هو الملجأ الوحيد لكل شخص تعبان.. فرحان.. حزين.. مريض، أحياناً يأتي التفكير عميقاً هل سيكون هناك متسع له أن يتحمل كل ما يُلقى على عاتقه من هموم وأفراح؟
هل يأتي اليوم الذي ينتهي فيه ويصرخ بصوت عالٍ.. كفى فقد تحملت كثيراً منكم..
لا أجد لتلك الأسئلة إجابات واضحة..
ففي كل مشاهد الثميل سواء بالأفلام الوثائقية أو الدراما يظهر دائما.. يكاد لا يخلو منه أي عمل فني أو برنامج، لتصل الدرجة أنه ممكن أخذ مشاهد له عبر الهواتف النقالة..
فإن تصحو مبكرا وقبل أن تفعل شئيا في يومك.. تقرر الذهاب إليه لتجلس لساعات وحدك تنظر إليه.. فليس هناك أسهل من ذلك القرار، فحلمك معك يرافقك طول الليل لتجد نفسك باكرا تقرر أن تكون هناك أمامه، فشعورك لا يوصف في تلك اللحظات تختلط ما بين الفرح والحزن..
فرحك بأنه أول شيء ستراه في يومك ليعطيك الأمل والسعادة في مستقبل أفضل، ويترك لك مساحة من الهدوء للتفكير بعمق..
حزنك بأن وقتك سيذهب سريعا ويمر بلا توقف، لتتذكر أعمال أخرى تنتظرك في خضم الحياة، وتعود لتستأنف حياتك..
كل ما يدور حولك يجبرك باللجوء إليه في السعادة والحزن، خاصة وأنك تعيش في بقعة صغيرة من العالم وهو المَنْفذ الوحيد لك وللتخفيف عن روحك المتعبة..
في يوم قررت أنا وصديقتي أن نذهب باكرا لنزوره ونتناول وجبة الفطور برفقته، وصلنا إليه وكان هادئاً جميلاً، يكتسي اللون الأزرق المريح للنفس، والهواء العليل يلفه من كل جهة، نظرت صديقتي إليه وبدأت تتأمله وتشرح لي مدى ارتباطها به، وما يجمع بينهما.. فلهما لغة خاصة يفهمها وتفهمه، يتبادلان أطراف الحديث بدون كلمات مجرد النظرات تكفى لذلك.
لتعود إلى حياتها بكامل حيويتها ونشاطها، في فترة ليست بالبعيدة ابتعدت عنه لفترة طويلة، ولم يكن لديها الوقت الكافي لملاقاته، فكانت تشتاق له كثيرا وتحاول كثيرا اقتناص الوقت حتى لو كان قصيرا لتذهب إليه وتلاقيه، لكنها فشلت بذلك.
وفى يوم قررت ترك دوامها الوظيفي وتتجه إليه لتجلس تحاوره بالساعات، وتقول جملة واحد "من زمان محتاجة هيك قعدة أتأمل فيك"، مضت ساعات طويلة لها، وعند رحيلها قالت "ماشبعتش من قعدتك لكن لازم أروح اشوف التزاماتي".
لتنتهي رحلتها معه وملامح الحزن تبدو عليها، ولكنها قالت "هارجع ثاني أشوفك ونلتقي في وقت قريب".
فلم يختصر وجود على الفرح والحزن، ولكن يجمع كل العشاق على شاطئه، يعيشون الحلم والواقع برفقته، يشرحون له مدى هيامهم وسعادتهم بلقائهم أمام أمواجه.
حتى في الأجواء الشتوية لا يمكن تفادي المكوث أمامه لساعات طويلة، رغم المطر المتساقط على رؤوسنا، فأجواء مختلفة تنسج وقعاً من خيال، تجعل ما يحلمون به يتحقق أمام أعينهم.
فلحظات الدفء التي يعطيها لرواده من عشاق وأحباب المطر والبحر، مشهد لا يستطيع رسمه أفضل الفنانين لأنه مشهد رباني من خلقه.
فالله سبحانه وتعالى خلق الجمال في عناصر تتجمل وتزداد سحراً، كلما أضيف لها عنصر جديد على التكوين الكوني لمشهد المطر والبحر.
لذا نستطيع أن نسمى شاطئ بحر غزة هو الشاهد على أحزان وأفراح سكانه، لذلك أسميته شط بحر الهوى.
ملحوظة:
التدوينات المنشورة في مدونات هافينغتون بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.