مخاوف تركية من تحول اللاجئين السوريين إلى “بيادق” في حرب سياسية

عربي بوست
تم النشر: 2016/02/11 الساعة 07:02 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2016/02/11 الساعة 07:02 بتوقيت غرينتش

رغم استقبالها لما يزيد على مليونين ونصف لاجئ سوري، ترفض تركيا فتح حدودها أمام عشرات الآلاف من اللاجئين السوريين الذين هجروا منازلهم جراء قصف الضربات الجوية الروسية، فيما تتولى وكالة الإغاثة التركية تقديم المساعدات إليهم.

أنقرة ذكرت أن فتح الحدود سيكون بمثابة تواطؤ مع الاعتداءات التي تدعمها روسيا لطرد قوات المعارضة من مدينة حلب السورية، وتفريغ سوريا من مواطنيها ما يعد فرصة للنظام السوري ولتنظيم الدولة الإسلامية "داعش" للإضرار بتركيا.

ويؤكد الاعتراف الصريح بأن السياسة تمثل جزءاً من هذه الأزمة الإنسانية في سوريا على فداحة الإشكالية التي تواجهها تركيا.

وبينما تكافح أنقرة موجة جديدة من اللاجئين، فإنها تخشى في ذات الوقت أن تجتاح القوات المعادية المناطق السورية المتاخمة لحدودها، الأمر الذي يجعل "لعبة السياسة" جزءاً من هذه الأزمة الإنسانية في سوريا وفداحة المشكلة التي تواجهها تركيا، وفق تقرير نشرته صحيفة واشنطن بوست الأميركية، الأربعاء 10 فبراير/شباط 2016.

النزاع السوري أدى بالفعل إلى نزوح أكثر من نصف السكان وخلق شتاتاً يبلغ عدده نحو 5.5 مليون لاجئ خارج حدود سوريا، وأقحمت السياسة الدولية في لعبتها المدنيين الذين أصبحوا بيادق في الحرب الدائرة.

تغيير ميزان القوى

أعداد اللاجئين ستتضاعف إذا حققت الحكومة السورية هدفها المنشود المتمثل في حصار واستعادة أكبر المدن السورية حلب.

وقد خضعت نصف المدينة ومعظم المناطق الريفية لسيطرة قوات المعارضة منذ عام 2012، ومع ذلك، فقد أدى تدخل القوات الجوية الروسية منذ سبتمبر/أيلول 2015، إلى تغير ميزان القوى لصالح الرئيس السوري بشار الأسد.

يأتي ذلك في وقت نجحت فيه الهجمات التي تم شنها الأسبوع الماضي في قطع الطريق الرئيسي لنقل المؤن إلى مقاتلي المعارضة بين الحدود التركية والجزء الذي تسيطر عليه المعارضة بمدينة حلب، وأدى ذلك إلى انهيار محادثات السلام في جنيف التي تم وقفها قبل أن تبدأ.

ولقي أكثر من 500 شخص مصرعهم خلال 9 أيام منذ بدء المعاركة، جراء الضربات الجوية الروسية التي سبقت تقدم القوات البرية الموالية للحكومة، وفقاً للمرصد السوري لحقوق الإنسان الذي يتخذ من بريطانيا مقراً له.

ومن المزمع أن تجتمع القوى العظمى في ميونيخ بألمانيا، الخميس 11 فبراير/شباط 2016، سعياً وراء إنقاذ عملية السلام؛ ومع ذلك، فإن القتال المكثف يحول إلى حد كبير دون تحقيق أي تقدم وشيك.

أزمة إنسانية

فرّ أكثر من 50 ألف شخص خلال المعارك الأخيرة، بحسب اللجنة الدولية للصليب الأحمر. بينما ذكرت الحكومة التركية أن المعارك أدت إلى نزوح 70-100 ألف شخص، وقد يبلغ عدد الفارين من حلب في نهاية المطاف إلى 600 ألف شخص.

وتجمع نحو 300 ألف سوري على الحدود التركية خلال الأسبوع الماضي فراراً من الهجمات. وكان التجمع عند معبر باب السلامة الحدودي على الجانب السوري جنوب مدينة كيليس التركية. وهناك تتولى وكالة الإغاثة التركية تقديم المساعدات إليهم.

وقال خليل عبدالرحمن، الناشط السوري الذي يعمل مع اللاجئين، إنه رغم ذلك، لا يزال البعض ينامون في العراء وسط الحقول الطينية في درجات حرارة تقل عن الصفر خلال الليل وفي ظروف بائسة للغاية.

وأضاف عبدالرحمن: "الجو بارد للغاية ولا يريد الناس البقاء هنا. بل يريدون الذهاب إلى تركيا". فإذا فتحت تركيا حدودها ربما يفر جميع سكان المنطقة "وتصبح المنطقة بالكامل خاوية".

مصدر قلق لتركيا

مسؤولون أتراك رفيعو المستوى ذكروا أن ذلك يعد مصدر قلق شديد لتركيا.

فالسماح للاجئين بدخول تركيا سوف يدعم الجهود الروسية لطرد قوات المعارضة، وكذلك المواطنين من شمال سوريا، الذين انتفضوا ضد نظام حكم الأسد منذ 5 سنوات، وفق ما أشار إليه هؤلاء المسؤولون.

رئيس الوزراء التركي أحمد داود أوغلو كان قد أدلى بتصريحات صحفية خلال زيارته مدينة لاهاي بهولندا، قال فيها: "سماحنا للاجئين بدخول تركيا يعتبر مساهمة منا في تحقيق هذا التطهير العرقي. فإذا كانت هذه الاستراتيجية تهدف إلى تغيير الوضع السكاني في سوريا فلابد أن نكون حذرين".

وفي العاصمة التركية أنقرة، وصف الرئيس التركي رجب طيب أردوغان ما يحدث في شمال سوريا بـ"الترحيل والمذبحة الجماعية".

كما وجه الرئيس التركي اتهامات للمجتمع الدولي بازدواجية المعايير عند مطالبة تركيا بالسماح بدخول اللاجئين، بينما ترفض معظم دول العالم القيام بذلك.

وأشار إلى أن تركيا أنفقت 10 مليارات دولار على إيواء اللاجئين خلال السنوات الأخيرة، بينما ساهمت الأمم المتحدة بمبلغ 455 مليون دولار.

وتساءل الرئيس التركي: "لقد سمحنا بإيواء 3 ملايين سوري وعراقي ببلادنا. فكم عدد اللاجئين الذين سمحتم بإيوائهم؟".

وتابع: "هؤلاء الذين يخشون اللاجئين قد غضوا الطرف عما يقترفه نظام الأسد؛ وذلك هو سبب المشكلة".

وجاءت تلك التعليقات في أعقاب مطالبة المفوضية العليا للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، أول أمس الثلاثاء، بالسماح "بدخول كل المدنيين الفارين من المخاطر والساعين إلى الحماية الدولية"، وفقاً للقوانين الدولية.

خلاف أميركي تركي

الصحيفة الأميركية قالت إن انتصار القوات الحكومية في حلب سوف يؤدي إلى تواجد القوات المعادية على حدود تركيا، الداعم الأكبر بالمنطقة للإطاحة بنظام الأسد.

وتتألف القوات الموالية التي تتقدم نحو حلب من القوات الحكومية، بالإضافة إلى أعداد هائلة من الميليشيات الشيعية الحليفة القادمة من العراق ولبنان، إلى جانب المستشارين الإيرانيين العاملين مع الحرس الثوري الإيراني.

وتتقدم القوات الكردية ووحدات حماية الشعب أيضاً نحو المنطقة، وهو ما يمثل قلقاً آخر يواجه تركيا خلال حربها ضد الأكراد الانفصاليين في جنوب تركيا.

وتمثل الصداقة المتنامية بين أميركا ووحدات حماية الشعب الكردية جوهر النزاع مع تركيا، بما يؤدي إلى تعريض التعاون بين الحلفاء في الحرب ضد تنظيم داعش إلى المخاطر.

وتعتبر تركيا وحدات حماية الشعب منظمة إرهابية، بينما لا تعتبرها أميركا التي قامت بتوفير السلاح والتغطية الجوية للقوات الكردية من أجل قتال "داعش"، تنظيماً إرهابياً.

وطالب أردوغان أمس الأربعاء إدارة أوباما باختيار الحليف الذي تدعمه، وتساءل: "هل تقفون في صفنا أم تقفون في صف المنظمات الإرهابية؟".

– هذا الموضوع مترجم بتصرف عن صحيفة Washinghtonpost الأميركية، للاطلاع على المادة الأصلية، اضغط هنا.

تحميل المزيد