أسوأ ما في المشهد الحالي هو حديث البعض عن استحقاق الشعب المصري لهذا البرلمان، فهو من انتخبه … شعبنا لا يستحق هذه البذاءة أبدا!
لا شيء في هذه الحياة أسهل من سبّ الشعوب، وخاصة الشعب المصري!
يقول صديقي الثوري : الشعب الذي ينتخب توفيق عكاشة يستحق أن يحدث فيه أي شيء.
في الانتخابات الحقيقية الوحيدة في تاريخ مصر عام 2011، حصل ذلك الشخص على أقل من ثلاثمائة صوت، وكانت نسبة التصويت في ذلك الوقت تاريخية، فقد تجاوزت 65% من عدد المسجلين في الكشوف الانتخابية.
المصريون لم ينتخبوا هؤلاء الطراطير، وقس على ذلك سائر البلطجية والقتلة واللصوص والمخبرين الذين انضموا لهذا التجمع الآثم، الذي يجتمع بقوة السلاح في مبنى من المفترض أن يجمع من يمثل الأمة المصرية، بل لقنوا هؤلاء النواب درسا في الوطنية نادرا، وقاطعوا هذه الانتخابات في سابقة تاريخية لا مثيل لها، وظل الإعلاميون ينبحون على الشاشات ترغيبا وترهيبا بلا فائدة.
هؤلاء لا يمثلون إلا الثورة المضادة التي تتحكم في كل شيء في مصر، اللهم إلا في عزائم الثوار الصامدين في الشوارع.
أما مجرد المقارنة بين هذا البرلمان وبرلمان الثورة الذي بدأت انتخاباته في 2011، ثم حلته المحكمة الدستورية في 2012 فهي صفاقة لايحسد أصحابها عليها، ولكن لا تثريب على كل صفيق في هذه الأيام.
لقد كان برلمان 2012 برلمانا بحق، صحيح أنه لم يكن مثاليا، ولكنه لم يكن تشكيلا عصابيا مثل هذا المسخ الذي نراه اليوم، ذلك المسخ الذي سنعير به في كتب التاريخ إلى أن نمسحه بعمل جليل يليق بهذا الشعب العظيم.
إياك أن تعتقد أن أحدا من هؤلاء له علاقة بالثورة أو بالاحترام!
كل من يقبل أن يكون ضمن هؤلاء الحثالة فَقَدَ ثوريته واحترامه إلى الأبد!
الغريب في الأمر أن بعض الثوريين المزعومين أقام الدنيا وأقعدها ضد الإسلاميين الذين قبلوا المشاركة في انتخابات 2010، وضد الذين قرروا المشاركة في برلمان 2013 (البرلمان الذي لم يكتمل بسبب الانقلاب).
تجد هؤلاء ما زالوا حتى اليوم يعيرون كل من شارك أو نوى المشاركة في هذه الانتخابات أو تلك، ولكنه لا يستحي أن يدخل هذا البرلمان الذي صنعته الأجهزة الأمنية بالتعاون مع أصحاب المال الحرام، بإشراف البلطجية والمجرمين.
أقر البرلمان جميع قوانين السيسي، وسيقر تعديلات دستورية حسبما تقرر الأجهزة الأمنية، وكل ذلك ليس بمستغرب، ولا مستهجن، فهؤلاء قد اختارهم ضباط المخابرات في عهد هو الأسوأ في تاريخنا كله عبر آلاف السنين.
شخصية تافهة، معروفة بأنها صنيعة أمنية، تحدثت عن دور المخابرات في تشكيل البرلمان والقوائم الانتخابية، والحقيقة أن كل ما قيل في هذه الشهادة تحصيل حاصل، ومن يعتبر أن هذه الشهادة كشفت حقيقة الواقع ليس أكثر من مغفل، لأننا جميعا نعلم أن كل شيء اليوم يدار في بلدنا عن طريق أجهزة الأمن، بهدف منع هذا الشعب من الحصول على حقوقه لكي يستمر حكام مصر في سرقة خيراتها.
مشكلة البرلمان ليست في مخالفته الصريحة للدستور بإلغاء (علنية الجلسات)، بل مشكلته أنه (تشكيل عصابي)، لا هدف له سوى تثبيت الأوضاع الحالية في دولة الأسياد والعبيد.
كل ما تراه الآن ليس أكثر من مسرحية سخيفة، والشعب يعلم ذلك جيدا، وكل من يحاول أن يتعامل بجدية مع المشهد فهو مغفل أو ممثل له دور في المسرحية.
لقد رسمت القوانين التي أصدرها "سيسي" وسلفه عدلي منصور شكل الدولة المصرية لعشرات السنوات القادمة، وبتوقيعهما على مئات القوانين والاتفاقيات الدولية تغيرت مصر، خريطة مصر نفسها تغيرت، وفقدنا مساحات شاسعة من مياهنا الإقليمية لصالح إسرائيل واليونان وقبرص، لكي نحرم مما فيها من آبار الغاز، ثم نستورد هذا الغاز مرة أخرى بأغلى الأسعار من ألد أعدائنا، نحن أمام نظام يدفع الجزية جهارا نهارا لإسرائيل، ثم يتهم خصومه بالعمالة.
سيكون دور البرلمان في ذلك هو الموافقة على هذه الخيانات كلها، وسيوافق على التوقيع الأرعن الذي وقعه السيد "سيسي" على اتفاق المبادئ المتعلق بسد النهضة، ذلك الاتفاق الذي سيضع مصر تحت رحمة القوى الدولية التي حاصرت مصر في ثرواتها وإرادتها واستقلالها الوطني.
هدف الدولة المصرية الآن هو إذلال الشعب، وإجهاض الثورة، ولا دور لهذا المسخ المسمى زورا برلمانا سوى أن يسهل هذه المهمة.
إنه برلمان الثورة المضادة بامتياز!
برلمان ليس مدينا لأي أحد، لأن أحدا لم ينتخب أي عضو فيه، إنهم مدينون لأجهزة المخابرات ولرجال الأعمال والبلطجية فقط.
لذلك ليس بمستغرب أن ترى نائبة عن ذوي الإعاقة (على قائمة المخابرات) تحرض الدولة ضد ذوي الإعاقة!
تقول فايزة محمود نائبة ذوي الإعاقة عن قائمة في حب مصر بالقليوبية، وعضو لجنة الدفاع والأمن القومي داخل مجلس النواب : "إن تظاهرات المعاقين في مصر تمثل تهديدا للأمن القومي بطريقة مباشرة، مشيرة إلى أنهم يستخدمون كدروع بشرية في العمليات الإرهابية.
ولفتت نائبة ذوي الإعاقة إلى أن احتجاجاتهم لازالت مستمرة حتى بعد انعقاد البرلمان، دون معرفة هدف محدد لهذه الاحتجاجات، مؤكدة أن هناك من يُسخن هؤلاء المواطنين لزعزعة الأمن الوطني المصري"!
وقس على ذلك جميع النواب، فلا علاقة لهؤلاء بالناس، ولن يمانع أي نائب في أن يكون مخلب قط للبطش بأهالي دائرته، فهو لا يعرفهم، وهم لم ينتخبوه، والسادة النواب يعلمون الخطوط الحمراء، ولا يملكون من أمرهم شيئا، ومن كان فيهم محترما في يوم من الأيام تأكد أنه فقد احترامه منذ زمن بعيد.
إن هذا المسخ لا يمثل إلا التشكيل العصابي الذي يحكم مصر ويتحكم في مقدراتها بقوة السلاح، ولا بد أن يعلم الجميع أن الأمة المصرية ليست مسؤولة عن أي قرارات أو قوانين أو اتفاقات يعقدها هذا الكيان.
ستزول الغمة قريبا، وسيحاسب كل من أجرم في حق الأمة المصرية العظيمة، وسنبدأ بتأسيس دولة يناير، دولة العدل والقانون … قريبا بإذن الله تعالى
هذا المقال نشر من قبل هنا
ملحوظة:
التدوينات المنشورة في مدونات هافينغتون بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.