أتحسر للفتيات القرويات اللواتي يحرمن من الدراسة و التعليم بسبب منع آباءهن لهن لسبب من الأسباب أو لصعوبة التنقل إلى المدارس أو لعدم وجود مدارس أصلا في تلك المناطق .
لكنني أتحسر أكثر لفتاة المدينة التي تمتنع عن التعليم أو تنقطع عن الدراسة امتثالا لرغبة والديها أو زوجها.
"تعليم الفتاة صمام أمان للأجيال القادمة … تعليم الفتاة واجب ديني و وطني و إذا علمت رجلا فإنك علمت فردا و إذا علمت امرأة فإنك علمت مجتمعا بأكمله "
هذه الشعارات مجرد كلمات جميلة تظل حبرا على ورق، و لم تُجسد فعليا على أرض الواقع لعدة أسباب و ظروف، لكن عندما يكون السبب غير منطقي .. هنا تصطف علامات التعجب و الاستفهام.
فحينما يقرر رجل أن تنقطع أخته أو زوجته أو ابنته عن الدراسة، و بعد مدة يطالب بطبيبة امرأة لزوجته مثلا و يرفض رفضا قاطعا أن يكشف عليها دكتور رجل .. هنا سأخط علامة تعجب !
كيف ترغب بطبيبة امرأة و أنت تمنع أختك و ابنتك و زوجتك بمتابعة دراستهن ؟
كيف تطالب بمهن تختص بها النساء و أنت تمنع أقرب النساء إليك بولوج صفوف المدرجات ؟
أو ليس هذا عين التناقض ؟
إن كان الشرع يحرم مسألة كشف الطبيب عن المرأة .. فهل الشرع يحلل منع المرأة من التعليم ؟
فهذا الأخير واجب و ليس مقتصر على الرجل فأم المؤمنين عائشة رضي الله عنها و أرضاها كانت فقيهة عالمة بل إنها أفقه نساء الأمة على الإطلاق .
لذا أيتها الفتاة المسلمة، يجب أن تعلمي أن العلم حلم يرفعك نحو الأعلى و نيشان تفتخرين به مدى الحياة .. و الحياة بدون علم لا معنى لها و لا ذوق.
دعي عنك تلك الأفكار البالية التي تعششت في ثنايا خاطرك و التي ليس لها أي مرجع ..
المرأة المسلمة هي أولى بلقب الواعية المثقفة ، لأن الدين الذي تحملين اسمه هو دين العلم و الوعي .. هو دين كلمة "اقرأ" أول ما نزل من الذكر الحكيم ، فبالعلم تزدهر الأمم و تتقدم و ترقى النفس البشرية.
فعندما يكون الإنسان جاهلا فهو عدو نفسه نظرا لما انطوى عليه من تخلف و رجعية جعلاه في القعر، عند الذيل، و أبعداه عن المقدمة و الرأس.
فالأمم التي لا يعشق أبناءها العلم، علاماتها بادية عليها ظاهرة جلية واضحة وضوح الشمس في النهار، فالرجعية سمتها و التخلف فراشها و غطاءها و التبعية الطريق الذي انتهجته طوعا في بعض الأحيان و كرها في أكثر الأحيان.
"المرأة عماد المجتمع" .. فكيف سيكون حال مجتمع المرأة فيه غير متعلمة غير واعية تعيش في ظلال الجهل ؟ إن تقدم المجتمع يتجلى في تقدم المرأة و رقيها.
العلم ..العلم يا فتيات أمة اقرأ ! دعكِ من هوس الزواج ! فلن تكوني زوجة و لا أما مثالية بدون أن تقرأي حرفا و تتسلحي به.
عزيزتي .. لا شعرك المتساقط الذي تحملين همه و لا وزنك الذي تحلمين بزيادته أو بنقصانه و لا أمر الزواج الذي بات موضوع ساعتك سيغيرون من مصيرك البائس و سيجعلون مستقبلك ورديا.
ما لم تجعلي من العلم سلاحك و الكتاب صديقك.
ما لم يكن لديك طموح و حلم بترك أثر على هذه الأرض.
ما لم يكن الكتاب مكياجك الذي تتجملين به عوض أحمر الشفاه.
.. و ما لم تكن المعرفة شغفك و المكتبات صالونات التجميل خاصتك .. فأعيدي النظر صديقتي .
علمك و ثقافتك و عقلك هم الذين سيبنون لك ذاك المستقبل الوردي الذي تحلمين به، و ليس رجل يطلب من أمه أن تبحث له عن عروس في الأسواق و في المساجد و في الصالونات !
ملحوظة:
التدوينات المنشورة في مدونات هافينغتون بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.