سندريلا والفاجعة الزرقاء

ستلبس النساء الأزرق، وقد تثبت بعضهن على مبادئها الوردية، ثم ستقلب الفصول وستكتسح السوق موضة جديدة تقول أمي: كانت على أيامنا..! وستلبس النساء الموضة الجديدة التي ضحكن عليها وهن يشاهدن المسلسلات القديمة.. وهكذا دواليك..

عربي بوست
تم النشر: 2016/01/21 الساعة 04:01 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2016/01/21 الساعة 04:01 بتوقيت غرينتش

خرجت علينا ديزني بفيلمها "سندريلا" النسخة الحقيقيّة، ليُبهرج الوهم بهالةٍ جديدة من واقع، ولتنشط أحلام اليقظة وتستوطن عقول الآدميين، ولأجل التخصيص أقول "الآدميات".

على كلٍّ هذا ليس موضوعي، موضوعي في الفستان الأزرق الذي جرح قلوب الفتيات وبعثر أحلامهن الورديّة، الفستان الذي لم يُلقِ بالاً لمشاعرهن، وبارز بكل وقاحة عالمهن الهش، وإلا فما نفع الحذاء، الفستان، ربطة الشعر وربطة العنق، غطاء الرأس، الأساور، البنطال والقميص الوردي، وقبل ذلك ما نفع إن كانت الأم غارقة بالتحضيرات الوردية للمولودة الجديدة، ثم الشرائط، حقيبة المدرسة والقرطاسية، ورق الجدران، الخزانة وغطاء السرير، كل شيء، في كل مكان، وردي وردي وردي، أو كما يقلن "بييينك"!

أزعم أنهن تقبّلن الفاجعة على أساس أن سندريلا في الفيلم الكرتوني كانت تلبس الأزرق، وحدث ذلك منذ عهد بعيد، قبل أن تلدهن أمهاتهن، أو ربما قبل أن يطحنهن بروتوكول اللون الأزرق الذي يمثل الذكر والوردي الذي يمثل الإناث..

فوضى الداخل إذن أو ربما فراغه، نهم التملك الذي لاقى سرابًا، السوق الذي وجد جموعًا خاوية، المرأة السلعة، والمرأة في ذات الوقت السوق الأفضل لإشباع جشع أصحاب رؤوس الأموال.

قد يكون للفستان الأزرق صداه في موضة الخريف والشتاء أوالصيف، وسيكون للعقلية الاستهلاكية التجاوب الذي تنشده، كالعادة!
سيعمل المصممون على شد الخيط قليلا من هنا وإضافة خرزة هناك ليتم تبهير وبهرجة اللعبة، وإتمام عملية الاستخفاف بأبهى جشعها.

ستلبس النساء الأزرق، وقد تثبت بعضهن على مبادئها الوردية، ثم ستقلب الفصول وستكتسح السوق موضة جديدة تقول أمي: كانت على أيامنا..!
وستلبس النساء الموضة الجديدة التي ضحكن عليها وهن يشاهدن المسلسلات القديمة..
وهكذا دواليك..

تُصرف المرأة روحًا وقلبًا في سوق النخاسة..
تُباع وتُشترى وتُستعبد عقلاً وكيانًا.
فيما تظن أنها حرة ما دام جسدها حرًّا، وتلهث وراء الموضة لتؤكد حريتها المكذوبة..
يزورها طيف الشيء الذي ستشتريه غدا قبل النوم، ويؤرقها فوات ما أرادت..
تستهلك وتستهلك، وتجري وتلهث، تجري وتلهث، مسعورة لا شيء يطفئ ظمها!
ستلعن سندريلا.. وستشتهي أن تكونها..
ستحلم وتُستنزف في سيل الأحلام
وسيكون الواقع سياطًا تتلقاها وتجلد بها من حولها.

ستموت سندريلا.. وتعود من خلفها شخصيات وقصص وحكايات متنوعة!
وحدها المرأة سترضى أن تظل أمَة الخزعبلات والتفاهات، ستظل الناطق الرسميّ باسم السذاجة، مطواعة العاطفة!
ستظل العمياء عن الألاعيب التي تحاك ضدها في أقبية المصممين والعارضين والمستثمرين المتآمرين على الصعيد العالمي.
حمّى السوق، بل ومن باب أولى سعاره، أنتِ أيتها المرأة تريقين لعابك لتتلقفي الخواء.
أما بعد:
فهذه رسالة من سندريلا تقول:
عليكن بالأزرق، فإنه يرد العين!!

ملحوظة:

التدوينات المنشورة في مدونات هافينغتون بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

تحميل المزيد