"الحب" تلك الكلمة المؤلفة من حرفين بسيطين، يسهل النطق بهما، لكن لا تكفيها كل كلمات اللغة.
"الحب" ذاك الشعور الذي ينبت في القلب، فيملؤه زهوراً فواحة، فتغدو تلك العضلة التي تضخ الدم بستان زهور يحوي من الألوان أجملها، ومن الروائح أطيبها.
"الحب" هو ذاك الشعور الذي يُسكِن القلب، فيملؤه راحة وطمأنينة، ويظهر في العينين بلمعة تزيدهما جمالاً وبريقاً.
و"الحب" هو تلك الكلمة التي إذا نطق بها أحد، اتّجهت كل العيون نحوه، وأشارت كل الأصابع إليه، ويبدأ البحث في محيطه عن ذلك الشخص المحبوب الذي أسر قلبه، وغالباً ما يقتصر البحث على طرفٍ من الجنس الآخر، وكأن الحب بمعناه الواسع يقتصر على حب شاب لفتاة أو العكس، ويُنسَى أن معنى الحب أكثر من ذلك، فهو بين أفراد العائلة، بين الأصدقاء، إضافة لحب العمل، وحب الذات، وأعظم من ذلك كله حب رب الأحباب، ثم حب الوطن.
ومع ذلك التوسُّع في معنى الحب، إلا أنني سأتحدّث عن الحب الذي يتكلم عنه كل الناس، والذي يختصرون الحب فيه، حب شاب لفتاة، وحب فتاة لشاب، من وجهة نظري الخاصة.
إنني لأعجب كل العجب ممن يستنكرون على الفتاة كيف تحب، ويبدأ السؤال كيف سمحت لنفسها بأن تمارس هذا الفعل، وكأنها وقعت في الرذيلة لا سمح الله، وقد يستنكرون على الشاب الحب لكن بدرجة أقل من استنكارهم الحب على الفتاة.
هؤلاء المستنكرون نسوا أن القلب بيد مقلِّب القلوب، وهو الذي فطر القلب على الحب، وهو الذي أوجد فيه هذه القابلية، وزرع فيه هذه الغريزة، فلو حرّمه لما خلق قلوبنا عليه، أو لجعلها تنبض بهذه المشاعر "بعد الزواج" فقط، لكن ما حرّمه الله هو تلك التصرفات التي تصدر باسم الحب.
قد يتساءل قارئ بأننا نخشى على الفتاة من الوقوع بالفتن، ونخشى عليها من الاختيار الخاطئ، إجابتي الشخصية بأن خوفكم واهتمامكم على الرأس والعين وله كل الاحترام والتقدير، لكن ثقافة الحب تبدأ من المنزل ومن التربية، حين لا يتجاهل الأهل هذه الفطرة، ولا تعرف عنها الفتاة إلا من خلال الدراما المسمومة.
حين يتم توجيه الفتاة إلى أنها قد تواجه شخصاً يثير إعجابها وقد تحبه، لكن كيف تستطيع معرفة من يستحق ذلك؟ كيف تتعامل مع هذه المشاعر بطريقة لا تؤذيها، كيف تحافظ على نفسها وقلبها من شر من يستغلون ذلك؟ إن لم تجد الفتاة إجابات هذه الأسئلة من المنزل، فقد تجد إجابات مسمومة على مواقع الإنترنت وعلى التلفاز، قد يرسم الحب لديها أنه غالباً سيكون للشخص الذي يستحق ذلك، والذي ستقع بغرامه من النظرة الأولى، ونادراً ما ستواجه الشخص الخطأ، الذي يتلاعب بمشاعرها، وإن كان فهناك دائماً الشخص الذي سينقذها في النهاية.
وذات الشيء للأبناء الذكور، على الأهل أن يقدموا لهم إجابات كل تلك التساؤلات، إضافة إلى أنه وبمجتمع شرقي ذكوري، يعطي الذكر الأحقيّة بفعل كل شيء فلابد أن تتم إضافة تغيير آخر في طريقة تربيتهم، حيث عليهم أن يتحمّلوا مسؤولية اختياراتهم، فإن لم تكن تستطيع الوفاء بكل ما يتطلّبه منك هذا الحب، فلا داعي لأن تعلِّق قلب فتاة بك.
الحب الصالح الصادق يصدر من تربية واعية لأهمية هذا الحب، لوجود هذا الحب في زمن أصبح الوصول لكل شيء سهل – لكن الحفاظ عليه أصعب – لكيفية التصرُّف عند الشعور بالحب، للحفاظ على هذا الحب ولرُقيِّه، فالحب ليس الجلوس في المطاعم، أو الحديث لساعات الليل المتأخرة على الهاتف، أو الجلوس تحت أشجار الحديقة بالتخفِّي، فالحب الذي يولد بالتخفِّي ينتهي بالتخفِّي، والحب الذي يولد بالنور، يكبر بطريقة سليمة، فإنه يلقي ثماراً طيبة صالحة.
إلا أنه قد لا يمر البعض بهذه التجربة، وذلك ليس لأنه خالٍ من المشاعر والقلب، بل قد تختلف قناعاته، أو أنه أغلق قلبه بقفل لا يُفتَح إلا عند الزواج، فاختلفت مفاهيمه الشخصية وتصرفاته.
"الحب" هو تلك المشاعر المتأجِّجة المتوقِّدة داخل القلب والفؤاد، تلك المشاعر التي تبنى على مواقف ورأي بالآخر، أو حتى على راحة نفسيّة وأمان يشعر به كل منهما عند ملاقاته للآخر.
الحب.. الحب.. ثم الحب.. فلا أجمل من شعورٍ بالحب، لا أجمل من الحفاظ على الحب، ولا أجمل من رؤية ثماره طيبة نقية.
ملحوظة:
التدوينات المنشورة في مدونات هافينغتون بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.