بعد 5 أعوام على اندلاع الثورة في اليمن يظل مصير العشرات من رموزها غامضاً، فتردّي الأوضاع والاضطرابات السياسية وفشل الثورة حالت دون عودتهم للنضال مجدداً.
"عربي بوست" بحثت عن مصير العشرات من رموز الثورة وناشطيها، وكانت الهجرة من البلاد واعتزال العمل السياسي هو العامل المشترك بينهم.
النضال من تركيا
توكل كرمان، ناشطة سياسية يمنية وعضوة في حزب التجمع اليمني للإصلاح، كانت قيادية بارزة في الاحتجاجات اليمنية 2011، حازت على جائزة نوبل للسلام للعام 2011 بالتقاسم مع الرئيسة الليبيرية إلين جونسون سيرليف والناشطة الليبيرية ليما غوبوي.
اشتهرت توكل بتنفيذ وقفات احتجاجية أمام المؤسسات الحكومية، وظلت تناضل في سبيل إنصاف أهالي الجعاشن – وهم مدنيون هُجروا من قراهم تحت سطوة أحد الزعماء القبليين – من أمام جامعة صنعاء.
ومن هناك قادت شرارة الاحتجاجات من أمام جامعة صنعاء صبيحة فرار الرئيس التونسي في الـ15 من يناير، مع مجموعة من النشطاء السياسيين، وظلت تدعو إلى ثورة شعبية للإطاحة بنظام الرئيس السابق علي عبدالله صالح.
اُعتقلت مساء السبت الـ 23 من يناير من قبل أفراد يلبسون لباساً مدنياً وينتمون للقوات الأمنية وهي عائدة إلى منزلها مع زوجها، ومن ثم إيداعها سجن النساء، بتهمة إقامة تجمعات ومسيرات غير مرخص لها قانوناً والتحريض على ارتكاب أعمال فوضى وشغب وتقويض السلم الاجتماعي العام.
انتقلت توكل إلى خارج البلاد، وشاركت في مؤتمرات تدعو للسلام، مطلع العام المنصرم وخلال سيطرة الحوثيين على العاصمة صنعاء استقلت الناشطة السياسية في مدينة إسطنبول بتركيا، ومن هناك أطلقت قناة تلفزيونية
اعتزال السياسة
محمد سالم باسندوه، كان ضمن السياسيين البارزين المنادين بتغيير النظام، وكان يُصنف ضمن الشخصيات اليمنية المُجمع عليها من جميع الأطراف، وهو سياسي مخضرم تقلّد العديد من المناصب السياسية.
كان يُمثل الطرف السياسي للثورة في المفاوضات بين النظام والثوار، وكان من أبرز دعاة الانتقال السلمي السياسي، وفي أول حكومة بعد الثورة تقلّد باسندوة رئاستها.
في ظل الاضطرابات التي سادت البلاد بعد نحو عامين من الثورة الشعبية، ظهرت الهوة بين الرئيس اليمني عبدربه منصور هادي وحكومة باسندوة، وظلت اللحظة الأبرز في تاريخ باسندوة الثوري، حين تلا قرار حكومته أمام البرلمان اليمني القاضي بإعطاء الحصانة للرئيس صالح ومعاونيه، وحينها انهمرت دموعه، وقال إن تلك اللحظة تُمثل "خيانة لشهداء الثورة".
بعد سيطرة الحوثيين على العاصمة صنعاء، قدم باسندوة استقالته بشكل نهائي، وانتقل لمقر إقامته بالإمارات ومنذ ذلك اليوم غاب عن المشهد السياسي.
اختطفه الحوثيون
محمد قحطان هو برلماني وقيادي في التجمع اليمني للإصلاح كان ناشطاً بارزاً في الثورة، وكان الناطق الرسمي لأحزاب اللقاء المشترك في عام 2011، وقال كلمته المشهورة لعلي عبدالله صالح "سندخل إلى غرفة نوم صالح"، مثل زين العابدين لكنه وصف ذلك بعد وقت بأنه زلة لسان.
شارك في مؤتمر الحوار الوطني، ومنذ دخول الحوثيين إلى العاصمة صنعاء فُرضت عليه الإقامة الجبرية، وفي الـ4 من إبريل اُختطف في سجون الجماعة المسلحة، وحتى اليوم يرفض الحوثيون الإفراج عنه، ولا يزال مصيره مبهماً، حيث تحدث قياديون في الجماعة بأنه قُتل.
الهجرة إلى جيبوتي
عبدالناصر السقاف، شاعر أربعيني اُشتهر بصوته الجهوري من على منصة الثوار، وكان ملهماً للجماهير اليمنية وظل يصدح بصوته في تنظيم الاحتجاجات ويدعو إلى تصعيد الثورة ضد "النظام الأسري والفاسد".
بعد توقيع المبادرة الخليجية أيقن السقاف بأن الثورة التي يدعو لها لم تتم وأنه تم الانقلاب عليها، سافر إلى جيبوتي وأغلق صفحته على موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك" حتى اليوم.
النضال ضد الانقلاب
نادية عبدالله الأخرم هي ناشطة في ثورة فبراير ومصورة وثقت الكثير من أحداث الثورة السلمية وصور جرحى الثورة، ولاحقاً اُختيرت في مناسبات سياسية عدة ممثلة عن شباب الثورة المستقلين.
بعد انقلاب الحوثيين تعرضت نادية لمضايقات من قبل مسلحي الجماعة، ومحاولة فاشلة لاعتقالها.
رغم هجرة العديد من أصدقائها وزملائها إلى خارج البلاد، إلا أنها ظلت في اليمن، وبشكل يومي تدوّن الأحداث على صفحتها بمواقع التواصل الاجتماعي، وتمارس أنشطة إنسانية وخيرية إلى جانب منشوراتها المناهضة للانقلاب.
سفير في بريطانيا
في ثورة فبراير كان ياسين سعيد نعمان الرئيس الدوري للقاء المشترك والأمين العام للحزب الاشتراكي، وكان من المُنظرين الكبار للثورة، وكانت أطروحاته تلقى إعجاب كثير من الثوار المنتمين لأطراف سياسية عدة.
وكان يُتحدث عنه بأنه الرئيس القادم للبلاد، ورشحه كثيرون لرئاسة المجلس الانتقالي عقب الثورة.
هو سياسي وأديب ونشر سلسلة من المقالات في نقد الثورة تحت عنوان "عبور المضيق"، تعرض لمحاولة اغتيال، وكان من أبرز السياسيين عقب الثورة، لكن عقب اجتياح الحوثيين للبلاد، وفرار الرئيس هادي إلى الرياض، عُين نعمان سفيراً لليمن في بريطانيا.
الانحياز للعمل التجاري
ظل وسيم القرشي الصوت المعبر عن الثوار في وسائل الإعلام التلفزيونية، لكنه ما لبث أن غادر عمله في المستلزمات الطبية والأدوية، وافتتح قناة تلفزيونية "يمن شباب".
اتجه القرشي إلى الأعمال التجارية، وبعد اقتحام الحوثيين لمقر القناة التي يديرها انتقل إلى إحدى الدول الخليجية، ومن هناك أعاد قناته التلفزيونية إلى العمل.
الهجرة خارج البلاد
"أنا في مسقط رأسي بمدينة دمت في الضالع (جنوب البلاد)، وما زالت الثورة تصارع وقد تخاطفتها قوى تفهم الاستحواذ على السلطة، والثورة اليوم أيضاً تكابد وسط مشاريع إقليمية ودولية حضرت محملة بمصالحها التي لا تتوافق مع مصالح ثورة الشعب".
هكذا قال همدان الحقب لـ"عربي بوست" وهو أبرز المنظرين الشباب للثورة ولحركة 15 يناير.
وأضاف إن "الثورة واجهت منظومة من المشاكل والمعوقات السياسية والاجتماعية والاقتصادية سواء تلك التي خلفها النظام السابق أو المتعلقة بالمستوى الحضاري البائس الذي يرزح تحته شعبنا".
انضم همدان للمقاومة الشعبية وحمل السلاح دفاعاً عن مدينته، لكن بعد سيطرة مسلحي الجماعة وقوات صالح على مدينته تخلّى عن سلاحه وتعرض لنزيف القولون، ويسعى الآن للهجرة من أجل العلاج خارج البلاد.