بعد رفع العقوبات الاقتصادية.. روسيا الفائز الأكبر بالأسواق الإيرانية

عربي بوست
تم النشر: 2016/02/09 الساعة 14:03 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2016/02/09 الساعة 14:03 بتوقيت غرينتش

في أحد مصانع أنابيب النفط مترامية الأطراف في هذه المدينة الصناعية الكبرى، تتمّ تغطية الجدران بلوحات الفن السريالي المستنسخة من أعمال موندريان ومالفيتش وماغريت.

ويذكر أحد كبار المساهمين بالشركة الذي يهتم بجمع الأعمال السريالية، أن الفن سوف يوسع مخيلة المهندسين ويفتح المجال أمام إبداع العاملين.

ويتضمن التعليق والتعقيب على المعروضات جدلاً وجودياً بأسلوب شكسبيري راق: "أنابيب أو لا أنابيب؟" إنه السؤال المناسب لصاحب المصنع، المعروف باسم شركة الأنابيب المعدنية، وهو مورد الأنابيب الأكبر إلى شركات إنتاج النفط والغاز الطبيعي.

وعلى غرار العديد من الأطراف الفاعلة في مجال النفط، تعرضت شركة الأنابيب المعدنية لأضرار كبيرة جراء انخفاض أسعار الطاقة.

وبعد تراجع سعر النفط دون 29 دولاراً للبرميل، بدأت الشركة في الانسحاب تدريجياً من السوق الأميركي وغيره من الأسواق.

وتؤكد الشركة أنها تحظى بميزة داخل سوق إيران غير المستغل، حيث تتمتع الدولة بعلاقات سياسية دافئة مع موسكو التي يمكنها أن تنفق عشرات المليارات من الدولارات على البنية الأساسية للنفط. ففي عصر الاتحاد السوفيتي، كانت شركة الأنابيب المعدنية هي المورد الرئيسي للأنابيب إلى إيران.

وتسعى الشركات الروسية إلى العودة على نطاق أكبر إلى إيران، وفق تقرير نشرته صحيفة نيويورك تايمز الأميركية، الاثنين 8 فبراير/شباط 2016.

سوق متعطش

تريد شركة سوخوي بيع طائراتها السوبرجيت إلى سوق يتعطش إلى وسائل النقل.

وقد بدأت شركة أفتوفاز محادثاتها لفتح مصنع تجميع سيارات لادا في إيران.

وتدرس شركات النفط والغاز الطبيعي العملاقة مثل جازبرون ولوكويل ضخ استثمارات في مشروع للغاز الطبيعي المسيل بالخليج الفارسي وفي أحد حقول النفط.

وتحظى شركة أوراسيا للحفر العاملة في مجال خدمات حقول النفط وشركة تاتنيفت الروسية للنفط الواقعة شرقي موسكو ومقرها تترستان وأغلبية سكانها من المسلمين، بإمكانيات واسعة وآفاق رحبة للمستقبل.

وقال سيرجي شيتفيريكوف، مدير مصنع الأنابيب، فيما يتعلق بآفاق عمل الشركة في إيران: "إذا كان لديك حطب جاف وكانت الرياح تهب بقوة، سوف تشتعل النيران. كل ما تحتاج إليه هو عود الثقاب".

حذر أميركي

وفي أعقاب توقيع الاتفاق النووي مع إيران، قامت إدارة أوباما بالترويج لمزايا عدم انتشار الأسلحة النووية وتحقيق الأمن العالمي. ومع ذلك، لم تتحدّث الإدارة كثيراً حول مزايا العمل.

ويرجع ذلك في المقام الأول إلى أن الولايات المتحدة تنظر بعين الحذر إلى إيران.
وبمقتضى الاتفاق، وافقت السلطات الإيرانية على فتح برنامجها النووي أمام عمليات التفتيش وشحن اليورانيوم المخصب إلى روسيا مقابل رفع العقوبات الدولية. ومع ذلك، لا تزال هناك عقوبات أخرى تفرضها الولايات المتحدة ضد إيران لدعم الإرهاب وانتهاكات حقوق الإنسان.

وتحظر تلك العقوبات معظم العلاقات التجارية مع إيران؛ ومن ثم، لا يتم السماح للشركات الأميركية للمنافسة على عقود النفط والغاز الطبيعي. وتسمح الولايات المتحدة بإقامة علاقات تجارية في مجالي السجاد الفارسي والطائرات التجارية فقط.

وضع أوروبي أفضل

وتحظى الشركات الأوروبية بوضع أفضل، حيث تسعى معظم دول الإقليم إلى تطوير العلاقات الدبلوماسية مع إيران.

وفي أعقاب توقيع الاتفاق النووي في يوليو/تموز الماضي، اصطحب نائب المستشار الألماني، سيغمار جبرييل وفداً من المديرين التنفيذيين لكبرى الشركات الألمانية إلى طهران، يضم شركات ديملر وفولكس فاغن وسيمنز.

وبدأت شركة إيرباص لتصنيع الطائرات مفاوضاتها مع إيران. وفي الشهر الماضي، أبرمت شركة هيلينيك بتروليوم اليونانية لتكرير النفط أولى صفقاتها من أجل شراء النفط الخام الإيراني بعد رفع العقوبات الاقتصادية.

ميزة روسية

وتحظى روسيا بميزة هامة، حيث ساندت إيران على مدى عقود طويلة دبلوماسياً؛ كما أنها تتمتع بعلاقات عسكرية قويّة معها.
وذكر نائب رئيس الوزراء الروسي، ديميتري روجوزن، في أعقاب توقيع الاتفاق النووي، أن بلاده بدأت في تزويد إيران بنظم صواريخ S-300 المضادة للطائرات.

وقال روجوزن: "يتم حالياً تنفيذ هذا العقد وسداد قيمته".

وأشار روجون إلى أن الاتفاق بين روسيا وإيران لم يكن في المجال العسكري فقط.، مشيراً إلى أن توريد صواريخ S-300 "سيفتح الطريق أمام التعاون مع جمهورية إيران الإسلامية".

وعلى غرار البلدان الأخرى، ترى روسيا فرصاً واعدة في دولة تعطشت لفترة طويلة إلى رؤوس الأموال.

فرص إيرانية واعدة

ويتوقع الاقتصاد الإيراني قفزة هائلة بعد الإفراج عن أصولها المجمدة بالخارج والبالغة 29 مليار دولار. ويتوقع صندوق النقد الدولي نمواً يبلغ 5.5 % في الاقتصاد الإيراني خلال عامي 2016 و2017.

وتعد صناعة الطاقة بصفة خاصة جاذبة لرؤوس أموال الشركات الأجنبية.

وتمتلك إيران ثاني أكبر احتياطي نفطي في منطقة الشرق الأوسط بعد السعودية؛ وترى بعض التقديرات أنها تمتلك أكبر احتياطي للغاز الطبيعي التقليدي في العالم. وقد وقعت إيران اتفاقات لتصدير الغاز إلى العراق وباكستان قبيل رفع العقوبات الاقتصادية عنها.

وذكر المحللون أن الصناعة في إيران تفتقر رغم ذلك إلى خطوط أنابيب من أجل نقل الغاز الطبيعي، حيث انخفض حجم الاستثمارات إلى حد كبير خلال فترة العقوبات. ويمكن أن تنفق إيران نحو 100 مليار دولار لإعادة بناء خطوط أنابيب الغاز الطبيعي.

وتذكر شركة الأنابيب المعدنية أنها تستطيع توفير معظم احتياجات إيران من الأنابيب.
ومن خلال أعمالها المعدنية العملاقة، تتولى الشركة صب ولحام القضبان الصلبة الضخمة التي تستخدم في استخراج النفط وأعمال التنقيب. وتذكر الشركة أن 20 بالمائة من النفط العالمي الذي يتم استخراجه يأتي من خلال أنابيب الشركة، بما في ذلك أنواع الأنابيب الحديثة التي يتم تصنيعها خصيصاً لأعماق آبار النفط.

وذكر فلاديمير شماتوفيتش نائب الرئيس للشؤون الاستراتيجية خلال لقاء خاص "نقوم بتصنيع أنابيب بينتليز".

وتواجه روسيا بعض التحديات بينما تستعد للانطلاق داخل السوق الإيراني.

صعوبات روسية

وبفعل العقوبات الغربية نتيجة النزاع الأوكراني وانخفاض أسعار النفط، يعاني الاقتصاد الروسي كثيراً وتمر الشركات بفترات عسيرة للحصول على التمويل، بما يمكن أن يؤدي إلى صعوبة قيام شركات مثل لوكويل وجازبروم بإحياء اتفاقات الإنتاج في إيران.

وقال إدلار دافلتشن، المحلل المتخصص بمجالي النفط والغاز بأحد بنوك الاستثمار في موسكو : "لا يزال هناك ترقب حذر.". ومع انخفاض أسعار النفط، تعاني موازنات شركات النفط الروسية من ضغوط شديدة.

وترى شركة الأنابيب المعدنية أن إيران هي الترياق الذي سوف يساعد على نهضة الصناعة.

بعد أن فرضت الأمم المتحدة عقوبات اقتصادية على إيران عام 2006، اضطرت الشركات الروسية مثل شركة الأنابيب المعدنية على التراجع بينما ظلت تعاني إلى حد كبير.

الوجهة نحو إيران

ونتيجة لذلك، تحولت الشركة إلى الولايات المتحدة حيث قامت بشراء 12 مصنعاً في أميركا الشمالية بعد ازدهار العمل في مجال الصخور الزيتية.

والآن، بدأت عقارب الساعة تسير في الاتجاه المعاكس. فمع انخفاض أسعار النفط، ظهرت معاناة شركات الصخور الزيتية وأوقفت شركة الأنابيب المعدنية مصنعين لها في أميركا الشمالية عن العمل وتخطط لتسريح 40% من عمالتها البالغة 2700 موظف.

وفي روسيا، قامت الشركة بتقديم الحوافز للعاملين الذين يتوصلون إلى سبل لتخفيض النفقات بمصانعها. وتتمثل تلك الحوافز في قضاء عطلات في منتجع سوتشي على البحر الأسود.

وتتطلع الشركة أيضاً إلى استعادة أمجاد الماضي في إيران. ففي عهد الاتحاد السوفيتي، كان المصنع يوفر أكثر من 40 % من الأنابيب المستخدمة في صناعة النفط الإيرانية.

– هذا الموضوع مترجم بتصرف عن صحيفة New York Times الأميركية، للاطلاع على المادة الأصلية، اضغط هنا.

تحميل المزيد