#وجدتُ_حلاً | مع تلامذتي الأعزاء..

اليوم ومع انتقالي للتدريس في مؤسسات للتعليم المساير، حرصت على رفع شعار "لا للاصطدام مع التلميذ وسط الفصل" فكانت النتيجة طيبة ومحمودة، إذ نادرا ما يقع خلاف أو سوء تفاهم بيني وبين تلامذتي "المراهقين" وإذا ما وقع فلا سب ولا شتم بل بحث حثيث مني ومن التلميذ عن الحل ينتهي غالبا بحل مشترك يرضي الطرفين وينأى بنا جميعا عن العنف بشتى أنواعه وأشكاله.

عربي بوست
تم النشر: 2015/12/30 الساعة 03:55 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2015/12/30 الساعة 03:55 بتوقيت غرينتش

قبل خمسة أعوام بالضبط كنت أدرس أزيد من 200 تلميذ في إحدى الثانويات الخصوصية بمدينة تمارة المغربية، معظمهم يتمدرس تحت لواء ما يسمى بالهدر المدرسي -وهو مصطلح متشعب يطلق في المغرب على انقطاع التلميذ عن الدراسة كليةً قبل إتمام مرحلة دراسية معينة- وكان من بين هؤلاء التلاميذ من هو مدمن على حبوب الهلوسة، ومنهم المدمنون على الحشيش، ومنهم المدمنون على أصناف أخرى من المخدرات، ورغم أن العديد من الأساتذة الذين يشتغلون في هذا القطاع بالمغرب يعتبرون تدريس هذه الفئة من التلاميذ عبئا ثقيلا لا يتحمله إلا من أوتي صبر سيدنا أيوب عليه السلام بسبب ما يثيره تلامذة الهدر المدرسي من شغب وعنف موجه للأساتذة واصطدام متكرر معهم يقابله في كثير من الأحيان عنف مضاد، فإنني -ولله الحمدـ وجدتني بعد فتح قنوات الحوار الهادف معهم والتقرب إليهم وحسن الإنصات لهم، محبوباً لديهم وبعيداً عن العنف الموجه منهم للأساتذة، فمنهم من كان يجعلني مستودعاً لأسراره، ومنهم من اتخذ مني مستشاراً له، ومنهم من ينظر لي على أنني مثله الأعلى، ومنهم من يعتبرني صديقا يلجأ إليه عند الشدة..

اليوم ومع انتقالي للتدريس في مؤسسات للتعليم المساير، حرصت على رفع شعار "لا للاصطدام مع التلميذ وسط الفصل" فكانت النتيجة طيبة ومحمودة، إذ نادرا ما يقع خلاف أو سوء تفاهم بيني وبين تلامذتي "المراهقين" وإذا ما وقع فلا سب ولا شتم بل بحث حثيث مني ومن التلميذ عن الحل ينتهي غالبا بحل مشترك يرضي الطرفين وينأى بنا جميعا عن العنف بشتى أنواعه وأشكاله.

نعم لا أصطدم مع تلامذتي لأنني أومن بأن التعليم رسالة راقية ومهنة جليلة يجب أن تؤدَّى بطرق ملؤها المودة والرحمة، ولأنني لا أنظر للتلميذ نظرة ازدراء أبدا بل أعتبر تلامذتي بكل بساطة إخواناً، ولا أعامل المدمن منهم إلا معاملة الأب المشفق على ابنه والطبيب الباحث عن حل لمريضه، وأستبدل السلطة أمام المشاغب منهم بالابتسامة والحوار والهدوء، وأربط الدرس بالواقع وبواقعهم هم،.. فلا أجد منهم إلا محبة واحتراما وتقديرا بعد كل تواصل فعال وبناء بيني وبينهم..
………….

· محمد ملوك
· كاتب ومدون مغربي
· أستاذ مادة التربية الإسلامية بالتعليم الثانوي

تحميل المزيد