أم أنس ضحيّة مذبحة بورسعيد: لولا حرمة الانتحار للحقت بابني

عربي بوست
تم النشر: 2016/02/05 الساعة 11:57 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2016/02/05 الساعة 11:57 بتوقيت غرينتش

منذ أربع سنوات وهي تذرف الدموع بعد أن فقد ابنها الوحيد في لحظة عابرة، من حينها وأحزان أم أنس لا تريد أن تنتهي، فقد قتل أنس، الشاب الصغير، في مذبحة إستاد بور سعيد 1 فبراير/شباط 2012، حينما وقع اشتباك بين مشجعي نادي "الأهلي" ونادي "المصري" عند انتهاء مباراة كرة قدم كانت قد جمعت الطرفين، وانتهت بتسجيل فريق "المصري" 3 أهداف، وخسارة "مصر" لـ 72 شاباً زُهقت أرواحهم هناك.

وتحكي أم أنس في حديثها لـ"عربي بوست" عن آلامها لفقدان ابنها، وكيف أنها تستعيده في كل ذكرى للمذبحة وكأنه واقف في الملعب مع رفاقه.

عفواً ليس هذا حواراً تقليدياً نستحلب فيه إجابات من دموع أم فقدت وليدها الوحيد في لحظة غادرة. هذه قراءة في أوراق ودفاتر الحزن الذي لم يتوقف منذ أربع سنوات عاشتها أم أنس، أصغر ضحايا ما يسمى بمذبحة إستاد بورسعيد تركناها على عفويتها وحزنها بلا تجميل هنا أو قص أطراف هناك، فالحزن وحده قادر على قول الحقيقة

ملامح الأم تغيرت

صورة أم أنس، ضحية مذبحة إستاد بورسعيد التي راح ضحيتها 64 شاباً من مشجعي النادي الأهلي في الذكرى الرابعة للمجزرة الثلاثاء 1 فبراير/شباط 2016 وهي تقف في ملعب النادي الأهلي وسط جمهور الألتراس تحمل "شمروخاً" في يدها (المفرقعات النارية التي يستعملها جمهور كرة القدم في الملاعب للتعبير عن اعتراضاتهم على قرارات الحكم في الملعب كما في السياسة)، وتنهمر الدموع من عينيها، أحدثت جدلاً في مواقع التواصل الاجتماعي، خاصة بعد أن ظهر الشيب مبكراً على وجهها وتبدلت ملامحها تماماً، "ما أعاد الأمل في القصاص لضحايا الواقعة".

شوفوا وجع القلب اللي بين الصورتين شوفوا فراق أربع سنين .. شوفوا حال أم انس

Posté par ‎ادهم احمد‎ sur mardi 2 février 2016

"شفت أنس فى الملعب"

"كنت شايفه ابنى فى وسطهم..كنت بدور عليه وأنا واقفه في قلب الملعب".. هكذا قالت أم أنس لـ "عربي بوست" عن ذكرى المذبحة، وعن صورته التي انتشرت على الشبكات الاجتماعية.

وأضافت أنه "حينما وقفت على أرض الملعب وسط شباب الألتراس، كنت أشعر أن أنس موجود، أو هكذا كنت أتمنى، فيوم ذكرى المذبحة أشدُّ الأيام قسوةً على قلب لم تنطفئ ناره، وأنا أرى أن القصاص العادل من قتلة ابني وزملائه لم يطبق".

وأوضحت أم أنس أن "الحياة لم يعد لها معنىً بعد وفاة ابنها الوحيد، الذي خرج ليشاهد مباراة كرة قدم فعاد جثة"، مشيرة إلى أنها منذ 4 سنوات "لم تعرف طعم عيدٍ ولم تذق لحظة سعادة واحدة، كما أنها فكرت في التخلُّص من الحياة وأقسمت أنه لولا أن الانتحار حرام لفعلته منذ وفاة أنس لتلحق به"، على حد تعبيرها.

لم يتّصل أحد

تقول أم انس أنها" تتمنى أن يتواصل الرئيس عبد الفتاح السيسي حقاً مع أهالي الشهداء، كما وعد في مداخلته التلفزيونية، لكي ينهي عذاب 4 سنوات داخل أروقة المحاكم من دون الوصول إلى نتيجة أو تحقيق القصاص العادل".

وأشارت إلى أنها "استمعت إلى مداخلة الرئيس مع إحدى القنوات الفضائية ليلة ذكرى المجزرة، والتي عرض فيها الجلوس مع شباب الألتراس وتشكيل لجنة لتقصي الحقائق لوضع حد لهذه القضية"، غير أنها تؤكد أنه "منذ مداخلة الرئيس لم يتصل بها أحدٌ حتى الآن".

وكان الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي قد طالب في مداخلة هاتفية ببرنامج "القاهرة اليوم" على قناة "اليوم" المصرية، شباب الألتراس بـ"تشكيل لجنة تضم 10 أفراد منهم للمشاركة في الاطّلاع على تحقيقات النيابة في قضية بورسعيد".

طنطاوي المسؤول

حالة من الهجوم الإعلامي طالت أهالي ضحايا مذبحة بورسعيد وشباب الألتراس بعد إحياء الذكرى الرابعة، وهو ما تفسره والدة أنس بـ"إطلاق الشباب في ملعب النادي الأهلي لهتافات ضد المشير محمد حسين طنطاوي، رئيس المجلس العسكري الأسبق والمسؤول عن إدارة شئون مصر وقت المذبحة"، قائلة: "إنه المسؤول الأول والأخير عمّا حدث، ولكن لأنه رمز من رموز الدولة الآن فلا يريد الإعلام أن يقترب منه أحد، وبدلاً من أن يطالبوا بإعادة حقوق الدماء والقصاص من قتلة الشهداء خرجوا في القنوات الفضائية ليوجّهوا السباب والاتهامات للشباب، من دون أن يتوقفوا لمعرفة ما الذي دفع هؤلاء إلى الهتاف ضد المشير".

أم أنس تساءلت بعفوية مغلّفة بحزن عميق: "مش عايزين الشباب ليه؟ عايزين تعملوا فيهم إيه تاني؟ والا عايزين الدنيا تفضي ليكم؟".

وتقول إنها "تبكي كلما شاهدت الحملة الشرسة ضد الشباب في الإعلام المصري، أو رأت صور المعتقلين في السجون، ودائماً تطلب من الله في صلاتها أن يحفظ شباب مصر، وأن يتوقّف سيل الدماء وسقوط الضحايا يومياً".

القصاص

ترى الأم المكلومة أن هناك فارقاً بين ضحايا مذبحة بورسعيد وضحايا ثورة 25 يناير، "فالأولى كان المتهمون معروفين وشرائط الفيديو والكاميرات موجودة، والصور تثبت التهمة عليهم، وذلك على العكس ممّا حدث في ثورة يناير التي تشعّبت، فضاعت التهم وخرج المتهمون بلا إدانة".

ومع الاختلاف في دلائل القضية، تقول أم أنس أنها "توقعت أن يكون مصيرهم واحداً لأن القاتل في التهمتين أفرادٌ من الشرطة"، على حد تعبيرها.

"سأفوّض أمري الى الله إذا خرج حكمٌ غير الإعدام بحق قتلة الشهداء، ليس في مجزرة بورسعيد وحدها، بل في كل المذابح التي شهدتها مصر ومنها مذبحة إستاد الدفاع الجوي التي سقط فيها 22 شاباً، بسبب تذاكر دخول الإستاد"، تضيف أم أنس بنبرة حزن وتأثر في تصريحاتها لـ"عربي بوست"، قبل أن تتساءل "هل يساوي ثمن التذكرة إرهاق دم؟ وهل فكَّر القاتل في مصير الأب والأم اللذين يفقدان شاباً بسبب تذكرة".

تحميل المزيد