لم يعزوني في ابنتي أسماء، ولم يعرضوا مساعدة، ولم أكن أتوقع منهم ذلك أو أنتظره.. هكذا تحدّثت زوجة المعارض السياسي المصري الدكتور محمد البلتاجي في أول حوار تلفزيوني تجريه بعد نجاحها في الخروج من مصر، عن موقف الأصدقاء السابقين لزوجها من التيارات السياسية المختلفة بعد أن قرروا دعم إطاحة الجيش بالرئيس المصري المنتخب محمد مرسي وسكتوا عن فضّ اعتصام رابعة بصورة وحشية.
السيدة سناء عبد الجواد، نجحت منذ أسابيع في الخروج من مصر بأصغر اثنين من أبنائها (في عمر الطفولة) بسبب الملاحقات التي يتعرضون لها، تاركة وراءها زوجاً وابناً في المعتقل، وطفلةً في قبرها، ولاحقة بابنها الأكبر الذي سبقهم للخروج تحت الملاحقة الأمنية.
في حوارها قالت زوجة البلتاجي إنها لم تشعر أبداً بتأنيب الضمير بسبب ما جرى لأسماء، ولم تسمح لنفسها حتى بالبكاء عليها، فهي ترى ابنتها -حسب قولها- في كل فتاة مصرية تقرّر أن تتحدّى الظلم وتواجهه، ولكنها أضافت أنها بدأت التواصل مع عدد من المحامين الدوليين لمقاضاة النظام في كلّ مكان للحصول على حق ابنتها وحقّ "كل الشهداء والمظلومين".
وأضافت أن في مصر 3 نماذج لأسماء توضّح حجم الانتهاكات ضدّ المرأة، فابنتها هي أسماء الشهيدة، وهناك أسماء حمدي طالبة الأزهر المعتقلة والمحكوم عليها بخمس سنوات بسبب التظاهر ويتمُّ إنهاكها بالتنقّل بين مختلف السجون المصرية، وهناك أسماء جمال المصابة التي تعرّضت لبتر قدمها بسبب اعتداء من أحد البلطجية الذين يرافقون قوّات الأمن خلال إحدى المظاهرات.
وقالت إن الأصدقاء السابقين لزوجها من التيارات السياسية المختلفة في مصر لم يسع أحدٌ منهم إلى أن يعزّيها في ابنتها الشهيدة أو يطمئنَّ على أسرته حتى على المستوى الإنساني، معبّرة أن ذلك لم يدهشها ولم تكن تترقبه بعد أن قرّر معظمهم تأييد الجيش في خطواته للإطاحة بالتجربة الديمقراطية، وقالت إن الحال نفسه ينطبق على موقف المجلس الأعلى لحقوق الإنسان الذي كان البلتاجي عضواً فيه ويسعى بدأب لمواجهة الانتهاكات في السجون.
واعتبرت أن أقسى ما يسعى له النظام المصري حالياً هو أن يرى الانكسار والهزيمة في عيون معارضيه وهو ما لن أمنحهم إياه، ولذلك فقد كتبت لزوجي رسالة بعد اعتقاله أعلم أنهم لم يوصلوها إليه، ومضمونها أنني فخورة به وبكل ما قام به في سبيل مصر، منذ ما قبل ثورة يناير وحتى الآن.
وشددت على أن البلتاجي رغم صدور أحكامٍ بحبسه ما يزيد عن 220 عاماً إضافة إلى حكمٍ بالإعدام في 7 قضايا تم الحكم فيها من بين 35 قضية، إلا أنه يعبّر دائماً عن الرضا والصمود والثقة في أن الثورة ستنتصر.
وأكدت أن أحد مساعدي وزير الداخلية يشرف بنفسه على تعذيب زوجها المسجون في غرفة انفرادية 1×2 متراً بسجن العقرب دون فتحة تهوية، وروت أن هذا المسؤول الكبير استدعاه خلال الأسابيع الماضية التي سبقت ذكرى ثورة 25 يناير الماضية وقال له إنه لو كان حاضراً وقت اعتقاله لقام بتصفيته جسدياً مباشرة بدلاً من القبض عليه.
البلتاجي كسياسي وخصم للنظام
وبرز اسم الدكتور محمد البلتاجي في عام 2005 عندما نجح في الانتخابات البرلمانية عند دائرة شبرا الخيمة، وكان له العديد من المواقف التي نالت رضا قطاع كبير من المصريين في تلك الفترة.
ومع عودة الدكتور محمد البرادعي إلى مصر ومناداته بعدم التوريث شارك البلتاجي في الجمعية الوطنية للتغير والتي ساهمت بشكل كبير بالحراك السياسي في مصر قبل ثورة يناير.
ومع اندلاع شرارة الثورة في 25 يناير شارك البلتاجي منذ اليوم الأول واعتصم في ميدان التحرير واستمر فيه حتى تنحّي الرئيس المصري الأسبق حسني مبارك في 11 فبراير/ شباط 2011، كما لعب دوراً كبيراً في معركة الجمل التي كانت محطّةً فاصلة في نجاح الثورة المصرية، حينما رفض البلتاجي الانصياع للواء بالجيش والذي طلب منه سحب الناس ومغادرة الميدان بسبب اعتزام أنصار الرئيس الأسبق مبارك دخول ميدان التحرير.
واتهم النظام المصري البلتاجي في 35 قضية بالتحريض على العنف، وخاصة في سيناء عقب أحداث 3 يوليو/ تموز 2013، وذلك استناداً للفيديو الشهير الذي يقول فيه البلتاجي، إن الاوضاع ستعود في سيناء إلى سابقتها عندما يعود الرئيس الأسبق محمد مرسي إلى الحكم، إلا أن البلتاجي فسّر بعد ذلك المقصود من تلك التصريحات.
أوضاع السجون والزيارات
وحول أوضاع السجون والزيارة، أشارت زوجة البلتاجي إلى أن أسر المعتقلين ينتظرون قرابة 12 ساعة من أجل الزيارة التي لا تستمر سوى دقيقتين أو ثلاثة دقائق عبر حائل زجاجي، كما أن الطريقة التي تعامل بها قوات الأمن الزائرين "مهينة جداً".
وأضافت "يتم تفتيش الزيارة بشكلٍ مهين ولا يسمح بدخول الأطعمة التي يحضرونها للمعتلقين، كما أن إدارة السجون تتعنّت في إدخال الملابس واحتياجات المعتقلين، وتصرف الأكل لهم مرتين فقط في الأسبوع.
ويتعرّض الإسلاميون منذ 3 يوليو/ تموز 2013، للقتل والاعتقال والاختفاء القسري في مصر نتيجة عمليات القمع التي يمارسها النظام المصري بحقّ المعارضين السياسيين.