"مجلس الشورى لا يمثّل السعوديين"، بهذه الكلمات لخّصت المدوّنة السعودية "أسماء الراجحي" حال المجلس، ومدى تعبيره عن المواطن، فيما يطالب البعض بضرورة تحويله لبرلمان ليكون ممثلاً حقيقياً للشارع السعودي.
المجلس بدأت فكرته في عهد مؤسس السعودية عبدالعزيز آل سعود، وكانت بداياته باسم المجلس الأهلي في عام 1924، ثم أصبح اسمه مجلس الشورى في عام 1927، وما تبع ذلك من تحديث له في عام 1992 باستصدار العاهل السعودي الأسبق فهد بن عبدالعزيز تحديثاً لأنظمة الدولة الثلاثة: الحكم والشورى والمناطق، ودخل قبل شهرين أعمال السنة الـ 4 من الدورة الـ 6، لكنه مازال غير قادرعلى تلبية طموح وآمال المواطن العادي.
دور المجلس
ما يقدمه المجلس عبارة عن توصيات في انتظار اعتمادها من مجلس الوزراء، فضلاً عن تعيين أعضائه، وليس انتخابهم وهو الأمر الذي يؤرق قطاعاً من المواطنين والكتاب، والذين دعوا إلى أن يكون الالتحاق بالمجلس بالانتخاب، وأن يتم منحه صلاحيات أوسع في استصدار القرارات، والرقابة على الحكومة أملاً في محاكاة البرلمانات في بقية دول العالم.
"الراجحي" أبدت لـ "عربي بوست" اندهاشها من خلط الكثير من المواطنين بين نظام الشورى المتبع في السعودية، والبرلمان السائد في أغلب بلدان العالم موضحة أن "الشورى يعمل لمساعدة الحكومة على اتخاذ القرارات، والبرلمان يمثل الشعب، ويصدر القوانين، ويراجع الحكومات".
وأضافت "أي مقترح يقدمه أي عضو من أجل المواطن يتمّ رفضه من بقية الأعضاء؛ لأن المجلس منوط بدراسة ما يرد له من الحكومة فقط، وبالتالي فهو لا يمثل الشعب السعودي، وإن كان الأمر بيدي لما عينت أعضاء ثابتين، وإنما أكلّف لجاناً مؤقتة متخصصة لكل مشروع يُراد دراسته".
خفض مخصصات المجلس
وفي مطلع العام الجاري قلصت الحكومة السعودية من بعض نفقات مجلس الشورى، فقضت بتخفيض المخصصات الشهرية لفاتورة الهاتف لكل عضو من 1000 ريال إلى 400 ريال، وأيضاً تقليص عدد الصحف من 3 صحف إلى واحدة فقط لكل عضو، وهو ما أثار استياء أكثر من عضو، ووصفوه بالتضييق بحسب إحدى الصحف المحلية، وهو ما قد فسره البعض بأنه تقليل من الحكومة لأهمية المجلس.
ولكن "الراجحي" قللت من أهمية هذا الإجراء بقولها: "الدولة تتجه لخفض النفقات بشكل عام بسبب انخفاض أسعار البترول، وهم جزء من هذا البلد يسري عليهم ما يسري على أي دائرة حكومية أخرى".
وتابعت "خفض نفقات المجلس سيجعل التهافت عليه يقل من أصحاب النفوذ والدكاترة ممن أفنوا أعمارهم في التعليم، ولم يخالطوا المجتمع، ولا يعرفون ما يدور فيه، فمشورتهم تأتي من خلال الكتب والدراسات وليست من خلال الواقع والمخالطة".
من جانبه أعرب الكاتب الصحفي "خالد الوابل" لـ "عربي بوست" عن استغرابه من ورود أخبار عن استياء بعض الأعضاء من خفض النفقات مؤكداً على أنه شيء لا يُذكر، ولا يؤثر على عملهم، مطالباً أعضاءه بالالتفات إلى "المطالبة بمزيد من الصلاحيات لأنفسهم، فتطلعات المواطن أكبر بكثير من دور المجلس الحالي".
البث التليفزيوني
الناشطة السياسية والحقوقية "سعاد الشمري" رفضت فكرة تخفيض عدد جلسات مجلس الشورى، بعد أن تواترت بعض الأنباء عن الاتجاه لذلك ترشيداً للإنفاق، مؤكدة في الوقت نفسه على أهمية بث جلساته تلفزيونياً "يجب أن تكون مباشرة على الهواء؛ ليطلع الناس عليها" على حد قولها.
وربطت "الشمري" إصلاح وتطوير المجلس بإعادة تنظيمه، وانتخاب ثلث أعضائه، علاوة على إنشاء قنوات تواصل مع الشارع؛ لعرض المشاكل المجتمعية، وإتاحة المشاركة الشعبية في القرارات.
وأوضحت الناشطة السياسية أن أبرز ما يمكن إدخاله من تحديثات لنظام المجلس هو "إعطاؤه صلاحيات البرلمان، وأن تتاح مشاركة وحضور المواطنين بطريقة نظامية لجلساته، وألا يقتصر على النخب، وأصحاب الشهادات الكبيرة، بل تمتد عضويته إلى الشباب، وعامة الشعب، وأخيراً أن تكون له صلاحية متابعة قرراته التي أقرها، والمحاسبة والتقويم في حالة عدم تنفيذها".
مؤسسات المجتمع المدني
واختتمت "الشمري" حديثها لـ "عربي بوست" بضرورة تطبيق نظام مؤسسات المجتمع المدني ليكون التواصل "أفضل وأجدى" مع مجلس الشورى خاصةً في حالة تطوير أعماله إلى برلمان حقيقي.
وعن مدى تعبير مجلس الشورى عن هموم الوطن، وأهميته في حياة المواطن العادي، أكد محمد العمري، مواطن سعودي لـ "عربي بوست" أن: "مجلس الشورى لا يعبر سوى عن نفسه فقط؛ لأنه غير منتخب من الناس حتى يعبر عنهم، ولا حل سوى أن يكون بالانتخاب، وأن يكون له دور حقيقي، وليس مجرد صورة".
جديرٌ بالذكر أن مجلس الشورى السعودي قد طالته في السنين الأخيرة الكثير من الانتقادات، وطالب أحد الكتاب بضرورة انتخابه من الشعب، وليس بالتعيين كما هو قائم الآن، كما دشن النشطاء على الشبكات الاجتماعية أكثر من وسمٍ سابق طالبوا فيه بالحق في انتخاب أعضاء المجلس، وتحويله إلى برلمان يمثّل الشعب.