لم تعد مخيمات الإيواء المخصصة للنازحين في العاصمة العراقية بغداد مهيأة لعيش المئات ممن لجأوا إليها، بسبب عدم إكمال مقاولات تطوير الخيام، لجعلها أكثر تحملاً للظروف الجوية التي دمرت أغلبها قبل عدة أسابيع.
واضطر كثير من الأسر التي تعيش في المخيمات إلى تركها، بعد أن غرقت خيامها في مياه الأمطار التي اجتاحت التجمعات بالكامل، وحولتها إلى بحيرات طينية.
اللجوء للمساجد
أكثر من 250 أسرة تركت "مخيم المنصور"، الواقع في منطقة الغزالية، غربي العاصمة بغداد، وانتقلت إلى المساجد المجاورة وبعض المباني المتروكة.
يقول أبوعبدالعزيز، أحد القاطنين في المخيم، إن "الأمطار التي هطلت على العاصمة بغداد الشهر الماضي أغرقت المخيم بالكامل، فأخرجنا القائمون عليه إلى مسجد أم القرى المجاور".
ويضيف أبوعبدالعزيز لـ"الأناضول" أن "جميع الأسر التي خرجت من المخيم تنتظر إكمال العمل على صيانة الخيام، للعودة إليها، لكن يبدو أن الأمر سيأخذ وقتاً أطول".
ويتطلع أبوعبدالعزيز، وهو رب أسرة مكونة من 4 أفراد، إلى العودة قريباً لمدينة الرمادي التي نزح منها قبل 7 أشهر، بعد أن تم تحريرها بالكامل من سيطرة تنظيم داعش الأسبوع الماضي.
ويرى علاء سعيد، الشاب ذو الثلاثين عاماً، أن العودة إلى مدينته هي الحل الوحيد أمامه وأسرته، لكون البقاء في مخيم للنازحين أو في غرفة بمسجد لفترة أطول سيزيد من معاناتهم.
"الحل هو العودة لمنازلنا"
ويقول سعيد إن "تحرير مدينة الرمادي أعاد لنا الأمل بالعودة قريباً إلى منزلنا في حي الضباط".
ويضيف أن "الأشهر القليلة التي أمضيناها هنا أدت إلى مرض والدتي وترك أختي الصغيرة الدراسة، فضلاً عن خسارتي عملي، والأكيد أن منزلنا بات مدمراً بفعل العمليات التي شهدتها المدينة، ولذلك فإن العودة سريعاً هي الحل لكون بقاءنا هنا سيزيد من فداحة ما نمر به".
إلا أن بعض الأسر قررت العودة إلى داخل المخيم، والقبول بخيمة متهالكة على أمل أن يتغير الحال قريباً.
ويقول أبوهاجر (نازح من مدينة الفلوجة ويسكن في المخيم)، إن "المبيت في هيكل متروك أو داخل مسجد برفقة عشرات الأسر ليس بالأمر الهين على أسرة لها 3 بنات في عمر المراهقة كأسرتي".
ويضيف أن "قرار العودة الى المخيم رغم عدم مقدرة الخيام التي نسكن فيها على مواجهة الظروف الجوية الصعبة، أفضل بكثير".
وداخل المخيم تبدو بعض الخيام، وقد تم صيانتها بالفعل ورفعها عن الأرض مسافة نصف متر تقريباً واستبدال التالفة منها بأخرى جديدة، غير أن النسبة الأكبر من الخيام لا تزال مدمرة بالكامل، بينما تعرضت المواد الغذائية إلى التلف، والمياه الصالحة للشرب للتلوث، ولم يعد هنالك العدد الكافي من الأغطية التي تقي النازحين برد الشتاء.
شهران على انتهاء المهلة
ويقول رعد المحمدي، أحد المشرفين على المخيم، إن "محافظة الأنبار تبنت مقاولة لرفع الخيام عن الأرض بسقف زمني قدره 20 يوماً، غير أن شهرين مضيا على انتهاء المهلة ولم تكتمل المقاولة بعد".
ويضيف أن "السبب يتمثل في عدم مقدرة المقاول المسؤول على إكمال عمله، مع إنجازه 80% منها، دون أن يستلم أية سلفة من المحافظة".
ويوضح المحمدي أن "جميع المبالغ التي صُرفت هي من حساب المقاول الخاص، لكنه لم يعد يملك ما يكفيه لإكمالها، في حين أن من المفترض تسليمه سلفة أولى عند بدء العمل، على أن تستكمل بقية المبالغ تدريجياً لحين انتهاء مدة المقاولة".
ويتابع أن "اتفاقية التطوير تشمل تجهيز 260 خيمة جديدة، عن طريق وزارة الهجرة والمهجرين التي نفذت 100 خيمة، وظلت تماطل في تجهيز بقية العدد الذي لم يكتمل بعد".
وينحدر أغلب النازحين في المخيم، من مدن محافظة الأنبار التي سيطر عليها تنظيم داعش منذ يونيو/حزيران 2014، ومنهم من مدينة الرمادي التي حررتها القوات الأمنية العراقية بعد أن كان التنظيم مسيطراً عليها منذ مايو/أيار من العام الماضي.
ونجحت القوات العراقية ومقاتلون مدنيون في تحرير مدينة الرمادي الأسبوع الماضي، وطرد مقاتلي "داعش" خارجها.
وقال عضو مجلس قضاء الرمادي، إبراهيم العوسج، خلال تصريحات له، الأربعاء الماضي، لوسائل إعلام محلية إن "التقديرات الأولية تشير إلى تدمير أكثر من 3000 وحدة سكنية بشكل كامل، كما تعرضت آلاف الوحدات السكنية لأضرار متفاوتة".