في آخر أعوامه كرئيس لأميركا.. أوباما يحاول تجنب وضع “البطة العرجاء”

عربي بوست
تم النشر: 2015/12/27 الساعة 15:58 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2015/12/27 الساعة 15:58 بتوقيت غرينتش

في يونيو/ تموز 2015، وخلال واحدة من أفضل الفترات التي مرّت خلال رئاسته، وقف باراك أوباما في صالة الجناح الغربي بالبيت الأبيض وهتف "هاجم .. ابق مهاجماً!"

كانت تلك صيحة استنفار للبيت الأبيض بدا أثرها خلال الربع الأخير من فترة ولاية أوباما، في ذلك الوقت كانت اتفاقية التجارة عبر المحيط الهادي تمضي قدماً، مثلها مثل إعادة العلاقات الدبلوماسية مع كوبا.

فضلاً عن إجراء الاتفاق النووي التاريخي مع إيران، وتصديق المحكمة العليا الأميركية على قانون الرعاية الصحية المُعلّق منذ فترة بعيدة، وإقرار أحقية مثليي الجنس في الزواج الرسمي بالدولة، حتى في عمق مأساة حادث إطلاق النار في كنيسة تشارلستون جنوبي ولاية كارولينا، لعب أوباما على وتر عاطفي في رثائه للضحايا.

"قلت في بداية هذا العام إن أحداثاً هامة ستقع في الربع الأخير، ونحن فقط قطعنا منتصف الطريق"، هكذا قال أوباما في مؤتمره الصحفي السنوي الختامي لـ 2015.

ولكن السنة السابعة من فترة رئاسة أوباما، شكَّلت تحدياً لسياسة الحذر وضبط النفس التي انتهجها إزاء الأزمات العالمية، خاصة تلك الواقعة في منطقة الشرق الأوسط. فالهجمات التي وقعت بالعاصمة الفرنسية باريس، وتلك التي وقعت بسان بيرناردينو بولاية كاليفورنيا، سلطت الضوء على المخاوف من امتداد الإرهاب إلى الداخل الأميركي، ومحاولات أوباما طمأنة الأميركيين لم تكن ذات جدوى، وكشفت السلسلة اللانهائية من حوادث إطلاق النار في جميع أنحاء البلاد محدوديةَ سلطة أوباما في تطبيق إجراءات التحكم ببيع الأسلحة والتي يتحدث عنها بحماس.

المتبقي لأوباما هو 11 شهراً قبل أن يتم اختيار خليفته في استفتاء يُقيّم قيادته في الداخل والخارج، ويثير أوباما غضباً عميقاً لدى العديد من الجمهوريين الذين يذكِّرون دائماً بفشله في تحقيق الوعود الانتخابية التي أطلقها لعلاج انقسامات واشنطن؛ ولكنه ما زال يتمتع بشعبية في صفوف الديمقراطيين، ويتوقع أن يلعب دوراً هاماً لدعم حملة مرشح حزبه في الانتخابات العامة.

أوباما يمضي عامه الأخير في فترته الرئاسية في السفر للخارج، حيث لديه قائمة من 6 رحلات إلى الخارج من المقرر القيام بها، ومن المُرجح أن تشمل الرحلات دولة كوبا.

كما أن الأجندة التشريعية للبيت الأبيض ضئيلة، وتتركز غالباً حول مجالات ذات أولويات متداخلة مع الجمهوريين، بما في ذلك التمرير النهائي لاتفاق الشراكة الاقتصادية الاستراتيجية عبر المحيط الهادئ، وإصلاح العدالة الجنائية، لكنه أيضاً يتطلع إلى إجراءات تنفيذية استفزازية، تشمل توسيع تحريات دوافع شراء الأسلحة، وإغلاق مركز اعتقال غوانتانامو.

"نحن مدركون أن الوقت المتبقي محدود" هكذا تقول جينيفير بساكي، مسؤولة العلاقات في إدارة أوباما.

في بعض الأحيان، بدت ولاية أوباما الثانية عودةً إلى بداياتها، فقد سعى جاهداً للاستفادة من فوزه الحاسم بفترة رئاسية ثانية عام 2012، بعد تعثر عامين كشف مدى نفوذه وجعله مصدر ثقة سياسية لحزبه.

إلى أن حدث انقلاب غير متوقع، لحقت بحزبه هزيمةٌ في الانتخابات النصفية التي أُجريت عام 2014، وهو ما عكَّر واحدة من السنوات الأكثر إنتاجاً خلال فترة رئاسته حين اتضح أن أوباما حليفٌ سياسي ممتاز لهيلاري كلينتون المُرشحة الرئاسية الأوفر حظاً لدى الديمقراطيين.

ويقول مستشارون إن حكم المحكمة العليا الصادر في مايو/أيار 2015، والذي صادق على قانون الرعاية الصحية الذي اقترحه أوباما، جاء بمثابة إغاثة خاصة للرئيس، فالقانون يقول بأن القرار سيبقى سارياً طوال فترة رئاسته، رغم أن حملات المرشحين الجمهوريين للرئاسة تتعهد بإلغائه.
ويرى أوباما أن الاتفاق النووي الإيراني، واتفاقية التجارة عبر المحيط الهادئ، واتفاقية مواجهة تغير المناخ التي وضعت لمساتها الأخيرة في باريس في وقت سابق من الشهر الجاري كأمثلة على الكيفية التي ينبغي على أميركا أن تمارس بها سلطتها على الساحة العالمية.

وخلفت الاتفاقاتُ جدلاً امتد إلى حملة الانتخابات الرئاسية، وهذا أمر يُعتبر مدعاة فخر للبيت الأبيض الذي يتوق إلى إظهار الرئيس كأكثر السياسيين الفعالين في البلاد حتى وهو على وشك الانتهاء من ولايته والخروج من السلطة.

رغم ذلك، لم يكن أوباما قادراً على النجاة من فخِّ الشرق الأوسط، مهما حاول الارتكاز على آسيا أو إعادة تسويق السياسة الخارجية الأميركية على أنها تدور حول الحلول الدبلوماسية أكثر من القوة العسكرية، فتلك المنطقة المضطربة لا تزال تمثل قوة مهيمنة في الطريقة التي يُنظَر بها إلى سياسة أوباما الخارجية.

ويدعو كل مرشحي الرئاسة بما فيهم هيلاري كلينتون، وزيرة الخارجية السابقة إلى اتخاذ إجراءات أكثر عدائية لمحاربة تنظيم الدولة الإسلامية.

فيما حاول أوباما منع الجيش من التورط بعمق في الصراع، ورغم أنه تراجع عن رفضه السابق لنشر القوات الأميركية على الأرض في سوريا، إلا أنه تمسك باستراتيجيته المبدئية، وهي محاربة الجماعة المتطرفة من الجو.

هجمات باريس وكاليفورنيا المثيرة للقلق قادت إلى القتال ضد تنظيم الدولة الإسلامية، وصارت هاجساً أول لدى العديد من الأميركيين.

مستشارو البيت الأبيض يقولون إن أوباما يدرك جيداً أنه أخطأ في حكمه على مستوى القلق تجاه الإرهاب بين الناس، وأن عليه تغيير نهجه الخطابي لمواجهة الخطاب المحموم الذي يتبناه المرشحون الجمهوريون الذين استغلوا الفراغ الناجم عن استجابة البيت الأبيض الباهتة تجاه ما حدث.

ويقول مُعاونو أوباما أن تحديد بديلٍ عن الجمهوريين في السياسة الخارجية سيكون جزءاً أساسياً من خطابه النهائي أمام الكونجرس، يوم 12 يناير/ كانون الثاني 2016، ذلك الخطاب الذي تقرر أن يتم في وقت سابق لأوانه، لمنح الرئيس مهلة قبل الانتخابات التمهيدية، وقد سافر لقضاء عطلته السنوية بهاواي حاملاً معه مسودة للخطاب.

جوليان زيليزر، المتخصص في علم التاريخ السياسي بجامعة برينستون، يرى أن خطاب أوباما المنمق بإمكانه فقط أن يساعده في طمأنة الجمهور بشأن اهتمامه بالأمن القومي، حيث قال: "إن الطريقة الوحيدة التي يمكن أن يستعيد بها أفضليته هي عبر انتصارات ملموسة بإمكان الناس رؤيتها بوضوح، وعليه أن يسعى إلى تحقيق مكاسب سياسية في هذا المجال".

في ختام 2015، وعد أوباما أنه لن يختفي من الصورة في السنة الأخيرة من ولايته؛ لكنه أيضاً مدركٌ لفرصه التشريعية المحدودة في ظل سيطرة الجمهوريين على الكونغرس، وفي عام إجراء الانتخابات الرئاسية.

بعض الجمهوريين يرحبون بالعمل مع الرئيس في سنته الأخيرة، الجمهوري السناتور كوري غاردنر قال: "أعتقد أنه إذا نظرنا إلى ما حققناه مع الرئيس هذا العام، فإن النتيجة ستكون مُرضية، وهو يشير إلى ما بإمكاننا القيام به في العام المقبل".

وأضاف "لقد عملنا بشكل جيد للغاية في إصلاح التعليم، ومشروع قانون الطرق السريعة وكذلك التشريعات المتعلقة بالإتجار بالبشر، أي كانت هناك بعض الإنجازات الهامة التي تمكنا من تحقيقها هذا العام."

ويدعم هذا الرأي أيضاً النائب من الحزب الجمهوري روجر ويكر، والذي قال إن هناك الكثير من الفرص للعمل مع الرئيس في السنة الأخيرة من فترة ولايته".

ومن المؤكد أنه سيتحدد إرث أوباما حسب نتائج الحملة الانتخابية أكثر مما قد تقود إليه الأجندة التشريعية لعام 2016، لأن العديد من مكاسبه الأبرز كانت نتاج قرارات تنفيذية يمكن لرئيس جمهوري أن يلغيها فور استلامه السلطة، كما يمكن لرئيس ديمقراطي أن يحافظ عليها ومن المحتمل أن يتوسّع فيها.

ويقول مساعدون في البيت الأبيض إن الرئيس حريص بشأن حملة حزبه لدعم المُرشح المُختار عن الحزب الديمقراطي، كما لدعم المرشحين الديمقراطيين في السباقات الانتخابية الأخرى. لقد غضب حين ظلَّ على الهامش في الانتخابات النصفية عام 2014، والتي لقى فيها الديمقراطيون خسارة كبيرة.

ومع ذلك ففي هذه المرة، أوباما لا ينتظر دعوة من المرشح عن الحزب الديمقراطي لوضع خطط حملته الانتخابية، فقد قال "سوف يكون لي خليفة ديمقراطي، وسأعمل بجد على تحقيق ذلك".

هذه المادة مُترجمة عن وكالة "أسوشييتد برس-AP" للاطلاع على النص الأصلي اضغط هنا

تحميل المزيد