تفتتح محادثات السلام حول سوريا الجمعة 29 يناير/كانون الثاني 2016، في جنيف بعيداً عن وسائل الإعلام وفي غياب المعارضة السورية المجتمعة في الرياض والتي ترفض المشاركة في الاجتماع ما لم تتم تلبية مطالبها على الرغم من دعوات الأمم المتحدة وأميركا، وهو ما يثير التساؤل حول مدى نجاح المفاوضات في غياب المعارضة وحضور النظام وحول من يمثل الشعب السوري ومن يتفاوض باسمه.
وبعد إعلان المعارضة شروطها، قالت واشنطن إن المطالب الإنسانية التي قدمتها لكن يجب ألا تكون سبباً لأن تفوت المعارضة "الفرصة التاريخية".
وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية مارك تونر "إنها بالفعل فرصة تاريخية لهم للذهاب إلى جنيف لاقتراح وسائل جدية وعملية لإرساء وقف لإطلاق النار وإجراءات أخرى لبناء الثقة". وأضاف "ما زلنا نعتبر أنه يتعين عليهم اغتنامها من دون أي شروط مسبقة".
رسالة دي مستورا للسوريين
مبعوث الأمم المتحدة ستافان دي ميستورا وجه في شريط مصور دعوة "إلى كل رجل إلى كل امرأة إلى كل طفل وطفلة من سوريا داخل سوريا أو خارجها في مخيمات اللاجئين أو في أي مكان كان".
وقال "نحن بحاجة الآن لقدراتهم للوصول لحلول وسط في المناقشة، للتوصل إلى حل سلمي في سوريا (…) نحن الآن بحاجة إلى إسماع صوتكم. إلى كل من يحضر هذا المؤتمر، نقول: هذا المؤتمر فرصة لا ينبغي تفويتها".
المجتمع الدولي فاشل
رياض حجاب، المنسق العام للهيئة العليا للمفاوضات التابعة للمعارضة السورية، قال إن المجتمع الدولي وعلى رأسه أميركا فشل في إيصال عبوة حليب لرضيع يصارع الموت من شدة الجوع، مؤكداً أن المعارضة تريد مفاوضات وليس محادثات محكوم عليها بالفشل.
وفي تعليقه على محادثات جنيف بشأن سوريا، المزمع انطلاقها اليوم الجمعة، خلال حوار مع قناة "سي إن إن" الأمريكية، أضاف حجاب "نحن نريد المفاوضات، ولكننا لا نرغب بالمشاركة في محادثات محكوم عليها بالفشل، وعلى المجتمع الدولي أن يتصرف بشكل يتناسب مع التزاماته".
وتابع قائلًا "فشلت الولايات المتحدة الأمريكية، العضو في مجلس الأمن الدولي، في إيصال عبوة حليب لرضيع يصارع الموت من شدة الجوع، في مضايا"، متسائلًا "هل هذا مجتمع دولي سيوفر مرحلة انتقال ديمقراطي لسوريا؟".
وأوضح حجاب أن "الشعب السوري يموت من الجوع والقصف، ونحن من يريد السلام والتحول الديمقراطي، ونرغب في انتهاء المأساة في سوريا، وأن يعود الناس إلى منازلهم، كما نريد المساواة والحرية والسلام والقانون، إلّا أن مفاوضات جنيف محكوم عليها بالفشل".
مشاركة الأسد
واعتبر حجاب مشاركة الأسد في محادثات جنيف تهدف لإفشالها، مؤكداً أن النظام لا يريد حلاً سياسياً، بل يؤمن بالحلول العسكرية فقط.
وأكد حجاب أن "الهيئة العليا للمفاوضات اتخذت كافة الخطوات المطلوبة من أجل المشاركة في محادثات السلام بجنيف"، مبينًا أنهم أرسلوا رسالة إلى الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون، ومبعوثه الخاص إلى سوريا ستيفان دي مستورا.
وأشار أنهم أعلموا دي مستورا في رسالتهم، أن "المبادئ الإنسانية مثل رفع الحصار عن المدن، وإيصال المساعدات إلى المناطق المدمرة، وإطلاق سراح المعتقلين وخاصة الأطفال والنساء، تأتي قبل المفاوضات، وغير قابلة للتفاوض".
مفاوضات الجمعة
مكتب المبعوث الدولي إلى سوريا ستيفان دي ميستورا كان أعلن الخميس أن مفاوضات جنيف بشأن الأزمة السورية ستبدأ اليوم الجمعة، في حين أكد وفد المعارضة أنه سيواصل اجتماعاته في الرياض بعدما أكد تمسكه بوقف القصف وحصار المدنيين قبل الشروع في التفاوض.
وأعلنت الهيئة العليا للمفاوضات في المعارضة السورية مساء أمس الخميس أنها لن تذهب إلى جنيف الجمعة، وأكدت أنها ستواصل اجتماعاتها في الرياض.
وقال المتحدث الرسمي باسم الهيئة رياض نعسان آغا للجزيرة إن الوفد المعارض لن يتمكن من الذهاب يوم الجمعة إلى جنيف لأسباب لوجستية، بغض النظر عن البعد السياسي.
وقف القصف ورفع الحصار
من جانبه أكد جورج صبرا نائب رئيس الهيئة أن وفد المعارضة لن يذهب إلى مفاوضات جنيف قبل وقف القصف ورفع الحصار عن المناطق المحاصرة في سوريا.
وأضاف صبرا في مقابلة مع الجزيرة أن العقبات أمام وفد المعارضة للذهاب إلى جنيف لا تزال قائمة، مؤكدا أن المعارضة لا تعرض طلبات، وإنما تريد تطبيق بنود قرار مجلس الأمن الأخير 2254 الذي يفرض التزامات على النظام السوري وروسيا وحلفائهما.
وتابع أن المعارضة مستعدة للذهاب إلى المفاوضات عندما يكون الطريق سالكا، وقال إن ذلك يكون عندما يتوقف قتل السوريين، وبعد ذلك تأمين الانتقال السياسي من دولة الاستبداد إلى دولة ديمقراطية مدنية.
وكان يفترض أن تبدأ المفاوضات بين وفد الهيئة العليا المنبثق عن اجتماع المعارضة السورية في الرياض وبين وفد النظام السوري الاثنين الماضي، إلا أنه تم تأجيلها بسبب خلافات، بعضها يتعلق بتمثيل المعارضة السورية.
وفي الرياض قال مصدر من الهيئة إنها ستواصل الجمعة اجتماعاتها التي بدأتها قبل 3 أيام للخروج بموقف من المشاركة في مفاوضات جنيف.
بعيداً عن الإعلام
وقال موفد الجزيرة إلى جنيف زاور شاوج -استنادا إلى معلومات غير رسمية من أروقة الأمم المتحدة في جنيف- إن المفاوضات ستبدأ بعد ظهر الجمعة، مشيرا إلى أنها ربما تبدأ بجلسة يتم فيها الإعلان عن افتتاح هذه المفاوضات.
وأضاف أن المفاوضات ستكون غير مباشرة حيث سيقوم دي ميستورا بمشاورات مع الوفود كل على حدة، كما أنها ستكون مغلقة بعيدة عن الإعلام. وأوضح أن وزير الخارجية السوري وليد المعلم لن يحضر الجمعة على الأرجح إلى جنيف، حيث سيقود وفد النظام السوري سفيره لدى الأمم المتحدة بشار الجعفري.
لماذا تأزم الموقف؟
وتواجه مفاوضات جنيف تعقيدات من بينها اعتراض النظام السوري وروسيا وإيران على تركيبة وفد المعارضة السورية، ومحاولة فرض شخصيات وفصائل قريبة من موسكو على غرار الاتحاد الديمقراطي الكردي، فضلا عن رفض دمشق وموسكو وقف إطلاق النار قبل انطلاق المفاوضات.
وكان وفد المعارضة المجتمع في الرياض قد طلب من الأمم المتحدة ردا على مطالب تصدرها وقف قصف المدنيين، وفك الحصار عن المناطق المحاصرة.
المعارضة السورية كانت قد قالت إنها تعرضت لضغوط من وزير الخارجية الأميركي جون كيري لحملها على المشاركة في مفاوضات جنيف دون شروط مسبقة، وقالت واشنطن وباريس إن عدم ذهاب المعارضة إلى جنيف يخدم مصالح نظام الرئيس السوري بشار الأسد.