السبت 26 ديسمبر كانون الأول
أنا أكاد أقول يقينا إن الشعب المصري من أكثر الشعوب وطنية، وإن علاقة المصري بتراب الوطن هي ارتباط وجداني وحضاري وثقافي لا يمكن لكل مستجدات العصر أن تغير منه أو تنتزعه من الصدور، مصر بموقعها وجغرافيتها أراد الله لها قدراً، مصر قلب العالم القديم، مهد أقدم حضارة عرفتها البشرية، في وقت كان العالم يعيش في الكهوف ينام على الأرض ويلتحف السماء، كانت مصر تعزف الموسيقي وتقدم للعالم فنون الكتابة والكيمياء والطب والتحنيط، تقيم المدارس والمعابد وتسبح للإله الواحد، ربما هي "عبقرية المكان" كما أسماها جمال حمدان في رائعته، وربما هي حتمية القدر، الذي أراد لهذا المكان أن يكون له دور إنساني وعالمي..
الأحد 27 ديسمبر كانون الأول
كان الشباب في مصر على مر العصور ملهمين لكل أشكال العمل الوطني في مصر، لماذا لا نتذكر أن مصطفى كامل توفي في الرابعة والثلاثين من عمره، شابًّا توفي.. لكنه كان شعلة نشاط، أصدر جرائد وألَّف الكتب، وناضل الاستعمار، هو صاحب الكلمات الخالدة التي كانت ولا تزال نبراساً لكل صادق، هو من قال "إن مصر للمصريين أجمع.. وعلى حامل اللواء أن يجدّ ويجتهد حتى ينصهر داخل العمل الوطني، فلا تستطيع أن تقول إلا أنه جزء من الشعلة".. هكذا كان، وعلى هذا غادرنا!
الاثنين 28 ديسمبر/ كانون الأول
بحبها وهي مالكة الأرض شرق وغرب
وبحبها وهي مرمية جريحة حرب
بحبها بعنف وبرقة وعلى استحياء
وأكرهها وألعن أبوها بعشق زي الداء
-صلاح جاهين
الثلاثاء 29 ديسمبر كانون الأول
ننسى دائما تضحيات رواد تحولوا في أذهاننا إلى معالم مفقودة، ونحتاج من حين إلى آخر أن نتذكرها، أنا أندهش من كُتَّاب السير الذاتية في الدراما المصرية، متى سيتكلمون عن الفترة الذهبية لمناهضي الاستعمار، أحمد عرابي وعبد الله النديم ومحمود سامي البارودي وغيرهم، هؤلاء الذين نفاهم الاحتلال إلى جزر سيريلانكا ولم يعد عرابي إلى مصر إلا بعد 20 عاما لشدة مرضه، ومحمود سامي البارودي هو الآخر لم يعد إلا بعد 18 عاما بعد إصابته بالعمى، ننسى.. أو نتناسى لكن التاريخ لن ينساهم، ومصر لن تنساهم!
الأربعاء 30 ديسمبر كانون الأول
أعتقد أن سبباً جوهريًّا للاحتفاء بقدوم عام جديد.. هو الأمل.
الأمل في إشراقات تنير حياة البائس، الأمل في الطمأنينة لكل قلب ملهوف، أو جريح، الأمل في زوال كل حزن!
الخميس 31 ديسمبر كانون الأول
نظرتْ إليّ في انتهاء حوارنا، تتأمل في غضب فنجان القهوة.. ثم أردفتْ بالقول بعد برهة صمت..
"بس هي تستاهل أحسن من كده!".
الجمعة 1 يناير كانون الثاني
لا تفقد إيمانك، كل ما عليك ألا تفقد إيمانك.. أعلم أنك لا تستسيغ كلامي، لكنه يا بني حق وصدق، أعلم أنك تراودك مشاعر متضاربة من الغضب والحنق والألم.. لا مانع عندي.. فقط كل ما أرجوه ألا تفقد إيمانك، أنت كما أطلق عليك الأديب الكبير نجيب محفوظ "ابن الحضارتين" تجري في عروقك دماء فراعنة علموا العالم معنى الحضارة، وأنت ابن الحضارة الإسلامية التي علمت العالم الكيمياء والطب التي ترجمت أصول الفكر لأرسطو وأفلاطون وحافظت عليها من الإبادة ويسرت للإنسانية العلوم والصناعات.. فلا تفقد إيمانك!
ملحوظة:
التدوينات المنشورة في مدونات هافينغتون بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.