"لا تذكروا مساوئ ماضيكم".. "جيلنا جيل ذهبي أما أنتم فجيلكم فاشل".. عبارات لطالما ترددت على مسامعنا خلال السنوات الـ10 الأخيرة، سواء من طرف آبائنا أو من طرف الجيران والمدرسين وغيرهم ممن تجاوز 30 من عمره، اعتبرونا نقمة وعالة على المجتمع.. أحبطونا وحطموا معنوياتنا بكلامهم، جعلونا أشبه بورق الأنسوخ يسعون لنسخ ذواتهم عليه.. وأرغمونا على تحقيق ما لم يتمكنوا من تحقيقه في زمانهم.. حتى لو كانت هذه الأمنيات والرغبات مخالفة لأحلامنا وطموحاتنا.. كبلوا أيدينا وأرجلنا بسلاسل وأغلال الماضي فما عدنا نقوى على السير للأمام خطوة واحدة.. أو بالأحرى ربع خطوة.. وعندما اشتد ثقله.. انهار فوقنا وسحقت عقولنا تحت أنقاضه..
ما أسعى لفهمه من كل هذا.. ما ذنبنا إذا ولدنا في عصر التكنولوجيا والمعلومات "عصر السرعة".. البعض أسمانا كفاراً .. والبعض الآخر صنفنا في خانة الزندقة والهرطقة.
صحيح أنه البعض استعمل هذه الأدوات فيما لا ينفع.. لكن هذا لا يعطيهم حق التعميم
إن سبب أغلب المشاكل التي تعاني منها المجتمعات العربية بمختلف أطيافها.. الإفراط في التمسك بالماضي وأحداثه.. من الجيد أن تحافظ على تراثك وهويتك الإسلامية العربية.. لكن الخطأ هو أن تضع في ذهنك فكرة أن الماضي هو الذي سيمكنني من عيش حاضري.. وأن ابني مستقبلي.. وأن تجعله كالتابوت تضع نفسك داخله.. وتحكم إغلاقه وتعيش في ظلمته طوال عمرك.. دون أن تطلع على ما يحدث من حولك.. وتصبح ممن أسماهم نيتشه يعيشون العود الأبدي.. معناه يعيشون على أمل إعادة الزمن للوراء..
الماضي ولَّى ولن يعود.. أمتنا تحتاج منا الآن خصوصا أن نولي وجوهنا شطر المستقبل.. أن نخترع.. أن نبتكر لنعيدها إلى أبهتها وازدهارها.. فالخطأ إذن في التكنولوجيا الحديثة.. بل في الطريقة التي لقنا بها المعارف والمعلومات.. أكثروا المدارس والمعاهد من حولنا.. وبقية المعارف حبيسة جدرانها وعقولنا أصبحت أشبه بالمخازن.. يخزنون فيها الأفكار والمعارف.. وفي الوقت ذاته يمنعوننا من استعمالها وتطبيقها على أرض الواقع.
وكلما حاججت أحدهم.. قال لك الدين يقول ويقول.. وأنا أقول له .. الدين الإسلامي هو منهاج للفكر والتفكير.. ومنهاج للتفكر والتدبير والتسيير.. إذن الدين في طبيعته تطبيقي وليس نظري
معناه أنه من كان أسلوب تفكيره مستقيم .. فإن أفكاره وأفعاله ستخرج بالتأكيد بطريقة مرضية لله تعالى
ملحوظة:
التدوينات المنشورة في مدونات هافينغتون بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.