لم تجد الطالبة داليا السبيعي أمامها سوى تجاوز "الروتين الحكومي" لتتمكن من "حماية الأطفال من التحرش الجنسي" بعد أن ارتفعت نسبه في السعودية رغم كونه مجتمعاً محافظاً.
والسبيعي ليست لوحدها، فهي أحد أعضاء فريق كونه 7 طالبات سعوديات متطوعات من جامعة "الملك عبدالعزيز"، رأين أن التعامل السلبي مع الظاهرة لن يغير الإرقام في مجتمع يتكتم على الأمر خوفاً من "الفضيحة"، لذلك بادرن إلى تنظيم ندوات وورشات للتعريف بكيفية حماية الأطفال من التحرش.
فريق مبادرة "كفى بي" يتكون من الطالبات: داليا السبيعي، إيمان حسنين، دينا السبيعي، غدير الخميسي، مشاعر أبا بكر، نسرين أول خير آدم، وأماني قيسي.
الروح الإيجابية التي تحلى بها الطالبات ذللت بعض المصاعب التي واجهت الفريق، لكن "الروتين الحكومي" كان يغلق الكثير من الأبواب أمامهن، خاصة لدى محاولاتهن اختيار أماكن معينة لتنظيم حملات التوعية بالتحرش الجنسي بالأطفال.
وتشير دراسات غير رسمية إلى طفل واحد من كل 4 أطفال في السعودية يتعرض للتحرش الجنسي، وأن 61% من حالات التحرش كانت من أحد أقرباء الطفل أو ممن يرتبطون معهم بعلاقات عائلية.
وكانت دراسة سابقة أشارت إلى أن نحو نصف من هم في سن 14 من إجمالي عدد السكان بالسعودية تعرضوا للتحرش الجنسي.
لكن هذه الأرقام لا يمكن الاعتداد بها لأنها تعتمد على جهود فردية أو مؤسسات غير رسمية، لذلك يرى فريق "كفى بي" أن الأرقام ربما كانت أكبر من ذلك وذلك لتكتّم المجتمع على أكثرها خوفاً من الفضيحة، أو من المعتدين في ظل اعتبارات مجتمعية.
تجاوز روتين الحكومة
وبسبب العوائق التي واجهها الطالبات السعودية السبعة، لجأ الفريق إلى الخطة (ب) باختيار مراكز وجمعيات ومدارس لا تحتاج إلى موافقات حكومية.
وتقول السبيعي لـ"عربي بوست" أهن كن "ينتظرن ما يقارب ٣٠ يوماً أو أكثر حتى تأتي الموافقة لإقامة نشاط في الأماكن العامة، وكل ذلك بهدف تحقيق هدفنا وهو الوصول إلى مجتمع خالٍ من التحرش الجنسي".
وتضيف مسؤولة الفريق إن "عدم قدرة الآباء على توعية أبنائهم إما خجلاً أو لا مبالاة هو ما جمعنا ودفعنا إلى تأسيس هذا الفريق".
وقالت "المجتمع عجز عن التعامل مع هذه الظاهرة، ولم يعترف بها لاعتبارات مجتمعية، على الرغم من انتشارها بشكلٍ واسع، وقد كان من الصعب علينا أن نرى أطفالاً يواجهون التحرش أو الاعتداء بلا وعي".
وتقوم الفتيات في الفريق كما توضح السبيعي بإقامة ورشات عمل ودورات في المدارس، والحضانات، ومراكز الحي، والأماكن العامة، حول هذه القضية الشائكة، وطرق الوقاية منها، وكيفية علاجها جذرياً.
تقول السبيعي: "يجب توعية الوالدين بأهمية توجيه الأبناء، وتوعيتهم بخطورة هذه الظاهرة، ويجب كذلك تحريرهم من مخاوفهم وقلقهم، وتقوية العلاقة الصحية بين الوالدين وأطفالهم، واحتوائهم لهم، علاوة على إبراز ثقة الطفل بنفسه، وتعليمه بعض المهارات الوقائية والدفاعية".
أين الشباب السعودي من المشاركة؟
ولا تمانع عضوات الفريق – كما توضح السبيعي – من مشاركة الشباب في حملتهن يداً بيد، بل تجدن "في ذلك فائدة عظيمة" للقيام بمهام توعية الأطفال الذكور من مخاطر التحرش، بما أنهن لا يستطعن إقامة فعاليات في مدارس الطلاب.
أما في إطار اهتمامهن بقضايا الأطفال فتخطط عضوات الفريق إلى أن يشمل برنامجهن مستقبلاً موضوع "العنف الفكري ضد الأطفال"، كقضية أخرى مهمة يأملن تسليط الضوء الكافي عليها.
والتحرش الجنسي في السعودية لا يقتصر على الأطفال، فقد انتشرت في الأشهر مقاطع فيديو مسجلة على الشبكات الاجتماعية عن حالات تجاوزت العشرة يتعرض فيها فتيات للتحرش.
ولجأ الشباب السعودي الناشط على الشبكات إلى الاجتماعية إلى نشر برامج ترفيهية للتعريف بمشكلة التحرش بالفتيات وتجاهل أجهزة الدولة وضع قوانين للحد منها.