الدّيربي.. وأشياء أخرى !

إذا سألوك عن أجمل "دريبيات" كرة القدم عربياً ومن بين العشرة الأجمل فالعالم، بكل بساطة قُل لهم "ديربي كازا بلانكا" دريبي الرجاء والوداد بالمغرب.

عربي بوست
تم النشر: 2015/12/26 الساعة 00:26 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2015/12/26 الساعة 00:26 بتوقيت غرينتش

إذا سألوك عن أجمل "دريبيات" كرة القدم عربياً ومن بين العشرة الأجمل فالعالم، بكل بساطة قُل لهم "ديربي كازا بلانكا" دريبي الرجاء والوداد بالمغرب.

أجمل وأروع المشاهد الاحتفالية والفرجة يمكن أن تشاهدها فوق مدرجات ملعب محمد الخامس بالبيضاء، يصنعها الجمهور البيضاوي عبر ما يرسمه من لوحات وأعلام.. يرفع من خلالها رسائل إنسانية وحضارية معبرة تعكس حب الفريق وفخر الانتماء إليه، بغض النظر عن عطاء اللاعبين ومستوى اللعب الذي يظهر به كلا الفريقين داخل المستطيل الأخضر عند كل مواجهة.

لكن للأسف كان آخر"ديربي" أقيم الأسبوع الماضي بمثابة نقطة سوداء في تاريخ المواجهات التي جمعت الفريقين، حيث شهد أحداثاً مأساوية تداولت صورها العديد من وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي، صور كشفت لنا عن الوجه الآخر للديربي في نسخته "الدموية" وما تحمله من مشاهد عنف وتخريب وتكسير للملك العمومي وممتلكات المواطنين القاطنين بمحاذاة الملعب، العديد من الفيديوهات تم تداولها بين المواطنين رصدت لنا كيف تحول العرس الكروي إلى عراك بالعصي والحجارة بين أنصار الفريقين.

يُفتح من جديد النقاش حول ظاهرة الشغب والعنف داخل الملاعب عبر وسائل الإعلام، وسيُغلق بعد أيام قليلة ككل مرة تحدث فيها وقائع مشابهة.. نتباكى، نستنكر، ثم ننسى، إلى حين قدوم مناسبة أخرى لتفريغ خزان العنف الذي يحمله جمهور المراهقين بداخلهم والذين يحوّلون ملعب محمد الخامس والمرافق التي تجاوره إلى فضاءات كبيرة لاستعراض مكبوتاتهم والحقد الطبقي الدفين داخلهم، في غياب فضاءات القرب الرياضية والترفيهية والثقافية والفنية وسط أحيائهم الهامشية، عكس أحياء مركز المدينة، الذين يعتبرون أنها تتوفر لديهم امتيازات عديدة وأن ساكنيها اغتنوا على حساب فقرهم.

في كل مرة، نطرح العديد من الأسئلة نبحث لها عن أجوبة.. من قبيل لماذا يتحول عرس في كرة القدم إلى مهرجان للألم، ألم يصِب أسر الضحايا التي ترزأ في أبنائها عند وقوع مثل هذه الحوادث، وما الذي يدفع هؤلاء المراهقين إلى القيام بذلك السلوك العدواني داخل فضاء يفترض أنه للفرجة والمتعة؟

لنجد الكثير من الأجوبة تأتي على لسان المحللين والمختصين في علم الاجتماع والنفس والتربية، يجمعون من خلال تحليلاتهم على أننا نعيش أزمة أخلاق وتربية وكذلك نشهد استقالة جماعية لمؤسسات التنشئة الاجتماعية من الأدوار المنوطة بها والتي من المفترض أن تعمل على التأطير والمواكبة والمتابعة، ويرصدون لنا أيضاً لائحة طويلة تضم مقادير وصفات الكراهية والعنف والعديد من الأسباب والدوافع النفسية والاجتماعية والاقتصادية مرتبطة بالتهميش والإقصاء والفقر والهشاشة الاجتماعية وارتفاع نسب الفشل الدراسي.. كلها أشياء تساهم بشكل مباشر وغير مباشر في ارتفاع منسوب العنف المادي واللفظي لدى فئة المراهقين الذين يرسمون صورة مشوهة في وعيهم الجماعي لرجل الأمن بالدرجة الأولى والذي يعتبر أول من يتم الاحتكاك به ويمثل رمزاً من رموز الدولة وسيادتها.

لابد أن نجد جوابا لسؤال مقلق.. من صنع هؤلاء وكيف؟ لا بد من التأثير في الأسباب كي نحد من الظاهرة، ظاهرة العنف داخل الملاعب!

ملحوظة:

التدوينات المنشورة في مدونات هافينغتون بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

تحميل المزيد