شكل مقتل قائد جيش الإسلام زهران علوش، السلفي المعارض للنظام السوري وتنظيم "الدولة الإسلامية" متنفسا لداعش والنظام السوري لكن من شأنه أن ينعكس سلبا على محادثات السلام المرتقبة 25 ديسمبر/كانون الأول 2015، في جينيف ويعدل من ميزان القوى في ريف دمشق، وفق محللين.
أندرو تايبلر، المحلل في معهد واشنطن لدراسات الشرق الأدنى قال لوكالة فرانس برس، "شغل علوش مكانا ما بين داعش والجيش السوري الحر، وهذا ما كان ضروريا كونه يحد من توسع تنظيم الدولة الإسلامية على المدى القصير، ويتيح توحد القوى الأخرى في مواجهة النظام على المدى الطويل".
وحد علوش تحت إمرته عشرات المجموعات المسلحة تحت راية "جيش الإسلام" ليصبح الفصيل الأبرز في الغوطة الشرقية لدمشق، وحارب قوات النظام السوري وتنظيم الدولة الإسلامية في آن، وقتلته الجمعة 25 ديسمبر/كانون الأول، غارة للطائرات الحربية السورية استهدفت اجتماعا كان يحضره.
عرف علوش بأفكاره الداعمة لإقامة دولة إسلامية وطالما عبر عن كرهه للشيعة والعلويين، إلا أنه حاول مؤخرا تقديم تنظيمه كقوة معتدلة حتى أنه وافق على المشاركة في مفاوضات مع النظام السوري.
عرقلة جهود السلام
يرى آرون لوند، محرر صفحة "سوريا في أزمة" على موقع مركز كارنيغي للأبحاث، أن علوش "حاول أن يظهر نفسه كوسطي، معارض للإرهاب هذا النوع من الشخصيات التي تريد أن تراها في حكومة وحدة"، وذلك في مقال نشره موقع إلكتروني مختص بالشؤون السورية.
ويعد "جيش الاسلام" من أبرز الفصائل المسلحة التي شاركت في محادثات المعارضة في الرياض في 9 ديسمبر/كانون الأول والتي انتهت بتشكيل هيئة عليا للتفاوض مع النظام، الذي يصنف كل الفصائل التي تقاتله بأنها "إرهابية".
مقتل علوش قد يشكل "ضربة قاسية" للمحادثات المرتقبة بين النظام والمعارضة، التي أعلنت الأمم المتحدة السبت أنها ستبدأ في 25 الشهر الحالي.
وأكد مبعوث الأمم المتحدة الخاص إلى سوريا ستيفان دي ميستورا في بيان أنه "يجب عدم السماح للتطورات الميدانية المتواصلة بعرقلة إجراء هذه المحادثات".
إلا أن كريم بيطار الباحث في معهد العلاقات الدولية والاستراتيجية في باريس يرى أن مقتل علوش يعد "ضربة قاسية لمباحثات الرياض، وخصوصا أن السعودية دعمت علوش خلال العامين الماضيين وحاولت تقديمه كبديل بغض النظر عن طائفيته وكراهيته للشيعة والعلويين".
وليس ذلك فقط، فهناك خشية من أن يؤدي مقتل علوش إلى انسحاب فصائل مسلحة أخرى من عملية السلام.
وبالنسبة لتايبلر فإن من شأن مقتله أن "يحبط عزيمة مجموعات إسلامية أخرى عن المشاركة في المفاوضات برعاية الأمم المتحدة".
تحول في ميزان القوى
قاد علوش "جيش الإسلام" بقبضة من حديد حتى أن التنظيم كان يتمحور حوله بشكل خاص، وفي حديث لفرانس برس خلال لقاء المعارضة في الرياض قال عضو المكتب السياسي في التنظيم محمد بيرقدار أن في جيش الإسلام "ثمة رمزية للقائد، تجعل المقاتلين يتبعونه، وهذا أمر غير موجود لدى الكثير من الفصائل".
ويؤكد محلل الشؤون السورية أيمن التميمي أن "من الممكن أن يشكل مقتل علوش ضربة لجيش الإسلام كون التنظيم تمحور بشكل كبير حوله شخصه، وهذا أمر لا ينطبق على فصائل أخرى، مثل حركة أحرار الشام" التي فقدت قادة عدة ولكنها بقيت الأقوى في محافظة إدلب (شمال شرق) إلى جانب جبهة النصرة.
وبعد ساعات على مقتل علوش، عين جيش الإسلام أبو همام البويضاني خلفا له، وهو مقاتل يتحدر من أسرة مقربة من جماعة الإخوان المسلمين.
وبالنسبة لبيطار فإنه "نظرا للطباع السلطوية لعلوش وحكمه القوي، سيحتاج جيش الإسلام إلى الوقت للتعافي من هذه الضربة ولتبرز قيادة جديدة" خلفا له.
وتكمن الخشية في أن يؤدي مقتل علوش وتراجع جيش الإسلام من بعده إلى أن يرى بعض الإسلاميين في تنظيم الدولة الإسلامية بديلا له.
ويقول تايبلر "أعتقد أن جيش الإسلام سيستمر ولكن ضربة عسكرية كهذه قد تدفع بالإسلاميين باتجاه تنظيم الدولة الإسلامية".
وقد يساهم مقتله أيضا في تعزيز فكرة "الأسد في مواجهة داعش"، يخلص بيطار.
بالإضافة إلى ذلك، فإن مجموعات مسلحة أخرى في الغوطة الشرقية، مثل حركة أحرار الشام، قد "تتحرك لتضمن لنفسها موقعا أكثر تأثيرا في المشهد السياسي هناك"، بالنسبة للتميمي.
وتعد الغوطة الشرقية معقل الفصائل المعارضة في محافظة ريف دمشق، وتتعرض باستمرار مع محيطها لقصف مدفعي وجوي مصدره قوات النظام، فيما يستهدف المقاتلون أحياء سكنية في العاصمة بالقذائف.
ونجحت قوات النظام الشهر الحالي في استعادة بلدة مرج السلطان ومطارها العسكري في الغوطة الشرقية، بعد 3 سنوات من سيطرة الفصائل المقاتلة عليها.
وكتب لوند "في حال أسفر مقتل علوش عن عدم استقرار واقتتال داخلي بين الفصائل المقاتلة أو أضعف القيادة في الغوطة الشرقية، قد نشهد تحولا في ميزان القوى في العاصمة السورية خلال الأشهر المقبلة".