جاءت السنة الجديدة إذن! أضواء في كل مكان، هدايا من البعيد والقريب وابتسامة على وجه الحزين والسعيد! السعيد يبتسم لمجيء سنة جديدة سعيدة والحزين يبتسم لخيبته التي قد تعلن الرحيل مع هذه السنة. في ديسمبر/كانون الأول تنتهي الأحلام، لكي نحمل معنا للسنة الجديدة نفس الأحلام متنكرة في غطاء جديد فنتفادى به آلام الخيبات. أحلامنا كبيرة لكنها مختلفة، منا من تحلم بزوج وأطفال، آخر يحلم ببيت وسيارة وأخرى تحلم بشهادات وحياة عملية..
كنتُ أحلم دائماً بشهادة ومهنة راقية، كان هذا حلمي الذي أستفيق كل صباح لتحقيقه، إلى أن صادفت في طريق عودتي إلى الديار المغربية، آنسة في ربيعها الخمسين، امرأة خريفية، باتت التجاعيد تغطي ملامحها ويبدو أن العمر سُرق منها فجأة، موظفة، لديها مدخولها الخاص، تحكي عن رحلاتها إلى فرنسا، أسبانيا، دبي.. ثم عن شغفها بالعطور الباهظة الثمن.. تشتري الذهب والمجوهرات وتخاف الوحدة! أتذكر أنني كلما ابتعدت عنها كانت تهرول للجلوس بجانبي وتطلب مني عدم تركها وحيدة. في عينيها براءة فتاة مراهقة، ابتسامتها شاحبة وتحب الثرثرة كجميع النساء، لكنها ليست سعيدة. تحب الأطفال لكنها ليست أمًّا. في لحظة صمت كنت أفكر في الشيء الذي قد يحزن هذه المرأة المثقفة الموظفة الغنية، فجأة قال لها شاب في مقتبل العمر: عفواً يا خالة!
لحظتها أحسست بالأسى في عينيها، لشبابها الذي سرق منها فجأة، هي ليست أمًّا ولا زوجة، هي آنسة مسنة! وما أصعب وحدة الحياة!
فكيفما كانت نوعية المرأة فهي تحلم بزوج، بيت وأطفال.. ادرسن، سافرن، اكتبن، اشتغلن.. لكن لا تنسين حلمكن الأسمى.. بيت، زوج وأطفال.. حلم لا يقدر بثمن. حلم تناسيته فجاء القدر ليفكرني به. تزوجي لكن لا تكوني طيبة، ساذجة، غبية، لا تقعي في حب رجل سيقيدك بحبه، لا تحبي رجلاً سيلغيك لكي يلمع، لا تفشلي لكي ينجح ولا تصغري لكي يكبر.. فإن طغاة الحب كطغاة الوطن، يقتلون شعبهم على نار هادئة.. كوني كبيرة قوية، متمردة جميلة وتزوجي رجلاً.
سنة سعيدة سيدتي.. ارتفعي حتى لا يطال قامتك أحد، كوني كاملة مكتملة، لا تكوني مجرد أنثى، كوني امرأة تلغي جميع النساء بعدها.
سنة سعيدة سيدي.. لا تحضر هدية لها لكي تشتري حبها، فاليوم أوجد التجار عيداً لتسويق منتوجاتهم كما أوجد العشاق عيداً لتسويق حبهم المغشوش. كن صادقاً.. كن هديتها..
سنة سعيدة وطني.. أريدك وطناً جميلاً منصفاً، يعيش فيه الفقير كما الغني، وطناً لا يقتل المهمشين لكي يعيش الانتهازيون..
سنة سعيدة حكومتي.. استفيقي من نومك، يئسنا من وعودك المختومة بإن شاء الله.. الله يشاء لنا كل خير، فمتى تشاء سيادتكم؟
سنة سعيدة غربتي.. فيك لا أحد قادر على احتضان أوجاعي، فلا أحد يشبهني!
أعلم أن الحب في وطني ثورة فاشلة، لم يكتب لها النجاح إلا أننا نأمل في نجاح هذه الثورة بدءاً بمحاسبة الطغاة.
سنة سعيدة.. لي ولكم..
ملحوظة:
التدوينات المنشورة في مدونات هافينغتون بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.