هل خسرت السعودية المعركة السياسية أمام إيران في لبنان بعد تحالف جعجع وعون؟

عربي بوست
تم النشر: 2016/01/19 الساعة 07:47 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2016/01/19 الساعة 07:47 بتوقيت غرينتش

اقتربت إيران خطوة من إحكام السيطرة على ساحة السياسة اللبنانية بعدما أعلن المرشح الرئاسي سمير جعجع (المدعوم سعودياً) عن تقديم دعمه للمرشح ميشيل عون.

باتت لبنان على وشك انتخاب ميشيل عون الذي يحظى بمباركة حزب الله حليف إيران في لبنان، وذلك في وقت تستعد فيه إيران للانفتاح على المنطقة والعالم وخروجها من عزلتها بعد الاتفاق النووي الذي عقدته طهران مع قادة الغرب بحسب تقرير نشرته "الغارديان" البريطانية.

دعم ترشيح ميشيل عون؛ الجنرال السابق في الجيش اللبناني والعدو السابق الذي انقلب ولياً حميماً للنظام السوري، جاء بعد عامين من الفراغ في كرسي الرئاسة اللبناني، ما شل قرارات الساحة السياسية في بيروت، لكن عامل الإثارة في الموضوع كان أن المؤازرة جاءت من منافسه اللدود سمير جعجع، رئيس حزب القوات اللبنانية المعروف بقربه من السعودية.

توطيد النفوذ الإيراني

خطوة جعجع الأخيرة هذه والتي أدهشت الكل بانحيازه الآن إلى منافسه العتيد عون، من شأنها تمتين وتوطيد النفوذ الإيراني في لبنان.

فلبنان الذي لم تعرف ساحته السياسية الراحة والاستقرار يوماً على مدى تاريخه القصير، أصبحت ساحة للكر والفر بين طهران والرياض اللتين تحرصان على دعم حلفائهما في الساحة اللبنانية.

وقال جعجع في مؤتمر صحافي "أعلن الجنرال ميشيل عون مرشحاً لرئاسة الجمهورية وأدعو حلفاءنا لتبني ترشحه."

ويحتاج عون إلى دعم أغلبية برلمانية لتوافق على ترشحه، وهو أمرٌ قد يصبح سهل المنال إن اتفقت الكتلتان المسيحية والشيعية على تأييده مع انضمام أعضاء برلمانيين آخرين من ممثلي الطوائف الأصغر.

حلفاء السعودية

أما كتلة "14 آذار" حليفة السعودية وممثلة الأغلبية السنية بالبلاد، فأعرضت تماماً عن الاتفاق حتى ليلة الاثنين حين أعلن الرجلان توحيد كلمتهما، وقد يواجه جعجع صعوبات في إقناع 14 آذار بالانضمام إلى صف عون كما فعل هو.

ولطالما كان عون أكبر مؤيدي الدور الإيراني في المنطقة، وبلا شك فإن انتخابه رئيساً سيعمق من نفوذ طهران في هذه الحقبة التي تشهد كثيراً من الشد والمد بين طهران والرياض على من يتربع عرش القوة في الشرق الأوسط، حيث قطعت الرياض أخيراً علاقاتها الدبلوماسية تماماً بطهران.

احتقان بين طهران والرياض

وكان اعتداء شعبي إيراني على السفارة السعودية بطهران أجج الاحتقان بين الدولتين وصب الزيت على ناره، وجاء ذلك بعد إعدام السعودية لرجل الدين الشيعي نمر النمر، لكن يخطئ من يظن أن توتر العلاقات بدأ من هناك، بل يوجد احتقان مزمن بين البلدين تفاقم منذ اندلاع الحربين السورية واليمنية اللتين لا تخلو كلتاهما من أبعاد طائفية.

وكان النفوذ السعودي متغلغلاً في الساحة اللبنانية أيام رئيس وزراءها السابق والمنفي سعد الحريري والذي قدم العام الماضي تنازلاً بترشيح سليمان فرنجية –الاسم المقرب من النظام السوري- في محاولة لكسر الشلل السياسي في البلاد الذي عطل الخدمات الأساسية وأحدث بلبلة في الساحة.

الرياح لم تأت كما تشتهي سفن الحريري

خطوته نجحت لكن الرياح لم تأت كما تشتهي سفن الحريري، إذ أن جعجع وعون بالرغم من قِدَمِ العداوة بينهما مذ كانا جنرالين حربيين في معسكرات مسيحية متنافسة خلال حرب لبنان الأهلية (1975-1990)، لكن اسماً واحداً يكرهانه أكثر من كرههما لبعضهما: سليمان فرنجية.

إن نجح عون في سباق الرئاسة مثلما تتنبأ التوقعات فسيلحق ذلك كبير الضرر على كتلة 14 آذار ومكانتها في البلاد، كما قد يشكل ذلك ضربة أخرى للسنة في المنطقة.

ما يخشاه المسؤولون السعوديون الآن أن تستغل إيران الانفراج الذي رفع العقوبات الدولية عنها بعد اتفاقها النووي لتمكين وكلائها في الشرق الأوسط، ومنهم حزب الله الذي لطالما حظي بدعم طهران المباشر منذ تأسيسه قبل أكثر من 3 عقود.

ولا يقف القلق السعودي عند هذا الحد، بل يمتد إلى بغداد ودمشق. فالميليشيات الشيعية التي تدعمها إيران طغت قوتها ونفوذها على الجيش العراقي نفسه، بينما تدخلت إيران بقوة لإنقاذ حليفها بشار الأسد في حربه في سوريا.

اليمن ولبنان

أما في اليمن، فقد أعلنت السعودية عاصفة حزم بعدما اتهمت إيرانَ بدعم الحوثيين الذين أطاحوا بالحكومة اليمنية المقربة من الرياض.

لطالما تعطلت ساحة لبنان بسبب انقسام نخبه السياسية كلٌ يمم وجهه شطر قبلة ولاءه الخارجية. فشل البرلمان أكثر من 30 مرة في انتخاب رئيس ماروني كما ينص القانون بل وفشلت جلساته حتى بالتوصل إلى نصاب قانوني.

لكن الفشل السياسي وصل حد المهزلة الصيف الماضي حين فشلت الحكومة في التوصل إلى اتفاق حول مكبات النفايات ما أدى إلى تراكم القمامة في شوارع بيروت وفجر مظاهرات واحتجاجات عارمة وسط سخط اللبنانيين على استفحال الفساد السياسي في بلدهم.

تحميل المزيد