتان محوريتين خلال حملة الأمم المتحدة عام 2011 التي أدت إلى سقوط القذافي.
ولا يزال هناك آخرون يعتقدون أن الولايات المتحدة تريد حصر حربها ضد تنظيم داعش على العراق وسوريا فقط.
معقل للتنظيمات
منذ مصرع القذافي عام 2011، أصبحت الدولة معقلاً للجهاديين من الخارج. ونظراً لعدم وجود جيش وطني قوي ومستقل، صارت الميليشيات بمثابة قوات أمنية لا ترغب حالياً في نزع السلاح.
وبسبب عدم وجود حكومة راسخة أو قوات أمن وطنية، أصبحت أجزاء من الدولة تخضع لسيطرة جماعات مثل داعش التي تسعى وراء كسب المزيد من الأراضي لإقامة خلافتها المزعومة.
وقد نزح نحو 435 ألف مواطن ليبي من بين تعداد السكان البالغ 6 ملايين نسمة إلى داخل البلاد، بحسب تقرير أممي حديث.
ويحتاج حوالي 1.9 مليون ليبي إلى الحصول على المساعدات الإنسانية. واعتباراً من أغسطس/آب 2015 دخل إلى البلاد 250 ألف مهاجر، ما جعل ليبيا مركزاً للساعين وراء الهجرة إلى أوروبا.
– هذا الموضوع مترجم بتصرف عن صحيفة Dailybeast الأميركية، للاطلاع على المادة الأصلية، اضغط هنا.